الفاتيكان
29 شباط 2024, 11:55

الكرسيّ الرّسولّي: لوضع كرامة الكائن البشريّ في محور عمليّات تطوير الذّكاء الاصطناعيّ واستخدامه

تيلي لوميار/ نورسات
ألقى مراقب الكرسيّ الرّسوليّ الدّائم لدى الأمم المتّحدة وباقي المنظّمات الدّوليّة في جنيف، رئيس الأساقفة إيتوريه باليستريرو، مداخلة أمام المشاركين في أعمال الدّورة الخامسة والخمسين لمجلس حقوق الإنسان مسلّطًا الضّوء على أهميّة الكرامة البشريّة التي ينبغي أن تكون المبدأ الموجّه لتطوير الذّكاء الاصطناعي واستخدامه بحسب ما أورد "فاتيكان نيوز".

إستهل باليستريرو مداخلته بالتّذكير بأنّ العالم احتفل في كانون الأوّل/ ديسمبر الماضي بالذّكرى السّنويّة الخامسة والسّبعين لتبني الإعلان العالميّ لحقوق الإنسان، الذي كان انجازًا هامًّا أرسى أسس المعايير الكونيّة لحقوق الإنسان الأساسيّة والحرّيّات، لكنّه لم يخف قلقه وقلق الكرسيّ الرّسوليّ حيال الانتهاكات العديدة التي تتعرّض لها تلك الحقوق في العالم، بما في ذلك الحقّ في الفكر والضّمير وفي ممارسة الشّعائر الدّينيّة. ولفت إلى تنامي ظاهرة التّمييز والاضطهاد الدّينيّين التي يتعرّض لها المؤمنون حول العالم. وقال "إنّ الحرّيّات الدّينيّة تُنتهك في ثلث بلدان العالم تقريبًا، وفي بعض الدول الغربية يُمارس التّمييز والرّقابة بحجّة التّسامح والاشتمال. وغالبًا ما تُستخدم التّشريعات الهادفة للتّصدّي لخطاب الكراهية من أجل التّضييق على حرّيّة الفكر والضّمير والدّين. إنّ عالمنا اليوم بات متعدد الأقطاب ومعقّدًا، ولذا ثمّة حاجة إلى إطار جديد وفاعل للتّعاون، إذ لا بدّ من تبنّي آليات كفيلة بمواجهة التّحدّيات المطروحة وضمان احترام حقوق الإنسان الأساسيّة، مع العلم أنّ كلّ تلك التّحدّيات مترابطة فيما بينها وأن لا أحد يمكن أن ينجو لوحده، كما يقول البابا فرنسيس. جوهر الإعلان العالميّ لحقوق الإنسان يرتكز إلى حقيقة أساسيّة تقدّم خارطة الطّريق باتّجاه تنمية عادلة ومتكاملة، وباتّجاه سلام دائم وراسخ. وهذه الحقيقة هي كرامة الكائن البشريّ التي رأى فيها الإعلان ركيزة للسّلام ولحقوق الإنسان والعدالة والحرّيّة.

بعدها أشار مراقب الكرسيّ الرّسوليّ إلى أنّ إعادة الكرامة البشريّة إلى طاولة النّقاش ستسهّل عمل المنظّمات الدّوليّة وستمكّن الوكالات السّاعية إلى الخير العام والنّظر في القضايا الفنّيّة من تخطّي الشّلل الحاصل بسبب الاستقطاب الأيديولوجيّ واستغلاله من قبل بعض الدّول. تعزيز الدّبلوماسيّة المتعدّدة الأطراف يتطلّب إرساء أسس القيم المتجذّرة في الكرامة البشريّة، وهذا الأمر يتطلّب إعادة بناء نظرة متقاسمة لطبيعتنا التي تحمل في طيّاتها واجبات ومبادئ خلقيّة لا بدّ من فهمها واحترامها."

وفي حديثه عن الذّكاء الاصطناعيّ سلّط الضّوء "على ضرورة أن توجّه الكرامة البشريّة تطوير واستخدام هذه التّكنولوجيّات. هذا التّقدم عليه أن يحترم حقوق الإنسان الأساسيّة، وعليه أن يخدم قدراتنا البشريّة، لا أن يتنافس معها. وعليه أن يعزز العلاقات الشّخصيّة والأخويّة والتّفكير النّقدّي والقدرة على التّمييز. وحذّر من مغبّة أن يقتصر الشّخص البشريّ على الخوارزميّات وأن تقرر المنظومات المتطوّرة مصير الكائن البشريّ. تطوّر الذّكاء الاصطناعيّ يكون ناجحًا إذا ما تمّ بمسؤوليّة وعزز القيم البشريّة الأساسيّة."

وبعد الإشارة إلى "المخاطر التي تترتّب على الاستعمار الأيديولوجيّ الذي ينال من الكرامة البشريّة ويولد انقسامات بين الثّقافات والمجتمعات والدّول"، شدّد باليستريرو "على الاستمرار في إرساء أسس الأخوة الكونيّة واحترام قدسيّة حياة كلّ إنسان، وعلى ضرورة وضع قيم الأخوة البشريّة في المحور لأنّها شرط أساسيّ لضمان احترام حقوق الإنسان في عالم اليوم". وقال إنّ الكرسيّ الرّسوليّ يأمل بأن تتمكن أعمال الدّورة الخامسة والخمسين لدورة حقوق الإنسان من تناول الانتهاكات التي تتعرّض لها الحقوق الإنسانيّة حول العالم اليوم، وتحديد مسبباتها، واتّخاذ الإجراءات الفاعلة لوضع حدّ لها، متمنّيًا أن تقود الكرامة البشريّة والأخوة أعمال هذه الدّورة.