ثقافة ومجتمع
11 آب 2016, 11:00

القناعة كنز لا يفنى؟

ماريلين صليبي
عندما نذكر القناعة، يقع في ذاكرتنا مثل الوزنات الذي تكلّم عنه يسوع المسيح في متّى 25/14-30:

 

"وَمَثَلُ ذَلِكَ كمَثَلِ رَجُلٍ أَرادَ السَفَرَ، فدَعا خَدَمَهُ وسلَّمَ إِليهم أَموالَهُ . فأَعطى أَحَدَهُم خَمْسَ وَزَنات، والثاني  وَزنَتَيْن، والآخَرَ وَزنَةً واحِدةً، كُلاًّ  على  قَدْرِ طاقَتِهِ، وسافر. [...] وأَمَّا الذي أَخَذَ الوزنةَ الواحدة، فإِنَّه ذهبَ وحفَرَ حُفرَةً  في الأَرضِ ودفَنَ  مالَ سيِّدهِ. [...] وبَعْدَ مُدَّةٍ طويلَةٍ  رَجَعَ سيِّدُ أُولئكَ الخَدَمِ وحاسبَهُم. دنا الذي أَخَذَ الوَزنَةَ الواحِدَةَ فقال: يا سيِّد، عَرَفتُكَ رَجُلاً شديداً تحصُدُ مِنْ حيثُ لمْ تزرَعْ، وتجمعُ مِنْ حيثُ لمْ  توزِّعْ. فخِفتُ وذهبتُ فدفنتُ وَزنَتَكَ  في الأَرض. فإِليكَ مالَكَ . فأَجابَهُ سيِّدُهُ: أَيُّها الخادِمُ الشرِّيرُ الكسلان! عرَفتَني أَحصُدُ مِنْ حيثُ لم أَزرَعْ، وأَجمَعُ مِنْ حيثُ لَمْ أُوَزِّعْ فكانَ عليكَ أَنْ تضعَ مالي عِنْدَ أَصحابِ المصارِف، وكُنتُ في عَودَتي أَسترُدُّ مالي معَ  الفائِدة. فخذوا مِنهُ الوَزنَةَ وأَعطوها الذي  معه الوَزناتُ العَشْر، لأَنَّ كُلَّ مَنْ كانَ لَهُ شيءٌ يُعطى فيَفيض، ومَنْ ليسَ لَهُ شيءٌ يُنْزَعُ مِنهُ حتى الذي لهُ. 

وذلك الخادِمُ الذي لا خيرَ فيهِ، أَلقوهُ في الظُلمةِ البرَّانيَّة. فهُناكَ لبُكاءُ وصريفُ الأَسنان." 

 

فالقناعة هي أن يرضى الإنسان بكلّ ما يُرسَم له في الحاضر والمستقبل، هي قبوله ورضوخه لكلّ ما يخترق دربه من أحداث وقرارات وحالات.

كثيرٌ هو الكلام الذي تناول القناعة وعديدة هي الحكم التي حملتها في معانيها، فمن منّا لم يسمع بأنّ "القناعة كنز لا يفنى" أو بأنّ "القناعة خير من الغنى"؟

صحيح أنّ القناعة ميزة أساسيّة جميلٌ أن يتمتّع بها الإنسان لأنّ بها يبتعد عن الطّمع والنّهم والجشع، ولكنّ الأجمل قد يكون مرافقة القناعة بطموح يدفع بالإنسان إلى السّعي الدّؤوب خلف العمل والتّعب والعلم ليتقدّم ويتطوّر ويصل إلى حيث يحلم بتحقيق ذاته.

بين أن يطمح الإنسان ويطمع، قناعة تبقى رهينة الأطباع الإنسانيّة، قناعة لا بدّ من أن تنكسر لتميل صوب الأحلام والآمال العالية...