الفاتيكان
09 تموز 2021, 11:15

الكاردينال فيرسالدي: إذا أردنا أن نغيّر العالم علينا أن نغيّر التّربية والتّعليم

تيلي لوميار/ نورسات
وقَّع عميد مجمع التّربية الكاثوليكيّة التّابع للكرسيّ الرّسوليّ الكاردينال جوزيبي فيرسالدي، يوم الاثنين، ووزير التّربية والتّعليم في دولة الإمارات العربيّة المتحدة حسين بن إبراهيم الحمادي، اتّفاقية تعاون تشكّل مقدّمة ومنصّة لتعاون أخويّ أكثر من أيّ وقت مضى في المجال التّربويّ.

تخلّل الاحتفال كلمة للكاردينال فيرسالدي قال فيها بحسب "فاتيكان نيوز": "في الرّابع من شباط فبراير 2019 بمناسبة الزّيارة الرّسوليّة لدولة الإمارات العربيّة المتّحدة وقع قداسة البابا فرنسيس وإمام الأزهر الدّكتور أحمد الطّيّب "وثيقة الأخوّة الإنسانيّة من أجل السّلام العالميّ والتّعايش المشترك". لقد كانت وثيقة نبويّة، قبل عام من بدء جائحة فيروس الكورونا، إذ قد أبرز الموقّعان الحاجة الملحّة لفتح طرق جديدة للتّعاون تهدف إلى تعزيز أواصر الأخوّة البشريّة. وقد أثمرت تلك الدّعوة وهي لا تزال تولِّد أعمالاً ملموسة.

في أعقاب الوثيقة، واقتناعًا منّا بضرورة تنفيذها الكامل في مجال التّربية، بدأت الدّوائر المسؤولة عن هذه المسألة حوارًا، لكن وبسبب القيود الّتي فرضها الوباء أيضًا، استغرق تحقيق الهدف المشترك وقتًا أطول من المتوقّع. لكنّنا نجحنا في النّهاية. إنَّ مؤسّستينا- وزارة التّربية والتّعليم في دولة الإمارات العربيّة المتّحدة، الّتي أشكرها بصدق على تعاونها وكرم الضّيافة، ومجمع مجمع التّربية الكاثوليكيّة التّابع للكرسيّ الرّسوليّ- قد أكّدتا رسميًّا استعدادهما لتوحيد الجهود لمواجهة تحدّيات التّربية اليوم.

إسمحوا لي أوّلاً أن أشدّد على أهمّيّة هذه المذكرة. إنّها تنبع من قناعة أساسيّة: إذا أردنا أن نغيِّر العالم علينا أن نغيّر التّربية والتّعليم. وعلينا أن نفعل ذلك معًا. لذلك تقدِّر هذه الاتّفاقية التّقاليد الخاصّة في ضوء المبادئ والأهداف المشتركة. هذا ليس مجرّد اتّفاق، وإنّما هو تفاهم. هذا يعني أنّه لا ينبثق من رؤية تعاقديّة ولكنّه يضع عنصر الثّقة في أساس علاقتنا وأهدافها. وأريد أن أتطرّق إلى أهمّها: تعزيز ثقافة اللّقاء والأخوّة كأساس ومسيرة للعدالة والسّلام؛ إطلاق حوار بين الحضارات وتعزيز التّربية لصالح البشريّة جمعاء؛ تطوير شبكات تعاون في مجال التّعليم المدرسيّ والجامعيّ لمواجهة التّحدّيات الحاليّة والمستقبليّة في مجال التّعليم؛ تعزيز احترام حقوق الإنسان والإيكولوجيا المتكاملة والتّضامن كمسارات لعهد تعليميّ وميثاق تربويّ أصيل يعزّز الهويّة ويحترم الاختلافات بين الثّقافات.

كما أودّ أن أغتنم هذه الفرصة لكي أسلّط الضّوء على حجم النّشاطات الإنسانيّة الّتي تمّت تحت رعاية صاحب السّموّ الشّيخ محمّد بن زايد خلال الوباء. لقد تميّزت هذه المبادرات بروح التّعاون والأخوّة العالميّة الّتي ألهمت "وثيقة الأخوّة الإنسانيّة". وبحسب الدّعوة الموجودة فيها، تلقّت أكثر من 135 دولة الغذاء والرّعاية الصّحّيّة بفضل مساعدة دولة الإمارات العربيّة المتّحدة. من خلال هذه المبادرة الإنسانيّة، تمكّنت المؤسّسة الحبريّة Gravissimum Educationis من مساعدة سكّان منطقة إكيتوس، في منطقة الأمازون التّابعة للبيرو، الّتي تضرّرت بشدّة من الوباء. لهذه الأسباب وغيرها، يسرّ مؤسّسة Gravissimum Educationis، الّتي مقرّها مجمع التّربية الكاثوليكيّة، أن تمنح صاحب السّموّ الشّيخ محمّد بن زايد لقب "رجل الإنسانيّة". ونتقدّم بأحرِّ التّهاني له ولكلّ شعب دولة الإمارات العربيّة المتّحدة. تجمعنا الأهمّيّة الكبيرة الّتي تُعطى للتّربية والتّعليم كالأدوات الأكثر فعاليّة لتفعيل العمليّات الّتي تعزّز، من أعمق جذور الإنسان، المسارات الحقيقيّة للأخوّة والتّكامل والإدماج والسّلام للجميع.

إنّ التّربية ستساهم في أن توقظ في الأجيال الجديدة طعم عالم أخويّ حقيقيّ ومسالم، حيث يمكنها أن تشعر بأنّها رائدة ومسؤولة. لقد أكّد البابا فرنسيس غالبًا وبشكل قاطع أنّه لكي نغيِّر العالم، علينا أن نغيّر التّربية والتّعليم أيضًا. كذلك، من خلال التّعاون الدّوليّ بشكل خاصّ، سنتمكّن من تخيّل وإنشاء سيناريوهات وعمليّات ثقافيّة وتربويّة جديدة. وهذا التّعاون يجد جذوره في الحوار الصّادق والمنفتح، والمشاركة الفعّالة، والرّؤية الإنسانيّة القائمة على القيم المشتركة، واحترام الغنى الكبير لاختلافاتنا.

أسمح لنفسي أن أتمنّى أن تستمرّ هذه الأيّام، الّتي تطيل لقاء قداسة البابا فرنسيس في أبو ظبي، في تحديد بداية تعاون مثمر في مجال التّربية والتّعليم، وتساعد على ترسيخ آفاق جديدة لثقافاتنا وتحدّياتنا."