لبنان
01 حزيران 2022, 05:55

الكاردينال غريك من طرابلس: التّحدّيات كبيرة وكثيرة ولا يمكن مواجهتها إلّا بالشّراكة والاتّحاد

تيلي لوميار/ نورسات
في بداية جولته في لبنان، زار أمين عامّ مجمع الأساقفة الكاردينال ماريو غريك رئيس أساقفة أبرشيّة طرابلس المارونيّة المطران يوسف سويف في دار المطرانيّة، حيث أقيمة ندوة حواريّة بعنوان "التّفاعل الإنسانيّ وحوار الأديان"، حضرها القائم بمهام مفتي طرابلس والشّمال الشّيخ محمد إمام، رئيس المجلس الاسلاميّ العلويّ الشّيخ محمّد عصفور، نقباء طرابلس والشّمال: المحامين ماري تيريز القوال وأطبّاء الأسنان ناظم حفار والمهندسين بهاء حرب، مفتي عكّار محمّد زكريّا، المفتي السّابق الشّيخ الدّكتور مالك الشّعّار، منسّق مسيرة السّينودس في لبنان المطران منير خير الله، النّائب البطريركيّ على نيابتي إهدن- زغرتا وجبّة بشرّي المطران جوزيف نفّاع، مطران طرابلس وعكّار وتوابعهما للرّوم الملكيّين الكاثوليك إدوار ضاهر، الأب برثانيوس ممثّلاً مطران طرابلس وتوابعها للرّوم الأرثوذكس أفرام كرياكوس، الرّئيسة العامّة للرّاهبات الأنطونيّات الأخت نزها الخوري، الرّئيسة العامّة لراهبات العائلة المقدّسة المارونيّات ماري أنطوانيت سعادة وعدد من الكهنة والرّاهبات والرّهبان وشخصيّات اجتماعيّة وثقافيّة.

في مستهلّ اللّقاء، نقل المطران خير الله إلى الحضور تحيّة البطريرك المارونيّ الكاردينال مار بشارة بطرس الرّاعي "الّذي اختار مدينة طرابلس كمحطّة أولى لجولة الكاردينال غريك نظرًا لكونها من أبرز المناطق اللّبنانيّة الّتي استطاعت أن تحارب الإرهاب والتّطرّف لتحافظ على قيمها وتاريخها"، متمنّيًا أن "يصل هذا اللّقاء إلى إطار عمليّ يمكن معاينته من خلال حوار هادف إلى تنقية الذّاكرة".

وبحسب "الوكالة الوطنيّة للإعلام"، افتتح المطران سويف النّدوة مرحّبًا بالحضور في دار المطرانيّة في طرابلس "الّتي تشهد على أهمّيّة الحوار البنّاء والفاعل بين أبناء مدينة طرابلس ومختلف مكوّنات المدينة، الّذين سيتمكّنون معًا من تخطّي الأزمة الشّديدة الّتي تعصف بهم وبالوطن".

ورحّب بالكاردينال غريك، مشيرًا إلى أنّ "حضوره في لبنان في هذه الفترة، علامة أكيدة على الاهتمام الفاتيكانيّ ببلاد الأرز، وإصرار روما على الوقوف دائمًا وبطرق مختلفة إلى جانب الشّعب اللّبنانيّ". وقال: "هذا اللّقاء يدخل ضمن الحوار المفتوح بين مختلف المسؤولين الرّوحيّين والمدنيّين الّذين يفترض بهم أن يعيشوا دائمًا واجبهم الأخلاقيّ المتمثّل في الحوار الهادف إلى خدمة الإنسان".

ورأى أنّ "لبنان ما هو إلّا رسالة للحوار والانفتاح، ومن واجبنا جميعًا العمل للمحافظة عليه وعلى هويّته من عيش حوار الحياة اليوميّة لمواكبة القضيّة الاجتماعيّة وصون الحرّيّة الدّينيّة. لبنان هو الواحة الطّبيعيّة للعيش معًا، ففيه نعيش الحوار بطريقة يوميّة وملموسة ومستمرّة تحدّدها تجارب الحياة، لذلك لا يمكن ولا نريد رسم أيّ صورة مختلفة عنه".

