لبنان
20 تموز 2022, 08:45

المطران ابراهيم في عيد النّبيّ إيليّا من خربة قنافار: نحتاج إلى الكثير من أمثال إيليّا في وطننا ومجتمعنا

تيلي لوميار/ نورسات
عشيّة عيد النّيّ إيليّا، قام رئيس أساقفة الفرزل وزحلة والبقاع للرّوم الملكيّين الكاثوليك المطران إبراهيم مخايل إبراهيم بزيارته الرّسميّة الأولى إلى بلدة خربة قنافار، حيث احتفل بالذّبيحة الإلهيّة في كنيسة مار الياس بمشاركة كاهن الرّعيّة الأب نقولا صليبا والأب شربل راشد.

بعد الإنجيل المقدّس، هنّأ المحتفلين بالعيد في عظة قال فيها: "كلّ عيد وأنتم بألف خير. إلى كلّ الّذين يحملون إسم النّبيّ إيليّا أو يتشفّعون به نسأل الله أن يباركهم ليكونوا على مثال هذا النّبيّ العظيم الّذي اشتهر بمحبّته الصّادقة الّتي ترجمت أعمالاً وحماسًا وقوّة إيمان لا يوصف بالله الحيّ. بالنّسبة إلى إيليّا الله كان كلّ شيء، والدّفاع عنه أهمّ من الحياة. وأحيانًا عندما نضع سلّم الأولويّات في حياتنا، كثر من بيننا يضعون الله على رأس هذا السّلّم الّذي يعطينا الثّقة بأنّ الله ليس فقط خالقنا إنّما هو أيضًا مخلّصنا.

أمام من وقف إيليّا؟ أمام المسؤولين الّذين يملكون سُلطة زمنيّة أو عسكريّة أو روحيّة، وعبّر بقوّة وجرأة مليئة بالحماس "غيرة بيتك أكلتني"، وبقدر ما كان يملك غيرة على بيته بقدر ما كان جريئًا في الدّفاع عن الحقّ الّذي هو إيمانه بالله الحيّ.

هذا إيليّا الّذي نحتاج إلى الكثير من أمثاله في وطننا ومجتمعنا . كثيرون اليوم يسيرون حسب مجرى المياه. قسّمونا إلى مجموعات صغيرة كلّ مجموعة تتبع زعيمها، لكن السّؤال يبقى: كم نملك من الحرّيّة لكي نختار الأفضل لوطننا وشعبنا؟ هذا السّؤال لا نجد له جوابًا. لا نجد إيليّا يقف ويصرخ كما فعل يوحنّا المعمدان. وهنا تأكيد على أنّ يوحنّا المعمدان وإيليّا يتشابهان كثيرًا. إيليّا كان السّابق الثّاني لمجيء المسيح ويوحنّا كان السّابق الأوّل، نحن بحاجة اليوم إلى الكثير من إيليّا لأنّ وطننا فيه ظلمة وبعد عن الله خصوصًا من الّذين أعطوا مسؤوليّات في بلدنا أخذوا الشّعب إلى اتّجاه آخر إلى سجن من نوع آخر، وكان إيليّا المدافع الوحيد عن شعبه، المدافع الوحيد عن الله ليس لأنّ الله بحاجة لمن يدافع عنه لكن الشّعب بحاجة إلى من يعطيه الحرّيّة بأن يعبد الله، أيّ أن يتبع الحقيقة والنّور والخير، وهذا ما قدّمه إيليّا إلى شعبه بالدّفاع عن الله الحيّ.

وخربة قنافار هذه البلدة الجميلة قدّمت للوطن أناسًا كثيرون أعطوا دون حساب. والمواطن الشّريف اليوم المؤمن بأرضه وبلاده هو أفضل بكثير من المسؤول الّذي باع ضميره وباع شعبه بأبخس الأثمان. وتعلمون أنّ عمليّة البيع مع الأسف هي من صلب اختبار الإنسان. يُباع ويُشترى أحيانًا من قبل أشخاص ليس لديهم أيّ محبّة. وأشهر من عاش هذا الاختبار الصّعب هو يسوع المسيح إذ بيع بثلاثين من الفضّة، أعطي إلى رؤساء الكهنة والجنود لكي يصلبوه بثلاثين من الفضّة وهو مبلغ زهيد جدًّا. نحن اليوم شعبنا يباع لكن ما هو الثّمن الّذي تقاضوه ليوصلونا إلى الظّلمة والحاجة والجوع حتّى. الإختبار الّذي عاشه إيليّا يتكرّر اليوم وعلى كلّ واحد منّا أن يكون إيليّا.

خربة قنافار عاشت هذا الاختبار منذ زمن بعيد. أوائل المهاجرين اللّبنانيّين في المغتربات كانوا من خربة قنافار. وعندما عيّنت كاهنًا في مدينة كليفلاند أوهايو، كانت الكنيسة على اسم مار الياس وعندما سألت عن سبب التّسمية أجابني الجميع بأنّ الّذين اسّسوا الكنيسة كانوا من زحلة وخربة قنافار واتّفقوا أن يسمّوا الكنيسة على اسم مار الياس لأنّ في زحلة الكثير من الكنائس على اسمه وفي خربة قنافار أيضًا، وأوّل كاهن خدم الكنيسة في عام 1901 احتفل بالقدّاس الإلهيّ ليلة عيد الميلاد كان اسمه باسيليوس مرشا من زحلة، بعده استلم خدمة الرّعيّة كاهن من خربة قنافار اسمه ملاتيوس مفلح خدم الرّعيّة حوالي أربعين سنة. هذه البلدة هي مشتلاً للوطن والاغتراب بأشخاص عرفتهم ورأيت كم لديهم طاقة وكرم ومحبّة وكان لديهم دور مهمّ في بناء المغتربات في بلدان الانتشار.

أشكر الرّبّ على الوقت الّذي أمضيه معكم الآن في عيد مار الياس، وأتمنّى أن تبقى هذه البلدة مليئة بالنّاس وبخاصّة الأطفال والشّباب الموجودين معنا في القدّاس، وأنا دائمًا أقول وأردّد إنّ أملنا هو بالشّباب والأطفال الّذين هم المستقبل".  

وفي نهاية القدّاس، كانت كلمة للأب نقولا صليبا شكر فيها المطران ابراهيم على محبّته واهتمامه ورعايته الأبويّة، وقدّم بإسم الرّعيّة أيقونة الختن للمطران ابراهيم عربون محبّة وتقدير.  

بعد القدّاس انتقل الحضور إلى قاعة الكنيسة حيث تبادلوا التّهاني بالعيد وتعرّفوا أكثر الى المطران ابراهيم.