لبنان
05 أيلول 2022, 11:15

العبسيّ مترئّسًا احتفال تنصيب المطران جان ماري الشّامي: لن نيأس أو نخاف وسننجح دائمًا

تيلي لوميار/ نورسات
ترأّس بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للرّوم الملكيّين الكاثوليك يوسف العبسيّ الاحتفال اللّيتورجيّ لتنصيب المطران الجديد جان ماري الشّامي نائبًا بطريركيًّا عامًّا على مصر والسّودان وجنوب السّودان، عاونه فيه المطرانان جورج بقعوني وروبير ربّاط وشاركه المطارنة جاورجيوس حدّاد، ابراهيم ابراهيم، إيلي الحدّاد، يوسف كلّاس، الياس رحّال، عصام درويش وكيرلّس بسترس. كما شارك رؤساء عامّون ورئيسات عامّات وكهنة.

حضر الاحتفال: وزير الشّؤون الاجتماعيّة هكتور حجّار، القائم بأعمال السّفارة البابويّة في لبنان جيوسيبي فرانكوني، والمطارنة: بولس عبد السّاتر، ميشال عون وسيزار أسايان، القائم بأعمال السّفارة المصريّة هاني خضر، وأهل واصدقاء المحتفى به وحشد من الأساقفة والكهنة والرّاهبات والمؤمنين.

بعد الإنجيل المقدّس، ألقى العبسيّ عظة قال فيها: "فرحة الكنيسة اليوم كبيرة إذ قد أنعم الله عليها بابن جديد هو الأب جان ماري شامي، من أبرشيّة بيروت المحروسة، الّذي نال منذ قليل الدّرجة الأسقفيّة ليكون نائبًا بطريركيًّا في مصر والسّودان، بعدما كان انتخبه سينودس كنيستنا الّذي انعقد في شهر حزيران الفائت في مدينة روما ووافق قداسة البابا فرنسيس على انتخابه."  

أضاف: "تقدّم إلى العمق والق الشّبك. هذا الأمر الّذي أعطاه السّيّد المسيح لبطرس العائد من الصّيد فارغ الشّباك واليدين. يعني إلى حيث الخطر والمغامرة. بطرس العارف أحوال البحر وأمور الصّيد يعرف أنّ أمر السّيّد مناف لأصول عمل الصّيّادين، لمنطق مهنتهم ولخبرتهم اليوميّة. لذلك أجاب السّيّد باسمك ألقي الشّباك، أيّ بما معناه: لو عاد الأمر إليّ لما أطعتك. لأنّ منطق الصّيد يقول لا سمك الآن في البحر حيث نصطاد في المعتاد. لكن إذا كنت أنت يا ربّ تريد أن ألقي الشّباك هناك في العمق فسأذهب وألقيها لأنّك أنت تطلب ذلك منّي."  

وتابع: "ها هو السّيّد نفسه قد باغتك وقال لك، يا سيّدنا جان ماري، قم، تقدّم إلى العمق وألق هناك الشّباك. انطلق من بيروت إلى القاهرة. أترك كلّ ما اعتدت أن تعمله وتعيشه وترتاح إليه وتحقّق فيه أحلامك وتطلّعاتك وتحيا حياتك واذهب إلى حيث أريدك، إلى حيث لا تعلم ماذا ينتظرك. إلى مكان جديد وأناس جديدين، وعمل جديد، وعيش جديد، وتقاليد وعقليّات ومفاهيم جديدة... وفجأة أيضًا نظرت إلى ذاتك فلم تر أنّ ذلك ممكن، لكنّك أجبت السّيّد بما أجاب به بطرس: يا ربّ باسمك أنطلق. وهكذا سرت في الطّريق الّتي سار فيها الكثيرون ممّن سبقونا من الّذين دعاهم الرّبّ، من إبراهيم أبي الآباء إلى يوسف خطيب العذراء، ومن الّذين ما زالوا إلى اليوم يقولون للسّيّد: ها أنذا يا ربّ فليكن بحسب قولك. إنّما فرق بينك وبين بطرس. أنت تعلم الآن أنّ بطرس قد حاز، باسم يسوع، الكثير من السّمك حتّى كادت الشّباك أن تتمزّق.أنت تعلم الآن أنّك إذا ذهبت باسم يسوع، وأنت ذاهب كذلك، سوف تحصل على الكثير بلا شك، سوف تنجح لأنّ بطرس سبقك إلى ذلك".  

