الراعي: مجتمعنا يفقد الكثير من قيمه كما الشرق حيث يتزايد الارهاب فبتنا بحاجة الى إعلان ثقافة إنجيل الأخوة والسلام
وحضر القداس الوزيران السابقان جو سركيس ويوسف سعادة، قائمقام كسروان-الفتوح جوزف منصور، السفير شربل اسطفان، قدامى الاكليريكية البطريركية -غزير، مكتب راعوية المرأة في البطريركية المارونية وحشد من المؤمنين.
بعد الانجيل المقدس ومباركة الماء، ألقى الراعي عظة بعنوان "هو يعمدكم بالروح القدس والنعمة"، قال فيها:" في عيد الغطاس عيد الدنح، نختتم كل مراحل حياة الرب يسوع الخفية في الناصرة ونفتتح حياته العالمية ورسالته، والعيد يحمل إسمين وبعدين، الاسم الاول الغطاس معمودية يسوع في نهر الاردن، والثاني هو الدنح اي الرب يسوع اعتلم معه ابن الله سر الثالوث الاقدس. ويسعدني ان نختم معكم الاعياد الميلادية وأقدم لكم التهاني بعيد الغطاس "دايم دايم" بدوام النعم الالهية عليكم جميعا وعلى عائلاتكم وعلى وطننا لبنان، ودايم سلام الرب على هذه المنطقة المعذبة بالحروب والعنف والارهاب والتعدي على الابرياء".
أضاف: "نحن نبارك في هذا القداس المناسبة الماء، علامتين: إن ما نرسمه على جباهنا وفي كل مرة ندخل الكنيسة نحن نصفي العقل والضمير لكي نصغي الى كلام الله ونحمله بركة الى بيوتنا ونرسم به افراد العائلة ولا سيما مرضانا والمسنين ونبارك بيوتنا لنكرسها لله بخدمته من خلال خدمة العائلة وأفرادها، ويسعدني اليوم ان نرحب في ما بيننا بسيادة المطران جوزف طوبجي مطران حلب نقدم له التهنئة وكل أبناء حلب بأن الحديد والنار "انتهوا" ونحن نأمل ان يتمكن أبناء حلب من العودة اليها وبناء حياتهم فيها من جديد، ونقول له ومن خلاله للجميع "الحمدلله على السلامة"، وكل الضحايا التي سقطت ودفعت الثمن والدماء التي أريقت تكون لسلام المدينة وسلام سوريا وسلام العراق وفلسطين ولكل هذه الارض المقدسة التي فيها كل الاسرار الالهية، وظهورات الرب حيث ان كل ظهورات الله حصلت في هذه المنطقة من العالم التي جعلها البشر من خلال حقدهم وسياساتهم ومصالحهم ارض الحديد والنار، نحن نصلي ونعلم ان الرب يسوع الذي افتدى البشر هو سيد التاريخ وصلاتنا دائما هي ذاتها التي تختتم فيها كل الكتب المقدسة، تعالى ايها الرب يسوع اظهر تجلياتك يا ملك السلام في عالمنا، وعلى الأكيد لا نستطيع ابدا ان ننسى اهالي كل الضحايا الذين سقطوا اينما كان ونقدم لهم التعزية مجددا ولكل حاملي الجراح والإعاقات. هذه علامات الرب يسوع لخلاص العالم، نذكرهم جميعا في صلاتنا".
وتابع: "يسعدني أن يكون معنا اليوم المونسينيور نبيه الترس خادم رعيتنا في عمان والمؤتمن على بناء كنيسة مار مارون على المغطس في نهر الاردن في المكان الذي فيه اعتمد الرب يسوع، حيث ان المملكة الاردنية وضعت بتصرف كل الكنائس قطعة ارض كي تبني مجددا كنائس تكون مزارات عالمية لأبناء كنيستهم، ونحن نتمنى للمونسينيور الترس ولكل الموارنة في العالم أن يكون هذا المشروع وبناء كنيسة مار مارون على المغطس مزارا عالميا لكل الموارنة".
