دينيّة
22 حزيران 2024, 08:00

العنصرة دفق إلهيّ مجانيّ للناس

تيلي لوميار/ نورسات
الأب أغابيوس نعّوس، كاهن رعيّة النبيّ إيليّا للروم الأرثوذكس في المطيلب

 

العنصرة دفقٌ إلهيٌّ مجّانّي للناس. حضورٌ تقديسيّ للروح القدس، يرفع البشر إلى الألوهة. ألسنة نارٍ مؤجّجة للمواهب ومحرقة للخطيئة. ريح إعصارٍ يكنس أوساخ الناس ويطهّر الضمائر.  

الكنيسة الأرثوذكسيّة تنشد التسابيح مترنّمةً، كي تعيد إلى الأذهان أهمّيّة الروح وفاعليّته. تتمخّض مع الآباء الملهمين متماهيةً مع قبس الروح فيهم. تؤكّد أنّ الجوهر الإلهيّ واحدٌ هو. لا يتغيّر ولا يتبدّل. يعمل الآب بالابن في الروح، سلطان الألوهة فيه مطلق، هدفه ترقّي الإنسان إلى المجد. فالروح غير المساد عليه (لا سيادة عليه)، هو قوّة الله وهو مساوٍ له في الأزليّة. انحدر من الآب كما ارتضى بسلطانه المطلق محكّمًا الرسل بالألسن، وخاتمًا القيامة الحيّة التي صادق عليها المخلّص بالدم، فشفى العقول من الخطايا وأصلحها مقيمًا إيّاها لذاته مسكنًا خاليًا من الدنس.

العنصرة هي حلولٌ علنيٌّ للروح القدس. هي الكلّ في الكلّ، هي المنبئة والمحقّقة لنا الوجود في أورشليم السماويّة الموعود بها في آخر الأيّام. هي إكليل الأبرار والحافظة للأخيار. هي فاتحة المسكن السماويّ، والحياة التي لا تنتهي. هي بالحقيقة ميراث ملكوت الله الأبديّ منذ اليوم.

فلنتمتّع بهذا الموسم البهيّ ولنعاين روح الحقّ، طبعًا، بالروح عينه. لأن يستحيل أن ينال أحدٌ نعمةً من دون النعمة. فالروح القدس هو الروح المعزّي، هو الملك السماويّ، الذي هو في الكلّ وللكلّ. هو الذي في كلّ صلاة نستلهمه، نطلبه، نفتتح به أدعيتنا، نطلب سكناه فينا. لأنّه ليس فقط يعطي راحة لمن يجدهم مستحقّين بل ولغير المستحقّين أمثالنا أيضًا. نراه يخلّص من كلّ غمٍّ واضطرابٍ كلّ نفسٍ تشتهيه، يمنح بالحقّ فرحًا وتطهيرًا أكيدين مع سلامٍ لا ينحلّ.

في الختام هلمّ أيّها الروح القدس واسكن فينا وطهّرنا من كلّ دنس وخلّص أيّها الصالح نفوسنا. آمين.