وقال: "قد يحصل لنا في بعض الأوقات حين يطلب الرّبّ منّا أمرًا أن نتردّد أو نيأس أو نخاف لعلمنا بضعفنا. لا، لا يحقّ لنا أن نيأس مع الله. وحدنا، قد ننجح أو نفشل. إلّا أنّنا، مع الله، لا نفشل بل ننجح دومًا، إذ كيف الّذي يهتمّ بالعصافير والزّهور لا يهتمّ بنا؟ إنّ الله فاعل وناجح على الدّوام وواثق بنا ربّما أكثر ممّا نثق نحن بأنفسنا وأكثر ممّا نثق نحن به. إن نحن انتابنا تردّد أو يأس عندئذ فقط نفشل بل نغرق كما غرق بطرس في المشي على البحر. فلا تتردّد. ألقِ الشّباك باسمه. انطلقْ".

أضاف: "كيف تتردّد، أيّها الأخ المحبوب، أو تيأس أو تخاف، وقد قلتَ على لسان بولس في الرّسالة إلى أهل فيليبّي إنّ ما كان لك أو ما هو الآن لك، ممّا يُعدّ ربحًا، قد عددته اليوم خُسرانًا من أجل المسيح، بل تعدّ كلّ شيء خُسرانًا وفي كلّ شيء لا ترى سوى أقذار حتّى تربح المسيح؟ أنت تارك الآن ما اكتنزتَ خلال سنوات لاسيّما في خدمتك الرّعويّة وفي عملك مع الصّمّ والبكم بنوع خاصّ. إلّا أنّ الرّبّ يسوع قد خزّن لك، "صمّد" لك كلّ ما ربحت وسوف يسلّفك إيّاه، يعيده إليك رأسَمال جديدًا في عملك القادم. مع الرّبّ يسوع لا يَضيع شيء. ألم يقل لنا إنّ "من سقاكم كأس ماء بما أنّكم للمسيح فالحقّ أقول لكم إنّه لا يُضيع أجرَه"؟  لستَ ذاهبًا صفرَ اليدين بل محمّلٌ بما اكتنزتَ، حاملٌ يسوع".

وقال: "أن نحمل يسوع إلى النّاس. هذه هي رسالتنا. إذا كنّا نَعدّ حقًّا أنّ يسوع هو ربحنا، إذا كنّا صادقين بأنّ يسوع هو كنزنا، إذا كنّا متيقّنين أنّ يسوع هو فرحنا وسلامنا فمن واجبنا أن نعلن ذلك وأن نقنع النّاس بذلك. لا نذهب نحن إلى النّاس، لا يأتي النّاس إلينا، لكي يسمعوا كلامًا في الأخلاق واللّاهوت والفلسفة والآداب. في مستطاعهم أن يتعلّموا هذا من مصادر أخرى، من دساتير العالم وقوانينه، من دياناتٍ وفلسفات كثيرة. أمّا المطلوب منّا نحن تلاميذَ يسوع فهو أن نجعلهم يعرفون يسوع ويعرفون بواسطته الآب فيحصلوا على الخلاص وعلى الحياة الوافرة. "لقد حضرتُ إليكم في ضعف وخوف وارتعاد كثير، يقول بولس لأهل كورنثُس، ولم يكن كلامي وكرازتي بما لكلام الحكمة من بلاغة"، "لأنّي حكمت بأن لا أعرف شيئًا في ما بينكم إلّا يسوع المسيح وإيّاه مصلوبًا". ماذا يُفرح النّاس، أن لا يخطأوا أم إذا ما خطئوا أن يعرفوا أنّ يسوع يغفر لهم ويخلّصهم، أنّه يحبّهم؟ أنت منطلق إلى أناس تجهلهم لكنّك تعلم شيئًا واحدًا أكيدًا أنّ يسوع يحبّهم وأنّ عليك بالتّالي أن تكشف لهم عن هذا الحبّ، أن تنقله إليهم بأن تسير معهم كما يسير الرّاعي الصّالح مع خرافه بالطّريقة الّتي وصفها يسوع. أن تسير معهم على دروب حياتهم في قوّتهم وشجاعتهم وأحلامهم لكن في ضعفهم، في خطيئتهم، في خوفهم، في قلقهم، أيضًا. بهذه الطّريقة يعرفون أنّهم أبناؤك وأنّ لهم حظوةً في عينيك، كما عرف ذلك موسى وشعبه بمسير الله معهم، وكما عرف يسوع ومريم في الطّريق إلى مصر إذ كان يوسف يسير معهم".  

