لبنان
02 كانون الثاني 2020, 06:00

الرّاعي في بداية العام الجديد: لا عودة إلى الوراء!

تيلي لوميار/ نورسات
في اليوم الأوّل من العام الجديد، ترأّس البطريرك المارونيّ الكاردينال مار بشارة بطرس الرّاعي قدّاسًا إلهيًّا في بكركي، ألقى خلاله عظة على ضوء إنجيل لوقا 2/ 21 "دعي اسمه يسوع"، فقال:

"1. بإسم يسوع، الله الّذي يُخلِّصُ شعبَه من خطاياهم (متّى 21:1)، نبدأ العام الجديد 2020. ونرجوه سنة خلاصٍ روحيٍّ بنعمته وشهادةٍ لمحبَّته؛ وسنة خلاصٍ للبنان من أزماته السِّياسيَّة والماليَّة والاقتصاديَّة والاجتماعيَّة، وخلاصٍ لسوريا والعراق وفلسطين من ويلات الحروب ونتائجها المدمِّرة للبشر والحجر.
في هذا اليوم الأوَّل من السَّنة، تحتفل الكنيسةبيوم السَّلام العالميّالّذي أنشأه القدِّيس البابا بولس السَّادس منذ ثلاثة وخمسين سنة. واعتاد البابوات منذ السَّنة الأولى على توجيه رسالةٍ بموضوع السَّلام. فوجَّهَ قداسة البابا فرنسيس رسالةً لهذا العام 2020 بعنوان: "السَّلام مسيرة رجاءٍ: حوارٌ ومصالحةٌ وتوبةٌ بيئيَّةٌ". أمَّا في لبنان فيَجري هذا الاحتفال في الأحد الأوَّل بعد رأس السَّنة. ويُقام الأحد المقبل في كنيسة الصَّرح البطريركيّ.
2. يُسعِدُنا أن نحتفل معًا بهذهاللِّيتورجيَّا الإلهيَّةالّتينُكرِّس بها، في بداية العام الجديد،لبنانوالمنطقة لعناية الله، راجين أن يكون هو الموجِّه لأحداثها إلى ما هو خيرٌ وسلام، تمجيدًا لاسمه القدُّوس. وإنَّنا نقدِّمُهاذبيحة شكرٍلله على العام المنصرم، وعلى ما أفاض علينا فيه من خيرٍ ونِعم. ونرفَعُها أيضًاذبيحة استغفارٍ وتوبةٍعن كلّ ما صدر عنَّا من خطايا وإساءات إلى الله والنَّاس.
وإنَّا نرفَعُ ذبيحة التَّكريس والشُّكر والاستغفار هذه، بإسمكنيستنا المارونيَّة، حيثما وُجد أبناؤها تحت كلِّ سماءٍ،وبإسم الشَّعب اللُّبنانيّالّذي يُعاني من الممارسة السِّياسيَّة الّتي أوصَلَت وطننا إلى الهاوية إقتصاديًّا وماليًّا ومعيشيًّا، وحرَمَت أكثر من ثلثه بهجة العيد بسبب فقرهم وعوزهم وحرمانهم. ونفعل ذلكبإسم الشَّبيبة المنتفضة، العابرة للطَّوائف والمذاهب والأحزاب والمناطق، والّتي تَصرُخ منذ أكثر من سبعين يومًا، بصوتٍ واحدٍ مطالبةًبحكومة اختصاصيِّين ذوي خبرةٍ وإنجازاتٍ، ومتحرِّرين من وطأة وضغوط جميع الأحزاب، لكي تتمكَّن من انتشال الدَّولة من قعر الحضيض الاقتصاديّ والماليّ والمعيشيّ الذي أوصلَتهُ إليه ممارسة المسؤولين السِّياسيِّين، إذ كان همُّهم مصالحَهم وأرباحَهم غير المشروعة، فأفرغوا خزينة الدَّولة. لا نستطيع بعد اليوم قبول مثل هذه الممارسة، فالشَّعب بكباره وشبابه يقف بالمرصاد، ولا عودة إلى الوراء. ولذا، يجب تغيير نهج المحاصصات في العمل السِّياسيّ.
3. "دُعيَ اسمُه يسوع" (لو21:2). هو الإسم الّذي أعلَنَه الملاك جبرائيل لمريم (لو31:1)، ثمَّ ليوسف في الحلم (متّى21:1)، للتَّأكيد على أنَّه الإله الذي صار إنسانًا ليُخلِّص كلَّ إنسان. ولا خلاص إلّا باسمه فهو بذبيحة ذاته على الصَّليب افتدى كلَّ الجنس البشريّ، وصالحه مع الله، وفتَحَ أمام الإنسان، كلِّ إنسانٍ، الطَّريق المؤدِّي إلى الخلاص الأبديّ. بهذا المعنىأعلَنَ بطرس الرَّسول:"لا خلاص بأحدٍ غير يسوع، لأنَّه لم يُعطَ تحت السَّماء بين النَّاس، إسمٌ آخر، به ينبغي أن نخلُص" (أعمال12:4).
ليس يسوع ابن الله شخصًا  بعيدًا عنَّا، بل بتجسُّده اتَّحدَ مع كلِّ إنسان ليقطع معه الطَّريق في الحياة، كرفيق دربٍ وصديقٍ وموجِّه. إنَّه حقًّا "عمَّانوئيل" إلهنا معنا."
4. في عيد اسم يسوع، نجدِّد رجاءنا، واثقين أنَّه يُخرجُنا من معاناتنا أيًّا تكن، شرط أن نفتحَ أذهاننا لإيحاءاته وقلوبَنا لشعاع حُبِّه. من أجل هذه الغاية نُصلِّي. فنلتمس من اللهأن يعمَلَ بنعمته في قلوب السِّياسيِّين المعنيِّين بتشكيل الحكومة، بحيث يضعون خير لبنان وشعبه وشبيبته فوق كلّ اعتبار، متخلِّين عن مصالحهم وحساباتهم، وعاملين بروح المسؤوليَّة الوطنيَّة على تسهيل ولادة الحكومة الجديدة القادرة على رفع التَّحدِّيات وكسب ثقة المجتمع الدَّاخليّ والإقليميّ والدَّوليّ بعد خيبات أملٍ كثيرةٍ ضرَبَت شبابَنا اللُّبنانيّ باليأس من الطَّبقة الحاكمة.
هذا ما نرجوه باسم يسوع في افتتاح العام الجديد 2020، رافعين نشيد المجد والتَّسبيح للثّالوث القدّوس، الآب والابن والرّوح القدس، الآن وإلى الأبد، آمين".