لبنان
31 كانون الأول 2020, 06:00

المطران الحاج قدّم رسالة البابا لليوم العالميّ للسّلام والأحد قدّاس في بكركي على نيّة كل من عانى من انفجار 4 آب

تيلي لوميار/ نورسات
عقد قبل ظهر الأربعاء رئيس اللّجنة الأسقفيّة "عدالة وسلام" المطران شكرالله نبيل الحاج، مؤتمرًا صحافيًّا، بدعوة من اللّجنة الأسقفيّة لوسائل الإعلام في المركز الكاثوليكيّ للإعلام، قدّم فيه رسالة البابا فرنسيس لليوم العالميّ الرّابع والخمسين للسّلام، تحت عنوان "ثقافة الرّعاية: مسار للسّلام". وسيترأس قدّاس السّلام البطريرك المارونيّ الكاردينال مار بشاره بطرس الرّاعي، نهار الأحد الواقع فيه3 كانون الثاني 2021، في تمام السّاعة العاشرة صباحًا، في الصّرح البطريركيّ– بكركي، يرفع خلاله الصّلاة على نيّة كل من عانى واعتنى بضحايا إنفجار 4 آب.

شارك في المؤتمر مدير المركز الكاثوليكيّ للإعلام الخوري عبده أبو كسم، ومن لجنة عدالة وسلام أمين سرّ اللّجنة د. فادي جرجس والأمينة العامّة السّيّدة سوزي الحاج، وحضر الأب انطوان عطالله وعدد من الإعلاميّين والمهتمّين.

أبو كسم

رحّب الخوري عبده أبو كسم بالحضور بإسم رئيس اللّجنة الأسقفيّة لوسائل الإعلام المطران أنطوان– نبيل العنداري الّذي تغيّب عن الحضور بسبب ارتباطات سابقة وقال:

"تندرج رسالة قداسة الحبر الأعظم البابا فرنسيس هذه السّنة، في إطار الأزمة العالميّة، الّتي سبّبتها جائحة كورونا، والأزمات الاقتصاديّة والسّياسيّة الّتي تهزّ بعض البلدان والّتي يعاني منها وطننا العزيز لبنان، فنحن كلبنانيّين، نعاني من أزماتٍ متعدّدة، جرّت الوطن إلى مشارف الانهيار الكبير، لكن يبقى رجاؤنا معلّقًا على طفل المغارة سيّدنا يسوع المسيح، ونجمة الصّبح أمّنا مريم العذراء الّتي ستحوّل بشفاعة إبنها ظلمتنا إلى نور."

تابع: "أجل أيّها الأحبّاء إنّنا في وضع حرج جدًّا، ولا يمكن أن نصمد إلّا من خلال الاعتناء بعضنا ببعض منكبّين على نسج علاقات أخويّة تقضي على ثقافة اللّامبالاة الّتي تضرب فئةً من شعبنا فلا يمكن الخروج من نفق الظّلمة إلّا بتضامننا مع بعضنا البعض، على مثال الجماعة المسيحيّة الأولى الّتي عاشت روح المشاركة حتّى لا يكون فيها واحدًا محتاجًا."

وقال: "كم أحوجنا اليوم إلى روح التّضامن هذه، هذه الّروح يجب أن ترتكز على قناعة ذهبيّة، وهي، أن نعرف أنّ كلّ عطيّة من الله، هي بالنّسبة لنا حقّ مشترك، ومن أجل استخدام مشترك، فالتّضامن فيما بيننا يعبّر عن محبتنا للآخر."

تابع: "فالمطلوب اليوم الابتعاد عن ثقافة الإقصاء، اللّامبالاة، والتّهميش وبالمقابل تعزيز مفهوم ثقافة الرّعاية الّتي ترتكز على المحبّة فالأولويّة في الكنيسة هي لخدمة المحبّة، أيّ للفقراء، وتربية الصّغار والاعتناء بالمهملين والمهمّشين الّذين باتوا الأغلبيّة السّاحقة في وطن يتصارع زعماؤه على تقاسم الفتات، بعد أن قضوا على مقدراته."

وقال: "إنّ قداسة البابا فرنسيس، توجّه إلى اللّبنانيّين في رسالة خاصّة بمناسبة عيد الميلاد، وطالب المسؤولين بتغليب المصلحة العامّة على المصالح الخاصّة، مستشهدًا بكلام المكرّم البطريرك الياس الحويّك".

وإختتم أبو كسم "نحن نجدّد اليوم الصّرخة، ونقول: شعبنا قلق على مصيره، على مستقبل أولاده، على هجرة شبابه، على لقمة عيشه وتأمين دوائه، على جنى عمره، قلق على وطن ينهار بعد مئة عام على قيامه. فيا أيّها المعنيّون حكّموا ضمائركم قبل فوات الآوان. أنقذونا، وأنقذوا لبنان."