وقال: "هو يعمدكم بالروح القدس والنار هذه شهادة يوحنا المعمدان عن الرب يسوع، وهو يقول "انا أعمدكم بالماء وبالتوبة"، وفي الواقع كان يوحنا يعمد بالماء والتائبين كانوا يلتمسون الغفران من الله قبل ان يفتدي الرب يسوع جميع البشر، ولكنه قال "معموديتي ليست بشيء أمام معمودية هذا الآتي الذي يعمدكم بالروح القدس والنار"، معموديتي خارجية اما معموديته داخلية، هذه هي معموديتنا التي تحدث عنها يوحنا التي قبلناها نحن عندما كنا أطفالا حيث اعتمدنا بالروح القدس والنار، بالروح القدس والنار هي كلمة واحدة لكن معموديتنا بالروح القدس هي بالماء، منها ولدنا من جديد مثلما عبر الرب يسوع لنيقوديموس فأسماها الولادة الثانية الولادة الجديدة وكل هذا يشرح الكلام ذاته أن نعمد بالروح القدس، يعني أن الروح الإلهي ينفخ في المعمد والمعمدة الحياة الالهية".
أضاف: "تماما ومن بداية الخلق ومن سفر التكوين كان الروح يرفرف فوق المياه، عندما خلق الله الانسان نفخ فيه روحا من روحه، الروح القدس في المعمودية ينفخ فينا الحياة الجديدة، الحياة الإلهية التي فيها يشركنا الرب يسوع في حياته ومماته، وفعل الروح القدس هذا يشبهه يوحنا بالنار، فكما النار تقوم بالتطهير وبالتنقية من الفيروسات والروح القدس يطهر داخل الانسان ويتلف خطاياه، وكما النار التي تنور وتعطي الضوء فالروح القدس للمعمد والمعمدة يعطي نورا داخليا وهو ينورنا بإمكاناته، وكي نفهم ونستنير بكلام الله وهكذا فإن المعمدين اسمهم المستنيرين ويدركون سر الله وسر الوجود، وكما النار تدفىء فان الروح القدس يعطي دفء الحب والرحمة والفرح والعطاء في المعمدين، هذا هو كلام يوحنا المعمدان الذي قال فيه "أن معمودية يسوع أقوى وأفعل من معموديتي"، هذه ثقافتنا المسيحية، هذه معموديتنا حيث في مثل هذا النهار نتذكر سر عمادنا وقبولنا الحياة الالهية كي نلتمس نعمة المحافظة عليها، هذا إضافة الى سر التوبة المعمودية الثانية التي من خلالها نعود ونستعيد الحياة الإلهية ونغذيها بجسد الرب ودمه في سر القربان، وحياة الانسان هي سعي مستمر كي تكون على مقياس حياة يسوع المسيح كما قال بولس الرسول، وهذا ما نحن مدعوون الى عيشه من خلال أعمالنا وتصرفاتنا ومبادراتنا وبعلاقاتنا مع الناس، هذا هو الغطاس معموديتنا، ونحن بحاجة دائما الى نعمة المسيح ومساعدته كي نعلن سره من خلال أعمالنا وأقوالنا وكي نستطيع عكس وجهه. ومن هنا قيمة الصلاة والتأمل والممارسة الدينية والأسرار، وإلا لا استطيع عكس هذه الصورة".
وقال:"نحن في مثل هذا اليوم نتذكر كل ذلك ونصلي كي نعود ونستعيد هويتنا المسيحية، وهذه رسالتنا التي تشكل ثقافتنا المسيحية المدعوة للدخول في ثقافات كل العالم، ونعمل فيها من الداخل كما الخميرة في العجين، ونحمل قيمنا المسيحية للثقافات الاخرى التي نعيش معها، هذه هي كل قيمة حياتنا المسيحية، هذه هي معاني العيد ببعديه الغطاس والدنح".
وختم الراعي بالقول: "إن مجتمعنا اللبناني بحاجة الى تطوير، وهو يفقد الكثير من قيمه، وفي هذا الشرق المعذب يتزايد فيه الحقد والبغض والحرب والعنف والدماء والارهاب، فبتنا بحاجة أكثر وأكثر الى إعلان ثقافة إنجيل الأخوة والسلام وكرامة وقدسية الحياة البشرية كي يتمجد دائما الثالوث القدوس".
بعد القداس، استقبل الراعي المؤمنين المشاركين في الذبيحة الالهية للتهنئة بالعيد.