فنّ
28 نيسان 2022, 09:15

المرتضى كرّم الأب بو عبّود: راهب الحوار أعطي نعمة الدّعوة إلى السّماء بالإيمان الأصيل والفنّ الجميل

الوكالة الوطنيّة للإعلام
كرّم وزير الثقافة القاضي محمد وسام المرتضى مدير المعهد الفنّي الأنطوني الأب شربل بو عبود ومنحه درع الوزارة "تقديرًا لجهوده وعطاءاته الفنية والثقافية ونشر الفن في لبنان والخارج"، في احتفال أقيم في المعهد في الدكوانة، حضره المطران سمعان عطا الله، الأب المدبر غسان نصر، الأب المدبر جوزف بو رعد، رئيس الجامعة الأنطونية الأب ميشال الجلخ وحشد من الآباء والهيئة الإدارية والتعليمية في المعهد.

قدّمت الاحتفال لميا الدويهي فتحدثت عن "الرؤية الفنية والثقافية الثاقبة للأب بو عبود"، وقالت: "لم يتوان يوما عن بذل كل الطاقات والإمكانات التي كانت محدودة بادئ ذي بدء لتحقيق هدف سعت إليه الرهبنة بشخص رئيسها العام آنذاك المطران سمعان عطاالله، الحاضر معنا والذي يكرم هو اليوم بهذا التكريم، ألا وهو بناء صرح فني يضم مجمل الفنون الثقافية التي تعكس الوجه الحضاري لأي بلد".

أضافت:" أعظم من إنجازات الأب عبود يبقى ثباته في تواضعه ومجانيته وأمانته وتجرده، هو لم يسع يومًا إلى مجده الذاتي، وإنما إلى مجد خالقه وخير الجماعة التي يشهد أمامها لربِّه".  

وشكرت الدويهي لـ"الوزير المرتضى تجاوبه وحرصه الشديد على إعلاء شأن الثقافة وعمله الدؤوب لتصويب البوصلة وتوجيهها نحو القيم الإنسانية التي تحترم المجتمع والأفراد وتصون البلاد وتحمي حق كل مواطن"، وقالت: "عساكم تثمرون أينما حللتم وأي مهام استلمتم".

بو عبود  

وألقى المحتفى به كلمة شكر فيها لـ"المرتضى هذا التكريم، وقال: "لا تكفي كلماتي  للتعبير لكم عن أسمى المشاعر القلبية التي نكنها إليكم، فأنتم من طينة الجنوب الحبيب. أنتم من أرز لبنان وشموخ جباله، ولا يخفى على أحد ما سجلتم من إنجازات في وزارة الثقافة، فكنتم المناضل في إعلاء الثقافة. لقد ازددنا شرفا وتألقا بحضوركم وتكريمكم لنا وللرهبانية الأنطونية".

أضاف: "ما سعيت إليه هو جعل الفن في متناول الجميع لتحقيق أهدافهم وتنمية المواهب الشابة، فيرتقي الفن ليحاكي الله بما تبدعه أيدي من طلب الدخول في هذا المجال، وكان الهدف أيضا إحياء الفنون على أنواعها، إيمانا منا بتعزيز المواهب والقدرات الفنية والثقافية لكل أفراد المجتمع الواحد. لقد عملنا بكل جهد وإصرار على إظهار صورة لبنان الحضارية والفنية والثقافية. ولذلك، لا يسعني إلا أن أشكر كل من ساندني ولا يزال لتحقيق هذا الهدف السامي".

وختم: "هذه المسيرة لم تكن لولا وجود من آمن معي بهذه الرسالة، وأخص بالشكر الهيئة الادارية والتعليمية في المعهد وكل الأصدقاء الذين سعوا معنا إلى ما نحن عليه. معا، نواصل رسالة الفن والجمال فنزرعها في نفوس أبناء الوطن لتثمر سلاما وفرحا".

المرتضى

من جهته، ألقى المرتضى كلمة قال فيها: "في العادة إن الكتاب يقرأ من عنوانه، لكن بشرا يشبهون الكتب غنى وعمقا، لا تكتفي منهم بالعنوان، بل تقيم مع نتاجهم الإبداعي عهدا من تواصل، ورابطة من تأمل، فيسكنونك، من غرة العنوان، حتى الفهرست الأخير".