الحاج

من جهته، قدّم المطران شكرالله نبيل الحاج رسالة البابا فرنسيس ليوم السّلام قائلاً:

"منذ العام 1968، وفي مطلع كلّ عام جديد، يتوجّه الحبر الأعظم إلى العالم برسالة عامّة، احتفالًا باليوم العالميّ للسّلام. هكذا قدّم البابا فرنسيس رسالة اليوم العالميّ للسّلام الرّابع والخمسين، في الأوّل من كانون الثّاني من العام 2021 بعنوان "ثقافة الرّعاية: مسار للسّلام"، متمنّيًا أن "يشهد هذا العام تقدّم البشريّة في درب الأخوّة والعدالة والسّلام بين الأفراد والشّعوب والدّول."

تابع: "لفت قداسته إلى أنّ العام 2020 قد اتّسم بالأزمة الصّحّيّة الكبيرة الّتي سبّبها الكوفيد 19، والّتي"أدّت إلى تفاقم الأزمات المترابطة في ما بينها، مثل أزمات المناخ والغذاء، والأزمات الاقتصاديّة…" وتسبّبت للكثيرين بالمعاناة الشّاقّة، وعلى رأسهم الّذين فقدوا أحد أفراد أسرتهم أو شخصًا عزيزًا، وكذلك الّذين فقدوا وظائفهم. كما خصّ بالذّكر"الأطبّاء والممرّضات والصّيادلة والعلماء والمتطوّعين والكهنة المرافقين وموظّفي المستشفيات والمراكز الصّحّيّة الّذين بذلوا قصارى جهدهم وما زالوا يقومون بجهود وتضحيات كبيرة إلى حدّ الموت"...

أضاف: "في الفقرتين الثّانية والثّالثة سلّط البابا فرنسيس الضّوء على  الله الخالق الّذي هو في أصل دعوة الإنسان إلى الرّعاية وهو مثال الرّعاية. على ما يكشف سفرُ التّكوين منذ البدء، عن أهمّيّة رعاية مشروع الله للبشريّة أو حراسته، وعن العلاقة بين الإنسان (آدم) والأرض (أداما) وبين الإخوة."

وقال: "أمّا الفقرتان الرّابعة والخامسة فقد خصّصهما قداسته لموضوع الرّعاية في خدمة يسوع، ولثقافة الرّعاية في حياة أتباعه. إنّ حياة يسوع وخدمته تجسّدان ذروة تجلّي محبّة الآب للبشريّة، فهو الّذي كرّسه الرّبّ وأرسله "ليُبَشِّرَ الفُقَراء ويُعلِنَ لِلمَأسورينَ تَخلِيَةَ سَبيلِهم ولِلعُميانِ عَودَةَ البصَرِ إِلَيهِم ويُفَرِّجَ عنِ الـمَظلومين" (را. لو 4، 18). غفر للخطأة ومنحهم حياة جديدة. إنّ يسوع هو الرّاعي الصّالح الّذي يعتني بالخراف (را. يو 10، 11- 18؛ حز 34، 1- 31)؛ إنّه السّامريّ الصّالح الّذي ينحني على الجريح ويشفي جراحه ويعتني به (لو 10، 30- 37)".

تابع: "وفي ذروة رسالته، ختم يسوع عنايته بنا باذلًا ذاته على الصّليب فحرّرنا من عبوديّة الخطيئة والموت. وإنّ أعمال الرّحمة هي نواة محبّة الكنيسة الأولى وخدمتها. وتنقل السّجلّات التّاريخيّة أمثلة لا تُحصى من أعمال الرّحمة. إذ نشأ العديد من المؤسّسات المسيحيّة لتلبية جميع الاحتياجات الإنسانيّة: المستشفيات، ومساكن الفقراء، ودور الأيتام…"

وقال: "ثم انتقل البابا فرنسيس إلى مبادئ العقيدة الاجتماعيّة للكنيسة الّتي تشكّل "أساسًا لثقافة الرّعاية". وتحدّث عن "قواعد" الرّعاية الّتي أصبحت القلبَ النّابض لعقيدة الكنيسة الاجتماعيّة أيّ: "تعزيز كرامة كلّ إنسان، والتّضامن مع الفقراء والعُزّل، والاهتمام بالخير العامّ، والحفاظ على الخليقة". هكذا تصبح الرّعاية بمثابة تعزيز لكرامة الشّخص وحقوقه. ومن هذه الكرامة تشتقّ حقوق الإنسان…