وأكّد "نحن أبناء الرّجاء والتّجدّد، نهدف من حوارنا في ظلّ غياب الدّولة إلى خدمة المواطن والمواطنة وكرامة الإنسان، ولن نرضى أن يبقى بلدنا مغمورًا بل سنسعى متّحدين إلى تجديده وإنهاضه، منطلقين من الخدمة والعيش معًا".

وأنهى متسائلاً عن "الدّور الممكن للحوار والتّفاعل الإنسانيّ بين مختلف مكوّنات المجتمع اللّبنانيّ في تطوير المجتمع وبناء السّلام، وكيف يمكن للثّقافات المتعدّدة أن تعبّر عن هويّة لبنان الإنسانيّة الواحدة؟".

بدوره، أكّد الكاردينال غريك أنّ "من أبرز هموم الكنيسة، أن تتمكّن من السّير بصفة إنسانيّة عامّة من دون أيّ تفرقة بين دين أو عرق أو مذهب أو انتماء. فالكنيسة السّينودوسيّة تعني أن نكون منفتحين على الجميع من دون استثناء ونكون حاضرين لمرافقتهم في مسيرتهم الخاصّة.

إنّ التّعب وارد في مختلف مفاصل حياتنا، من هنا دعانا البابا للسّير معًا في مسيرة واحدة وسينودسيّة، وهذه المسيرة تعيشها الكنيسة على صعيد المعمّدين ومختلف ذوي الإرادة الصّالحة بهدف الإصغاء إلى إلهامات الرّوح القدس.

إنّ المآسي الإنسانيّة هي مشتركة بين الجميع، لذلك الدّعوة لنا جميعًا أن نقف بجانب بعضنا البعض. فالتّحدّيات كبيرة وكثيرة ولا يمكن مواجهتها إلّا بالشّراكة والاتّحاد، والوقوف إلى جانب بعضنا البعض، أيّ العمل على السّير معًا يحتاج إلى تغيير في هيكليّة المؤسّسات الّتي تجمعنا لكنّه يحتاج أوّلاً إلى توبة صادقة تنطلق من وجداننا وقلوبنا.

إنّ زيارتي إليكم اليوم ما هي إلّا خطوة حتّى أتمكّن من سماع خبرتكم الطّويلة في الحوار وعيش الأخوّة فأتمكّن من أن أتعلّم منها. إنّنا نحتاج للحظات من الصّمت والتّفكير في مختلف المشاركات الّتي سمعناها، لأنّنا غالبًا ما نتمكّن من السّماع ولا نتمكّن من الإصغاء. ولدي شعور بأنّنا استطعنا أن نحوّل قاعة اجتماعنا إلى مكان مقدّس".

وإختتم: "لدى دخولي إلى مدينة طرابلس، قال لي المطران خيرالله إنّ هذه المنطقة فقيرة جدًّا، لكنّني اكتشفت أنّها غنيّة ومشبعة بالغنى الحقيقيّ".

أمّا الشّيخ إمام فلفت إلى أنّ "مطرانيّة الموارنة هي قلب طرابلس النّابض حوارًا وانفتاحًا، لذلك نأمل أن يكون لقاء اليوم صورة مصغّرة تعكس الرّوح الحقيقيّة لعاصمة الشّمال طرابلس"، مشيرًا إلى أنّ زيارة الكاردينال غريك هي "محطّ تقدير كبير عند أبناء المدينة من مختلف الطّوائف والمذاهب والانتماءات. من هنا الدّعوة إلى التّعاون والتّعاضد"، مشدّدًا على أنّه "على مختلف مؤسّساتنا العمل والتّكاتف من أجل تحصين المجتمع ونشر ثقافة الإيمان والرّجاء"، وعلى أنّه "خلال الأزمات يزيد مفهوم الانصهار ويتنقّى الذّهب بالنّار، لذلك نحن نزداد قوّة وصلابة في الأزمات، كما تزداد إرادتنا وتفاؤلنا تجاه أنفسنا بشكل خاصّ والجماعة بشكل عامّ".