ثقافة ومجتمع
28 أيلول 2016, 07:45

الزّواج المبكر... كفى!

ريتا كرم
أعادت الكنيسة القبطيّة الأرثوذكسيّة، الأسبوع الماضي، تأكيد معارضتها على الزّيجات المدبّرة الّتي تشمل القاصرين بخاصّة أنّها تسبّب مشاكل صحّيّة ونفسيّة وجسديّة كثيرة. مع هذا الإعلان، تعود إلى الذّهن مشاهد كثيرة رصدتها أعيننا وأخبار عديدة سمعتها آذاننا وذُهلنا لفظاعتها.

 

كلّنا سمعنا عن مجتمعات لا تزال، بالرّغم من كلّ التّطوّر والتّقدّم، تزجّ ببناتها في أقفاص الزّواج تحت التّهديد، إذ أشارت إحصاءات إلى أنّ 14 مليون طفلة يمتنَ سنويًّا بسبب الاغتصاب والزّواج المبكر.

هلّا فكّرتم للحظة بما يخسرنه لمجرّد إغصابهنّ على هذا العمل العنيف؟

هو أوّلاً، يمنع تلك الفئة البريئة من أن يعشن عمرهنّ، فيكبرنَ فجأة.

هنّ يُسحبن من وسط أحلامهنّ الورديّة، تُنزع منهنّ دميتهنّ فيحوّلهنّ المجتمع إلى دمية يحرّكها كما يشاء، ويقرّر "سترهنّ" وهنّ ربّما لم يكملن عامهنّ التّاسع أو الثّاني عشر... فيلبسن الأبيض وهنّ لا يزلن يكتشفن سحر الألوان وجمالها.  

هنّ لم يتغذّين كفاية من حنان الأب وعطف الأمّ لأنّ هذين جفّ نبع العطاء لديهما، فقدّما طفلتهما إلى رجل- غالبًا ما يتخطّى سنّه ضعف سنّ "عروسه"- وهي ما رأت من الحياة شيئًا ولا ذاقت طعم الحبّ أصلاً ولا فقهت بأعمال المنزل ولا بواجباتها الزّوجيّة.

هنّ حُرمن من العلم، فقُمعت طموحاتهنّ وكُتب لهنّ الجهل لمدى الحياة، فحتّى فرصة أن يساعدن أولادهن في المستقبل بدروسهنّ بات مستحيلاً. هنّ ضحيّة جهل أهلنّ ومحيطهنّ.

واليوم، مع الأصوات المنادية بوقف هذا العنف على القاصرات، نرفع الصّوت من أجل إبرام قوانين تمنع الزّواج المبكر لمن لم تتخطّ الثّامنة عشرة من العمر؛ ونقول: كفى عنفًا وجهلاً واستغلالاً! كفى اختراقًا لحقوق الطّفل والإنسان! كفى استعبادًا لأطفال لم يروا من الحياة إلّا مرّها!