الفاتيكان
19 تشرين الثاني 2018, 12:41

الرّاعي يترأّس قدّاس الأحد في كنيسة مار مارون المعهد الحبريّ المارونيّ – روما

ترأّس البطريرك الكردينال مار بشارة بطرس الرّاعي مساء الأحد 18 تشرين الثاني/ نوفمبر 2018، الذّبيحة الإلهيّة في كنيسة مار مارون في المعهد الحبريّ المارونيّ في روما، عاونه لفيف من المطارنة والآباء وذلك افتتاحًا لزيارة الأعتاب الرّسوليّة التي تقوم بها الكنيسة المارونيّة إلى حاضرة الفاتيكان. وحضر القدّاس حشد من أبناء الجالية اللّبنانيّة يتقدّمه سفير لبنان لدى الكرسيّ الرّسوليّ فريد الخازن وسفيرة لبنان لدى الدّولة الإيطاليّة ميرا الضّاهر وعدد من المسؤولين الإيطاليّين. وكانت مناسبة جرى خلالها التّسلم والتّسليم بين المونسنيور طوني جبران والخوري هادي ضو في خدمة الرّعية المارونيّة والمعهد الحبريّ الذي يرأسه المطران فرنسوا عيد.

 

بعد الإنجيل المقدّس، ألقى الرّاعي عظة بعنوان: "وظهر الملاك لزكريّا عن يمين مذبح البخور"، وقال فيها: "ثلاث مناسبات تجمعنا في هذا الأحد حول هذه الذّبيحة الإلهيّة. الأولى ليتورجيّة وهي تذكار البشارة لزكريّا بيوحنا السّابق ليسوع والمعلنة؛ الثّانية كنسيّة وهي زيارة أعتاب القدّيسَين الرّسولين بطرس وبولس اللّذين بشّرا روما واستشهدا فيها سنة 67؛ والثّالثة راعويّة وهي نهاية خدمة المونسنيور طوني جبران لرعيّة القدّيس مارون، وبداية خدمة خلفه الخوري هادي ضو.

 

 أحد تذكار بشارة الملاك جبرائيل لزكريّا الكاهن وامرأته إليصابات بولادة يوحنّا في بيتهما هو بداية زمن الميلاد. فبعد ستّة أشهر بشّر الملاك جبرائيل إيّاه مريم عذراء النّاصرة بأنّ منها يولد يسوع ابن الله بقوّة الرّوح القدس. فكان ميلاد يوحنّا بمثابة الفجر الذي ينبئ بطلوع الشّمس. لذا يُدعى يوحنا السّابق للمسيح الذي أعلن قدومه، ودعا النّاس للاستعداد لاستقباله بالتّوبة وتبديل تصرّفاتهم، ومارس لهذه الغاية المعموديّة في نهر الأردنّ، مردّدًا: "توبوا، لقد اقترب ملكوت الله".

 

هذا التّذكار بكلّ مفاهيمه يدعونا للدّخول في مسيرة الاستعداد للميلاد، بحيث نهيّئ نفوسنا بالصّلاة وتغيير طريقة حياتنا إلى الأفضل، كي يولد المسيح فينا، فنلبس "الإنسان الجديد"، "ونخلع القديم"، على ما كتب بولس الرّسول.

 

كنسيًّا، البطريرك ومطارنة الكنيسة المارونيّة نقوم بزيارة الأعتاب الرّسوليّة، وتدعى كذلك لأنّها زيارة ضريحي القدّيسين الرّسولين بطرس وبولس اللّذين بشّرا بإنجيل المسيح روما عاصمة الإمبراطوريّة الرّومانيّة الوثنيّة واستشهدا فيها: بطرسُ صلبًا على تلّة الفاتيكان، وهي إحدى تلال روما السّبع، وبولس بقطع رأسه خارج أسوار المدينة، بأمر من الإمبراطور الطّاغية نيرون سنة 67. فتأسّست على دمائهما ودماء الشّهداء الكنيسة الرّومانيّة، وأضحت روما الوثنيّة كرسيّ بطرس وخلفائه وعاصمة الكثلكة.

 

هذه الزّيارة من قبل البطريرك والأساقفة هي زيارة حجّ تقويّة لتجديد الإيمان باسم كنيستنا المارونيّة، إيمان بطرس وبولس. وهي زيارة كنسيّة تتضمّن لقاء مع قداسة البابا فرنسيس حول هويّة كنيستنا ورسالتها والتّحدّيات الرّاعويّة التي تواجهها في لبنان والشّرق الأوسط وبلدان الانتشار. وتتضمّن أيضًا لقاءات مع الكرادلة رؤساء المجامع والمجالس والمحاكم وأمانة سرّ دولة الفاتيكان للتّعارف المتبادل بشأن كنيستنا، ونشاطات هذه الدّوائر التي تعمل بإسم قداسة البابا وتوجيهاته.

 

أمّا راعويًّا، فنقيم هذه الذّبيحة الإلهيّة على نيّة رعيّتنا وجاليتنا في روما، أحياءً وأمواتًا. وفي المناسبة ينهي المونسنيور طوني جبران خدمتها بعد اثنتي عشرة سنة، جمع فيها الشّمل وكوّن الرّعيّة بموآزرتكم وتضحياتكم ولاسيّما لجنة الرّعيّة. فتحقّق فيها خير روحيّ كبير. إنّنا نشكره وندعو له بالخير في خدمته الجديدة في لبنان. وفي المناسبة أيضًا يبدأ خلفُه الخوري هادي ضو خدمته بدوره. فندعو له بالنّجاح فيها لمجد الله وخلاص النّفوس، ويستطيع ذلك من دون شك بموآزرتكم وتعاونكم، وتوجيهات سيادة أخينا المطران فرنسوا عيد وكيلنا البطريركيّ لدى الكرسيّ الرّسوليّ، ورئيس معهدنا الحبريّ هذا.

 

وفيما يستعدّ لبنان واللّبنانيّون للاحتفال بعيد الاستقلال الخامس والسّبعين، نسأل الله أن يحفظ هذا "الوطن النّموذج والرّسالة" كما سمّاه القدّيس البابا يوحنّا بولس الثّاني. ونصلّي إلى الله، بشفاعة أمّنا العذراء سيّدة لبنان وأبينا القدّيس مارون، كي يلمس ضمائر المسؤولين السّياسيّين ويحرّرهم من مصالحهم وحساباتهم وأسر مواقفهم، فيفرجون عن تأليف الحكومة الجديدة التي ينتظرها اللّبنانيّون والأسرة الدّوليّة منذ خمسة أشهر. وهكذا تبدأ عمليّة النّهوض الاقتصاديّ والاجتماعيّ والإنمائيّ، التي من شأنها أن تُخرج اللّبنانيّين من حالة الفقر والبطالة.

 

لتكن معنا جميعًا ودائمًا محبّة الله ورحمته، الآب والابن والرّوح القدس، الآن وإلى الأبد، آمين."