وأردف: "قم خذ الصّبيّ وأمّه واذهب إلى مصر". هذا ما يقوله الرّبّ اليوم لك أيضًا أيّها الأخ الحبيب. أن تأخذ معك يسوع والسّيّدة العذراء وتسير، وأن تأخذهما وحدهما، لا شيء غيرهما، لا عصًا ولا مزودًا ولا خبزًا ولا فضّة كما يوصي الرّبّ يسوع. خذ يسوع واكسره لأبنائك. عندئذ يعرفون أنّك قادم باسمه، أنّك فاعل باسمه. إنّ لك في اسمك أعظمَ شافعين في ليترجيّا كنيستنا، العذراء والمعمدان، القلب الصّامت والصّوت الصّارخ. كن شفيعًا على غرارهما. كن شفيعًا في شعبك لدى السّيّد. هذا هو عملنا الأوّل والجوهريّ. أن نشفع في شعبنا. أن نصلّي إلى الله من أجله. لكي يحميه ويحفظه ويقدّسه ويوفّقه ويخلّصه. وفي ذهابك إلى مصر نرافقك كلّنا بالصّلاة والدّعاء ويرافقك بنوع خاصّ هؤلاء الّذين أرادوا أن يكونوا مشاركين اليوم في الصّلاة، أولادُك الّذين وهبتهم حياتك وأحببتهم حتّى جعلتهم ينطقون ويسمعون بما هو أقوى وأفعل من الأذن واللّسان، ينطقون ويسمعون بالقلب، بالحبّ، بأجملِ وأبسط لغة أعطانا الله إيّاها. هذه اللّغة الّتي، قلتَ لي، هي زادك، هي لغتك حيث أنتَ ذاهب وأشكر سيادة المطران جورج بكر الّذي أعطى أبىرشيّته بمحبّة وتفان، وأهنّئ بالمطران الجديد أولادَنا المحبوبين في الكنيسة الّتي في مصر والسّودان كهنةً ورهبانًا وراهباتٍ وعلمانيّين وأدعوهم إلى أن يفتحوا له القلوب ويستقبلوه بالسّرور والمحبّة، أن يلتفّوا حوله ويعضدوه في خدمته وإلى أن يعيشوا معًا بمحبّة واحترام وانفتاح وتواضع فيكونوا رعيّةً واحدة لراعٍ واحد".

وإختتم: "أهنّئكم أنتم أيّها الأحبّاء الحاضرون الّذين تشاركون أخانا جان ماري في هذا الاحتفال الكنسيّ المقدّس ولاسيّما أولادِ سيّدنا المحبوبين (الصّمّ والبكم) الّذين تنطق عيونهم بالحزن والفرح معًا. أهنّئ الوفد الّذي جاء من مصر ليشارك في هذه الصّلاة ويعبّر عن محبّة أبناء مصر وعن ولائهم لراعيهم الجديد. وإذ أرحّب بسيّدنا جان ماري عضوًا جديدًا في سينودس كنيستنا الرّوميّة الملكيّة الكاثوليكيّة أرفع معكم جميعًا إلى الله تعالى الصّلاة الّتي ترفعها الكنيسة من أجل المرتسم الجديد".

وكانت كلمة للمطران الجديد شكر فيها البطريرك العبسيّ وكلّ المشاركين .

وفي الختام سلّم العبسيّ المطران الشّامي عصا الرّعاية .