متفرّقات
07 تشرين الأول 2020, 09:15

العدد الجديد لمجلة مرايا التراث: الأسواق القديمة ذاكرة بيروت التراثية ودولة لبنان الكبير

الوكالة الوطنيّة للإعلام
صدر "مركز التراث اللبناني" في الجامعة اللبنانية الأميركية (LAU ) العدد الثاني عشر (ربيع - صيف 2020) من مجلته الـمحكمة نصف السنوية "مرايا التراث"، وهو في 160 صفحة أبحاثا ودراسات من التراث الثقافي والتربوي والأدبي والمهجري.

في الافتتاحية: "من الضباب إلى إرادة النهوض: كي نستحق لبنان" كتب رئيس التحرير ومدير المركز الشاعر هنري زغيب: "إنه قدر لبنان الذي يتفرد منذ فجر التاريخ بما لا يشبه سواه ولا يشبهه أي سواه: من جباله العالية يستمد القوة والصلابة، ومن شاطئه الوسيع يستمد الرحابة ولقيا الآخر وانفتاحه على كل شط من العالم. قدره أن يقاوم، وقدرنا فيه، نحن أبناءه، أن نقاوم بالكلمة، بالفكر، بالعلم، بالحضارة، وخصوصا بالإرث العظيم الذي بلغنا من آبائنا المؤسسين، وواجبنا المحافظة عليه. ليس المهم حفظ الإرث كما بلغنا، بل الحفاظ عليه بنشره وتعميمه قلبا وقوالب أيا تكن أشكاله ومعالمه. في كل صقع من الحضارة لنا إرث غني. ولكل إرث أعلامه ومعالمه وعلاماته. ولبنان الذي يحترمه كل مدار وجوار هو لبنان الوطن بخصوصيته العظيمة، هو كيان لبنان اللبناني أولا وأخيرا لا بــ"إعارة" هويته إلى أي كيان آخر. هكذا نؤدي انتماءنا وولاءنا إلى هذه النعمة التي نضرع دائما إليها: أن نستحق لبنان".


بيروت المحروسة
في باب "التراث الثقافي" بحثان: أولهما "بيروت المحروسة في العهد العثماني - أوقاف المسلمين والمسيحيين عناصر نهوض بالمجتمع اللبناني" للدكتور حسان حلاق، رأى فيه أن "انتشار المسيحية والإسلام في "بيروت المحروسة" رافقه انتشار ثقافة الخير والعطاء الدائم في ما عرف بـــ"الوقف". وتبين أن المسيحيين والمسلمين أعلنوا الأوقاف الخيرية على مؤسساتهم الدينية والتربوية والاجتماعية والصحية ضمانا لتأمين مداخيل دائمة للإنفاق على أنشطة الجوامع والزوايا والكنائس والأديرة والمؤسسات التربوية والاجتماعية والخيرية والصحية وسواها. وكان لهذه الأوقاف دور مهم في تنمية المجتمعين المسيحي والإسلامي والنهوض بهما بل النهوض بلبنان".
أما البحث الآخر في هذا الباب الثقافي فهو بعنوان: "لبنان في كتب الدليل القديمة، لؤلؤة سياحة واصطياف على صدر المتوسط" للباحث الجامعي وسام اللحام، جال فيه على المنشورات الترويجية السياحية منذ العهد العثماني، مرورا بمطلع القرن العشرين، ففترة الانتداب، وصولا إلى مرحلة الاستقلال حين تطور الترويج السياحي من المنشورات المطبوعة إلى القطاع السينمائي. والإضاءة اليوم على تلك المنشورات تشير إلى أنها، في تراثنا اللبناني، ثروة لتاريخنا الاجتماعي لأن فيها حقائق تعيد تكوين حقيقة الحياة الاجتماعية لمختلف فئات الشعب اللبناني في تلك الحقب المتتالية.


