العراق
22 آذار 2021, 14:50

الكاردينال ساكو: التّربية بين الطّموح والتّحدّيات

تيلي لوميار/ نورسات
إنطلاقًا من دورها المهمّ في حياة المجتمع والدّيانات، كتب بطريرك بابل للكلدان مار لويس روفائيل ساكو، نقلاً عن موقع البطريركيّة الرّسميّ، عن التّربية بين الطّموح والتّحدّيات ما يلي:

"أكتب هذه الأفكار على ضوء قراءة هذا الأحد، السّادس من الصّوم، إنجيل "الرّاعي الصّالح" الّذي يقول فيه يسوع: أتيتُ لتكون لهم الحياة وتكون لهم بوفرة (يوحنّا 10/10). فدور الرّاعي هو تربية أبناء رعيّته وبناؤهم وتوعيتهم وليس التّلقين الببغاويّ. وتسليط نور الإنجيل على الشّأن العامّ وعلى الأسئلة الّتي تُطرح.

للتّربية أهمّيّة عظمى في حياة المجتمع وفي الدّيانات بكون الأفراد يؤثّرون على الحياة العامّة سلبًا في التّفكّك المجتمعيّ والفساد، أو إيجابًا في التّضامن الإنسانيّ والأخلاق الحميدة.

أعرض بعض النّماذج السّلبيّة لأشخاص نلتقي بهم ويؤثّرون علينا بسوء أدائهم: شخص غير مبالٍ لا يعنيه شيء سوى نفسه، شخص استهلاكيّ أو أنانيّ، انطوائيّ أو مستقويّ- عنيف، فوقيّ- سلطويّ، شخص تابع "عقدة أوديب–Oedipus Complex "، أيّ تعلّق الابن بأمّه ضدّ أبيه والبنت بأبيها ضدّ أمّها، شخص يشعر بالنّقص، شخص متجافٍ، شخص كسول أو غيور أو حسود أو كذوب أو نمّام.

التّربية- التّنشئة بمفهومها الصّحيح، هي فنُّ بناء الإنسان ليكون شخصًا سويًّا، معتدلاً، حكيمًا، مستنيرًا متحاورًا ومتميّزًا. لأنّ التّربية تخلق فينا مساحة من الحرّيّة الدّاخليّة للتّجديد الرّوحيّ والفكريّ والاجتماعيّ بعيدًا عن الموروث المتراكم الخاطيء.

يشمل هذا البناء "الخلق" على كلّ المستويات لكي تكون تربية متكاملة. تربية بيتيّة صحيحة وتربويّة سليمة في المدارس: النّصوص والمفردات والأدوات… الخ، ودينيّة- روحيّة في الأديرة والمعاهد الكهنوتيّة، واجتماعيّة وعاطفيّة وفكريّة- ثقافيّة وبيئيّة.

التّربية نهجٌ علميّ مستدام وتثقيف يعزّز فينا الوعي بالمسؤوليّة، وباحترام التّنوّع وروح التّضامن، ومبادئ العيش المشترك المتناغم. هذه التّربية سوف ترافقنا طوال حياتنا، لذلك على المربّي أن يكون بمستوى عالٍ من المعرفة والثّقافة الشّاملة والمسؤوليّة والانتباه إلى تاثيرات وسائل التّواصل الاجتماعيّ، الّتي يجد فيها الطّفل والشّابّ مباشرةً كلّ شيء مباحًا. كذلك على المُربّي أن يُعالج القضايا المعاصرة مثل تداعيات جائحة كورونا والحَجْر الصّحّيّ. ضروريّ أن يستعين المُربّي بعلماء النّفس خصوصًا بالنّسبة للمكرّسين.

عليه فالتّربية المستدامة مهمّة في كافّة المجالات وخصوصًا في الكنيسة والمدرسة. ثمّة حاجة إلى صياغة مفردات الإيمان والتّعليم بوضوح: لقد صاغ آباء الكنيسة إيمانهم والمُربّون تعليمهم بمفردات من عصرهم؛ الّتي باتت غير مناسبة اليوم."