لبنان
14 نيسان 2020, 05:00

الرّاعي في قدّاس إثنين الفصح على نيّة فرنسا: للشّهادة لقيامة يسوع بمسلك حياتنا الجديد

تيلي لوميار/ نورسات
ترأّس البطريرك المارونيّ الكاردينال مار بشارة بطرس الرّاعي قدّاس إثنين الفصح، من بكركي، قدّم خلاله الصّلاة- وبحسب التّقليد- على نيّة فرنسا، وإنّما استثنائيًّا هذا العام بغياب السّفير الفرنسيّ في لبنان وطاقم السّفارة، بسبب التّعبئة العامّة والحجر المنزليّ.

وللمناسبة، ألقى الرّاعي عظة قال فيها:

"1. في اليوم الثّالث قام يسوع من الموت، بحسب الكُتُب وبحسب وعده، واكتشف التّلاميذ ذلك عندما رأوا القبر فارغًا، وراح يسوع القائم من الموت يتراءى لهم، فيما هم ظلُّوا غيرَ مُصدِّقين لقساوة صدمة الصَّلب عليهم. فوبَّخهم يسوع على قلَّة إيمانهم. إنجيل اليوم يعدّد شهود القيامة، الّذين تراءى لهم الرّبُّ القائم، ولم يصدِّقوا بعضهم بعضًا. ولكن بعد حلول الرّوح القدس يوم العنصرة جعلوا من كرازتهم بالقيامة أساسَ الإيمان المسيحيّ، لكونها الضَّمانة لثمار الفداء بموت المسيح، الّذي به صالحَ العالمَ مع الله، ولثمار قيامته الّتي هي الحياة الجديدة بالرّوح القدس. وهذه أصبحَت رسالة الكنيسة فيما المسيح حاضرٌ فيها ومعها بكلامه وبسرِّ جسده ودمه وجماعاته المصليَّة.

2. كان التَّقليد التّاريخيّ أنّ البطريرك والأسرة البطريركيَّة بأساقفتها وكهنتها وراهباتها والعاملين فيها، يقدِّمون ذبيحة القدَّاس الإلهيّ على نيَّة فرنسا بحضور سفيرها في لبنان والطّاقم الدّيبلوماسيّ في السّفارة. لكنّ قرار التّعبئة العامّة والحجر المنزليّ، بسبب تفشِّي فيروس كورونا، حالَ دونَ إمكانيَّة حضور السّفير الفرنسيّ ومعاونيه إلى الكرسي البطريركيّ للمشاركة. فأبقينا الاحتفال بهذه اللّيتورجيَّا الإلهيَّة على نيَّة فرنسا كما اتَّفقنا مع سعادة السَّفير. وقد كتبَ لنا في هذا الشَّأن رسالة المعايدة.

إنَّنا نصلّي على نيَّة فرنسا، رئيسها السيّد Emmanuel Macron والشّعب الفرنسيّ، ونرجو من سعادة السَّفير Bruno Foucher أن ينقل إليهم تهانينا وتمنِّياتنا بالعيد. كما نعرب عن هذه التّهاني والتّمنّيات له ولمعاونيه في السّفارة الفرنسيّة في بيروت.

3. أودّ في المناسبة أن أعرب باسم كنيستنا المارونيّة والكرسيّ البطريركيّ وبإسمي الشّخصيّ، مع الشَّعب اللّبنانيّ والمسؤولين، عن الامتنان والشّكر لما قدَّمته فرنسا للبنان في مواجهة التّحدّيات الاقتصاديّة والاجتماعيّة ولاسيّما في المجال الطّبّيّ المرتبط بفيروس كورونا. فمنذ التّاسع من آذار، وهو بداية ظهور وباء corona المعروف بـCOVID 19، قدَّمت فرنسا هبات لحماية الجهاز الصّحّيّ العامل دونما انقطاع في المستشفيات اللّبنانيّة من أجل معالجة المصابين، وتجنّب حالات جديدة. كما قدَّمت كمّية كبيرة من الأدوية وفقًا لما تقدّره منظّمة الصّحّة العالميّة لمعالجة ما بين 45 و50 ألف شخص، وسبعة عشر ألفًا منهم يدخلون المستشفى. وبما أنّ قطاع الصّحّة العامّة هو من أولويّات التّعاون مع لبنان، قرّرت الوكالة الفرنسيّة للإنماء تخصيص قسم من برامجها الإنمائيّة لحالات الطّوارئ المرتبطة بوباء كورونا، ولاسيّما في إطار المشروع الّذي تتّبعه اللّجنة الدّوليّة للصّليب الأحمر لصالح مستشفى رفيق الحريري في بيروت. كما أنّ ثمّة مساعدات فرنسيَّة أخرى قيد التّحضير. وتواصل فرنسا دعم اللّاجئين إلى لبنان عبر منظّمة الأمم المتّحدة لإغاثة اللّاجئين (UNRWA) والوكالة الدّوليّة العليا في ما يختصّ بمعالجة المصابين بوباء كورونا. ومعلوم أنّ فرنسا من جهتها تعاني من تفشّي فيروس كورونا على أرضها لكنّها تعتبر أنّ بالتّعاون الدّوليّ يُمكن الحدّ من انتشار هذا الوباء.

4- إنّنا إذ نقدّم هذه الذّبيحة المقدَّسة على نيّة فرنسا، نُعرِب لرئيسها وشعبها وسفيرها عن عميق امتناننا وشكرنا، راجين لفرنسا صديقة لبنان دوام الخير والنّجاح والازدهار.

5. بالعودة إلى إنجيل اليوم، إنَّنا كمسيحيّين، وبحكم المعموديّة والميرون، مدعوّون لنكون شهودًا لقيامة الرّبّ يسوع بمسلك حياتنا الجديد، وثقافتنا الإنجيليّة، وحضارة الألفي سنة الّتي كانت دائمًا لخير الإنسان والبشريّة جمعاء. إنَّها حضارة المحبَّة المعزِّزة للحقيقة والعدالة وحرّيّة أبناء الله، والسّلام وللأخوَّة بين النّاس.

فللّه الآب والابن والرُّوح القدس، الّذي استودعنا هذه الشّهادة نرفع المجد والتّسبيح، الآن وإلى الأبد، آمين".