مدرسة بشمزين
وفي باب التراث التربوي والاجتماعي بحثان كذلك: أولهما "بشمزين واحة تربوية رائدة في لبنان - تراث تربوي عمره 170 سنة (1850 - 2020)" قرأ فيها الدكتور ميشال جحا كتاب شفيق جحا "تاريخ التعليم والمدارس في بشمزين 1850-1951"، منذ منتصف القرن التاسع عشر، حين التعليم في بلدة بشمزين بدأ فرديا بأن تولى مدرس أو مدرسة تدريس مبادئ القراءة والحساب لعدد محدود من التلامذة. ومع انتشار المدارس الإرسالية في مناطق عدة، استجاب المرسلون الأميركيون لطلب أهل بشمزين ففتحوا في بيت جرجس سركيس مدرسة بروتستانتية للذكور (خريف 1879) كانت أول مدرسة نظامية حديثة ومطلع التعليم النظامي في البلدة. تلتها المدرسة الأرثوذكسية، وراح التعليم فيها يتطور حتى تأسس سنة 1947 معهد للتعليم الثانوي باسم "مدرسة بشمزين العالية"، بأحد عشر صفا، أخذت تمنح خريجيها شهادة ثانوية تعترف بها في بيروت الجامعة الأميركية.
والبحث الثاني في هذا الباب: "الأسواق القديمة ذاكرة بيروت وهي تنهض إلى الحياة" للباحث البيروتي المحامي عبداللطيف الفاخوري الذي عاد إلى تلك الأسواق منذ الربع الأخير من القرن التاسع عشر، حين أخذت تتحول من الأزقة إلى الشوارع بما فيها من أسماء وسلع، حتى كانت مطالع الأسواق وأكداس المحال، وأخذت تظهر بأسمائها:سوق السيد، سوق أياس، السوق الجميل، سوق الزجاج (بيهم وعيتاني)، السوق الطويلة (ساعات، مجوهرات، وأقراص "زهرة الجمال")، سوق سيور (ساعات معلقة على سترة الصدرية)، سوق الصاغة (رعد وهاني)، سوق العطارين، سوق سرسق وتويني (أو سوق النزهة)، سوق الدلالين، سوق الفشخة (أجواخ، حرائر،...)، سوق أبي النصر (محمد أبو النصر اليافي)، وما رافق ظهورها جميعها من أمثال شائعة للترويج، بلوغا إلى بيت أحمد شوقي الشهير بالمقارنة بين "ثغر الحبيب وطعم حلوى البحصلي".

رسوم جبران
وجاء في القسم الأجنبي من هذا العدد بحثان أيضا: فرنسي للدكتورة ليليان بوتشيانتي بركات عن "الوطن الحلم في لوحات ورسوم جبران خليل جبران"، جالت فيه على المعاني والمغازي والرموز من ريشة جبران، وما فيها من حنينه الدائم إلى وطن الأرز.
البحث الآخر إنكليزي للدكتورة ليندا جاكوبس (أميركية من جذور لبنانية) عن "الفترة التي سبقت ظهور الرابطة القلمية ومهدت لوصول أعضائها إلى تأسيسها"، بدءا من جريدة "كوكب أميركا" لنجيب عربيلي (1892)، فــ"الهدى" لنعوم مكرزل (1898) وما تلاهما حتى 1920، سنة ولادة الصيغة الثانية لـ"الرابطة القلمية" سنة 1920 بعد صيغتها الأولى سنة 1916.
"دولة لبنان الكبير"
أما ملف هذا العدد ففيه الحلقتان الأخيرتان من أبحاث عن "دولة لبنان الكبير" كانت "مرايا التراث" أول من أطلق أنشطة مئويتها في لبنان بعددها الخاص في أول أيلول 2019.
البحث الأول: "حدود دولة لبنان الكبير: خلفيات وخلافات" للمؤرخ الدكتور مسعود ضاهر، درس فيه ولادة المطالبة بالعودة إلى حدود لبنان الطبيعية/التاريخية، وأسباب مطالبة القوى اللبنانية بحدود لبنان التاريخية، والصراع اللبناني الصهيوني بين الانتدابين الفرنسي والبريطاني، ثم ترسيم حدود لبنان وفق توسيع نفوذ فرنسا في بلاد الشام، وانتشار عبارة البطريرك الحويك الشهيرة: "أنا طائفتي لبنان"، وكيف بقيت حدود "لبنان الكبير" نظرية ضبابية، وما كان من غضب الحركة الصهيونية على ترسيم حدود لبنان الكبير، وحالة لبنان طوال 100 عام سجالات مستمرة حول ترسيم الحدود، وعمل الحركة الصهيونية على اقتناص مكاسب اللبنانيين، وعجزها نهائيا عن ضـم مجرى الليطاني كما كانت تخطط.
البحث الآخر في الملف هو عن دور حزب "الاتحاد اللبناني" في إعلان "دولة لبنان الكبير"، وما جرى بين أيلول قصر الصنوبر سنة 1920 وأيلول الديمان سنة 1921، للدكتور برجيس فارس الجميل، بدأ فيه من سعي بريطانيا إلى إنشاء "الاتحاد السوري" لتفكيك "الاتحاد اللبناني"، ولبنانية يوسف السودا في حزب "الاتحاد اللبناني" متصديا لتذويب كيان لبنان، وما كان من بدايات الوفود إلى باريس للمطالبة بإعادة لبنان إلى حدوده الطبيعية، وفشل الوفد الأول إلى باريس وما ظهر من تيارات متضاربة في النظرة إلى لبنان، حتى كان "الاتحاد اللبناني" وموقف بكركي: "إياكم والـمـس باستقلال لبنان كاملا، إلى أن تشكل الوفد الثاني برئاسة البطريرك الياس الحويك بلوغا إلى إعلان دولة لبنان الكبير، وخطاب الجنرال غورو في أيلول 1921 أمام البطريرك في الديمان، وسقوط آخر محاولة للاتحاد مع سوريا.