أضاف: "ولعل هذه هي الحال مع الأب المكرم شربل بو عبود، الذي التقيت به للمرة الأولى في قصر الأونيسكو خلال معرض الألوان الذي تم فيه عرض ثلاثماية لوحة فنية، وتكريم ثمانية من أهم الفنانين الراحلين. ثم خبرت أن الأب المكرم أعطي نعمة الدعوة إلى السماء عبر طريقين: الإيمان الأصيل والفن الجميل".  

وتابع: "كان لنا الفرح بأن دعانا إلى زيارة هذا المعهد، فتأكد لنا أن صفحات إبداعه أكثر اكتنازا من أي عنوان، على أنه ذو عناوين لا حصر لها من مكان أو زمان أو ألوان أو بيان أو مسألة إنسان، أو قضية أوطان، جم في قليل هو، لا يملي الضوء إلا على هدي القيم الإيمانية والإنسانية التي بشر بها السيد المسيح لتعزيز روح المحبة والرحمة والغفران".

وأردف: "هو الراهب الأنطوني مؤسس مؤتمر الأيقونة في الفن البيزنطي برعاية المطران جورج خضر، ثم البطريرك غريغوريوس لحام، حفظهما الله سليمين معافين مفصلين باستقامة كلمة الحق، وهو راهب الحوار، جعله محطة يتعزز فيها اللقاء الإسلامي - المسيحي على قواعد التلاقي الأخوي لتأكيد وثيقة الأخوة بين الرسالتين حيث تتسامى الرحمة في آفاق الروح، وتسود المحبة القلوب والشفاه. وهو أيضا الراهب الذي لم يغب عن إنجازاته إنشاء قسم كتابة الأيقونات البيزنطية والفن التشكيلي والرسم على البورسلان والتطريز، والخط العربي، الذي بدأنا نفقد تقنيات رسمه وجماليات أشكاله أمام غزوة الحاسوب وحروفه الجاهزة. ولا يظنن أحد أنني منحاز ضد هذا النوع الحديث من الكتابة الرقمية، لا، كل ما أدعو إليه هو المحافظة على السمات الجمالية في تراثنا، كما يفعل الأب المكرم شربل بو عبود".

وقال: "إنجازات لم يحبسها داخل أبواب المعهد، بل راح يعرضها في معارض مختلفة العناوين، متساوية القيمة والمستوى: فمعرض للكتاب، وآخر للخط العربي، وثالث للأيقونات، تنقل بها من الدور اللبنانية، إلى حرم السفارات التي نذكر منها السفارتين الإيطالية والروسية. تعيد إلي سيرة الأب شربل بو عبود ما أتذكره كلما مررت بسور دير أو بوابة كنيسة من أبيات لبدوي الجبل عن الدور المسيحي في حفظ اللغة العربية وبعثها، وإنقاذ لساننا من التتريك. يقول: صانت مسوحكم الفصحى وكان لها منكم بمحنتها الأركان والعمد قرت بأديرة الرهبان يغمرها، شوق البنين وحب مترف رغد لم يخذلوا لغة القرآن أمهم، و كيف يخذل قربى كفه العضد وللآذان و للناقوس من قدم عهد على الحب و الغفران منعقد".

وختم المرتضى: "نعم أيها الأحبة، سنبقى في هذا الشرق معا على عهد المحبة والصمود والإيمان بالتراث الواحد والمصير الواحد، مهما تخاذل المتخاذلون وكره المتآمرون. ويبقى أن عنوانا حياتيا إيمانيا ثقافيا كهذا الذي عاشه وأنجز فيه الأب شربل بو عبود، يشكل للدولة اللبنانية ووزارة الثقافة بالتحديد ولوزير الثقافة شخصيا، حافزا على الإنحناء أمام عطاءات هذا الإنسان الطيب وتقديم هذه الدرع تكريما له. وفي هذه المناسبة، أسمح لنفسي بأن أشهد أمام عظمة إنسانيته: مستحق، مستحق، مستحق".

ثم قدم المرتضى إلى بو عبود درع الوزارة.