العبسيّ في وداع المطران بولس البرخش: تفقد كنيستنا اليوم أخًا تحلّى بالحكمة والفطنة والكلمة الحقّ والشّجاعة والاستقامة
خلال الصّلاة، ألقى العبسيّ كلمة قال فيها: "بلغ إلينا نبأ انتقال أخينا سيادة المطران بولس البرخش متروبوليت بصرى وحوران وجبل العرب سابقًا، إلى ملكوت السّماوات تاركًا في قلوبنا حزنًا يجلّله رجاؤنا بالوعد الّذي قطعه لنا السّيّد المسيح بأنّ من آمن به وإن مات فسيحيا. تفقد كنيستنا اليوم أيضًا حبرًا جليلاً من أحبارها ولمّا يمض شهر على انتقال أخينا المثلّث الرّحمة المطران يوحنّا حداد. نفقد اليوم أخًا عرفناه كلّنا كاهنًا ومطرانًا في السّينودس وخارج السّينودس قضى معظم أيّام خدمته في أبرشيّة بصرى وحوران وجبل العرب الّتي أحبّها حبًّا جمًّا، أحبّ شعبها وأرضها وبذل نفسه من أجلها.
أحبّ أبناءه المؤمنين فبادلوه المحبّة بالمحبّة، وشاركهم في حياتهم في السّرّاء والضّرّاء حتّى عدّوه واحدًا منهم، وعرفهم كما يعرف الرّاعي خرافه فتبعوه بثقة وأمان. وأحبّ أبناءه الكهنة الّذين زاد عددهم في أيّامه فكان يعتني بهم ويعطف عليهم ويرعاهم واقفًا على حاجاتهم ومشجّعًا إيّاهم على التّزوّد بكلّ ما يساعدهم في خدمتهم الكهنوتيّة، فأحبّوه والتفّوا من حوله وكانوا له مطيعين. وأحبّ شعب تلك الأرض الّذي يدين بمعظمه بالإسلام فتوطّدت بينه وبينهم علاقات احترام وتعاون حتّى لقّبوه بمطران العرب فكانوا خير نصير له في الأيّام الصّعبة.
بنى الكنائس والأناطيش ومراكز التّعليم المسيحيّ الكثيرة، يزورها بلا انقطاع زارعًا الإيمان والرّجاء والمحبّة. أحبّ الفقر وعاش ومات فقيرًا. وتحلّى بالحكمة والفطنة والكلمة الحقّ والشّجاعة رائده الاستقامة. وكان رجل الصّلاة يستعين بها على عيش حياة كهنوتيّة نقيّة. ولما بلغ السّنّ القانونيّة وسلّم الأمانة إلى خلفه رجع إلى ديره في حريصا يقضي أوقاته بالصّلاة والمطالعة وعيش الأخوّة بتلك الحياة البسيطة الّتي انطبع بها لا يميّزه شيء عمّن معه إلى أن دعاه ربّه في الأمس إلى جواره، إلى فرحه.
تعزيتي القلبيّة الحارّة إليكم جميعًا أيّها الإخوة الأحبّاء، وإلى الجمعيّة البولسيّة، وإلى راعي أبرشيّة بصرى وحوران وجبل العرب سيادة المتروبوليت إلياس الدّبعي، وإلى كهنة وأبناء هذه الأبرشيّة المحبوبة، وإلى ذوي فقيدنا الغالي وأصدقائه ومحبّيه ومعارفه. أراحه الله تعالى في ملكوته مع الأبرار والقدّيسين وجعل ذكره مؤبّدًا".