ثقافة ومجتمع
03 آب 2018, 07:00

الله يْعَيْشو"!

ريتا كرم
تسعة أشهر يعيشها في أحشاء أمّه، لتحلّ النّعمة بعدها ويبصر المولود الجديد النّور، وتبدأ الدّعاءات له بتعبير "الله يْعَيْشو" إشارة إلى العمر المديد، ويُسجّل الأهل على الأثر ولدهما في الدّوائر الرّسميّة مصرّحين عن ولادة فرد جديد في المجتمع. أمّا كنسيًّا، فلا بدّ لهذه الرّوح الجديدة من أن يُدوَّن اسمها كذلك في سجلّاتها، فيلجأ الأبوان إلى كاهن الرّعيّة ويحدّدا تاريخًا لولادة جديدة وهذه المرّة ولادة بالمسيح عبر "سرّ العماد" ويقوّيها "سرّ التّثبيت".

 

وفي هذا السّرّ، يغطس الإنسان في حدث الخلاص في يسوع المسيح نفسه المائت والقائم من الموت فتكون المعموديّة تذكرته لدخول ملكوت الله بعد أن يولد من الماء والرّوح "فمولود الجسد يكون جسدًا ومولود الرّوح يكون روحًا" (يوحنّا 3/6). ويكتسب المعمّد الّذي يصير ابنًا لله مفاعيل عديدة إذ تُغفر خطاياه ويدخل في اتّحاد مع المسيح ويصير شريكًا في الحياة الثّالوثيّة وينضمّ إلى المسيح والكنيسة ويُمنح الفضائل الإلهيّة ومواهب الرّوح القدس فيوسم بختم المسيح.

ولأجل تحقيق الغاية، يختار الوالدان عرّابين لولدهما يشهدان على معموديّته ويتبنّيانه لمسيرة روحيّة تبدأ منذ المعموديّة وتنتهي عندما يشاء الله أن يأخذ أمانته. لذا، يكون هذان العرّابان أيقونة تشهد للمسيح فعلاً وقولاً. إنّهما إنجيل حيّ يترجم المبادئ المسيحيّة ورفيقان دائمان لـ"فليونهما" في درب الإيمان المحفوفة بتساؤلات وشكوك وبحث عن الله ليرشداه نحو البصيرة بمعونة الرّوح القدس، وكذلك للوالدين ليصبوا معًا نحو تأسيس عائلة روحيّة بامتياز.

لنجدّد إذًا ولادتنا ونرتقي إلى المعنى الحقيقيّ للعماد ونستحقّ عندها أن يُقال لكلّ مولود بالمسيح من الماء والرّوح: "الله يْعَيْشو"!