المطران ابراهيم شارك بصلاة النّوم الكبرى في رعيّة القدّيسة بربارة- زحلة
في نهاية الصّلاة كانت كلمة للأب زعرب رحّب فيها بالمطران ابراهيم في زيارته الأولى للرّعيّة وعرض لنشاطات الشّبيبة، متمنيًّا لراعي الأبرشيّة التّوفيق في قيادتها نحو برّ الأمان.
من جهته، ألقى المطران ابراهيم كلمة قال فيها: "بالنّسبة لي اليوم هو يوم تاريخيّ لأنّه لأوّل مرّة أصلّي في كنيسة تحمل إسم القدّيسة بربارة وهذا امر له دلالات كثيرة بالنّسبة إليّ. سأبحث لأعرف لماذا وجّهني الله اليوم لزيارة كنيسة القديّسة بربارة في هذه المحطّة من المحطّات الأساسيّة في عمري، بالتّأكيد سيكون لها رمز وسبب. والأمر الثّاني الّذي لفت انتباهي اليوم هو الدّرج المؤدّي إلى الكنيسة، والأحد الماضي كان الأحد الرّابع من الصّوم وفيه احتفلنا بتذكار أبينا يوحنّا السّلّمي واضع كتاب سلّم الفضائل، وكأنّ الرّبّ يذكّرنا بأنّه اختار هذه النّقطة لكي تكون هذه الدّرجات سلّمًا للفضائل وليتذكّر المؤمن أنّه كلّما أتى إلى هذه الكنيسة عليه أن يحقّق فضيلة جديدة وأن يتذكّر الفضائل الّتي يملكها ويتأكّد منها تزيد بدل أن تنقص. أحيانًا كثيرة مع الأسف نأتي إلى الكنيسة أكثر فتتناقص الفضائل، لماذا؟ لأنّ التّكبّر يغزونا بأنّنا أفضل من غيرنا نعرف أن نركع ونصلّي وهذا التّكبّر يجعلنا نشعر بأنّنا أعلى من باقي النّاس وهنا نكون قد أضعنا كلّ الدّرجات فنصبح متّجهين إلى الأسفل بالرّغم من أنّنا نصعد الدّرج. علينا أن نتذكّر دائمًا أنّ هدف هذه الدّرجات أن يجعلونا نعيش حياتنا صعودًا.
في صلاة اليوم لفتت نظري آيتان: "إنّ الشّعب السّالك في الظّلمة أبصر نورًا عظيمًا". علينا أن نتذكّر دائمًا أنّ النّور بإنتظارنا مهما سلكنا في طريق الظّلمة. هاتان الآيتان اللّتان هما أساسًا من المزامير يذكّراننا بأنّ مسيرتنا صعبة أحيانًا وهي مسيرة نحو النّور. يسوع وصف نفسه فقال "أنا نور العالم". كلمة نور ومعنى النّور وحضور النّور وأبعاد النّور هو حضور المسيح الحقيقيّ في حياتنا، فكلّما استعملنا النّور ننير الطّريق الّتي تقودنا إليه، ولا يجب علينا أن نسير في الظّلمة لأنّنا نصبح كأعمى يقود أعمى أمّا في النّور فنعرف الطّريق.
وعلى فكرة زحلة طرقاتها جميلة جدًّا، وهذه فرصة لأشكر رئيس البلديّة على هذه المدينة النّظيفة والنّموذجيّة والحضاريّة. بالرّغم من الأزمة الصّعبة الّتي يعيشها لبنان نشعر بأنّ زحلة فيها خدمات وفيها أشخاص تهتمّ. أشكر رئيس البلديّة والمخاتير وكلّ الّذين يتعاونون لكي تبقى زحلة مدينة إيمان وعطاء، مدينة نموذجيّة بكلّ معنى الكلمة. قلت وأكرّر وهذا رأيي الشّخصيّ بأنّ هناك ظلمًا بحقّ زحلة عندما يسمّونها عروس البقاع فهذا قليل عليها يجب أن تكون أكبر من هذا بكثير يجب أن تكون عروس الشّرق وسأشرح لماذا: بعلبك أهمّيّتها بقلعتها وهي من صنع النّاس، صيدا وصور وجبيل كذلك، الأهرام في مصر من صنع النّاس، بترا في الأردنّ كذلك، لكن زحلة هي من صنع الله بجمالها وموقعها الجغرافيّ وفكرها المتقدّم. ليس من سبيل المزاح أنّه في زمن السّلطنة العثمانيّة كانت زحلة جمهوريّة، هذه دلالة وعلامة أنّ فكر الإنسان الزّحليّ هو فكر متقدّم وفكر سياسيّ لم تستطع السّلطنة العثمانيّة أن تهزمه.
وفي العودة إلى موضوع النّور، فهذا الموضوع مهمّ جدًّا بالنّسبة لنا كمسيحيّين، فعندما نريد وصف أحدهم نقول له "متل القمر" لأنّه يعكس نورًا، إذا كان القمر لا يعكس النّور يصبح قبيحًا، يصبح قطعة سوداء لا نراها. وأحيانًا نصف شخصًا بأنّه منير كالشّمس. ومن وصف بشمس العدل؟ السّيّد المسيح في طروباريّة الميلاد هو شمس العدل. عندما نرسم القدّيسين نضع هالة من النّور حول رؤوسهم، ونحن كمسيحيّين علينا أن نشعّ نورًا.
كلّما استنرنا وتنوّرنا وعكسنا النّور وامتصّيناه في حياتنا وقلوبنا وعقولنا نصبح أشخاصًا مشعّين، وأنتم أهل زحلة كنتم الأهمّ في أزمة الكهرباء من باقي المناطق اللّبنانيّة، ربّما لأنّه في داخلكم تعرفون قيمة النّور ولا تقبلون أن يعتّم أيّامكم أحد على حياتكم، برغم الفواتير العالية والهمّ الكبير لكن الفكرة بحدّ ذاتها أنّنا نريد أن نكتفي بإنارة محلّيّة قدر الإمكان لكي لا نعيش في العتمة، لأنّ هذا حقّ طبيعيّ لكلّ إنسان في هذا العصر الّذي نعيش فيه، نحن نعيش في بلد الحضارة وليس في مجاهل الأمازون. هل من المقبول أن يصبح شعبنا يعيش على الشّحادة؟ علينا أن نرفض هذا الشّيء بالصّلاة وبالطّرق السّلميّة، بإعلاء الصّوت والاعتراض المحقّ ولا نقبل أن نبقى كالماشية يقودونها أينما يشاؤون. أنا مع الحياة الدّيمقراطيّة ومع أن يكون هناك تمثيل للنّاس في البرلمان وهذه من مقوّمات الدّيمقراطيّة ومن ضروريّات الحياة العامّة، ولكن لا يجوز أن تكون متابعة لمسيرة قائمة بحدّ ذاتها على الفساد. منظومة الفساد يجب أن تكون مرفوضة من الجميع لأنّها تعارض إرادة الله بأنّ على الإنسان أن يكون مشعًّا ولديه الحرّيّة والكرامة والاستقلاليّة ولا أحد يستطيع أن يسلبهم منّا".