وهنا ربط قداسته مفهوم رعاية الخير العامّ بجائحة الكوفيد-19، الّتي أدركنا إزاءها "أنّنا كلّنا على متن القارب نفسه، جميعنا ضعفاء ومرتبكون، ولكن في الوقت عينه مهمّون وضروريّون، ومدعوّون جميعًا إلى البقاء معًا"، لأنّ "لا أحد يخلّص نفسه بنفسه".  وتكون الرّعاية من خلال التّضامن الّذي يعبّر بشكل ملموس عن محبّتنا للآخر، الّتي ليست شعورًا بتعاطف مبهم، بل "عزمًا ثابتًا ومثابرًا على العمل من أجل الخير العامّ، أيّ من أجل خير الكلّ وكلّ فردٍ لأنّنا جميعنا مسؤولون حقًّا عن الجميع"…

وقال: "إستعان قداسته برسالته العامّة الشّهيرة "كن مسبّحًا" Laudato Si الّتي تعترف اعترافًا تامًّا بالتّرابط الموجود بين المخلوقات كلّها وتسلّط الضّوء على الحاجة إلى الإصغاء لصرخة المحتاج والخليقة معًا، حتّى تنشأ رعايةٌ فعّالة للأرض، الّتي هي بيتنا المشترك. وأكّد أنّ "السّلام والعدل والحفاظ على الخليقة هي ثلاثة مواضيع مترابطة تمامًا.."

تابع: "ودعا قداسته المسؤولين عن المنظّمات الدّوليّة والحكومات، والعالم الاقتصاديّ والعلميّ، وعالم التّواصل الاجتماعيّ والمؤسّسات التّعليميّة، إلى تبنّي "بوصلة" المبادئ  المذكورة أعلاه. و من خلال هذه البوصلة، شجّع الجميع على أن يصبحوا "أنبياء وشهودًا لثقافة الرّعاية".

أضاف الحاج: "كما شدّد البابا فرنسيس على أهمّيّة مكانة المرأة، مؤكّدًا أنّه لن يكون هذا ممكنًا إلّا بمنح المرأة دورًا رئيسيًّا قويًّا وواسع النّطاق، في الأسرة وفي كلّ المجالات الاجتماعيّة والسّياسيّة والمؤسّساتيّة. ولا ننسى أنّ بوصلة المبادئ الاجتماعيّة، الضّروريّة لتعزيز ثقافة الرّعاية، تشير أيضًا إلى العلاقات بين الأمم، الّتي ينبغي أن تستلهم من مبادىء الأخوّة والاحترام المتبادل والتّضامن ومراعاة القانون الدّوليّ."

وقال: "وفي هذه المرحلة الّتي تشهد باستمرار النّزاعات والحروب حيث يتعرّض النّاس للقصف العشوائيّ بالمتفجّرات.. ولا يستطيع الأطفال أن يدرسوا، ولا الرّجال والنّساء أن يعملوا لإعالة الأسرة، وحيث تنمو المجاعة، ويضطرّ الأشخاص إلى الفرار، تاركين وراءهم ليس فقط منازلهم ولكن أيضًا تاريخ عائلاتهم وجذورهم الثّقافيّة… يدعونا البابا فرنسيس أن نسأل أنفسنا: "كيف نقود قلوبنا إلى الارتداد ونغيّر عقليّتنا لكي نسعى حقًّا إلى السّلام بالتّضامن والأخوّة؟ كم من الموارد تُهدَر من أجل الأسلحة، ولاسيّما الأسلحة النّوويّة؟ كم يتطلّب شجاعة أن نقرّر "إنشاء صندوق عالميّ، بالأموال المستخدمة في مجال الأسلحة والنّفقات العسكريّة الأخرى، يهدف إلى القضاء نهائيًّا على الجوع، والمساهمة في تنمية أفقر البلدان؟!

تابع: "وينهي  قداسة البابا رسالته بفقرتين يشدّد فيهما على ضرورة تعزيز ثقافة الرّعاية الذي يتطلّب بدوره عمليّة تربويّة، تنشأ في الأسرة، ومن ثمّ في المدارس والجامعات، وكذلك من خلال التّواصل الاجتماعيّ. كما نوّه الحبر الأعظم  بالدّور الأساسيّ للقادة الدّينيّين لينقلوا إلى المؤمنين قيم التّضامن، والرّعاية بأكثر الإخوة ضعفًا. وفي هذا الصّدد، ذكّر بكلمات البابا بولس في العام 1969: "لا تخافوا من الكنيسة… فهي تسعى إلى تعزيز الحرّيّة السّليمة والعدالة الاجتماعيّة والسّلام؛ وإذا كان لديها أولويّات، فهي تعطي الأولويّة للفقراء، ولتربية الصّغار والشّعب…".

وقال: "يختم قداسته بقوله إنّه ما من سلام دون ثقافة الرّعاية! وبصرخته: "هناك حاجة إلى صانعي سلام، مستعدّين للشّروع في عمليّات الشّفاء والتّلاقي، ببراعة وجرأة"، وللتّقدّم نحو أفق جديد من المحبّة والسّلام والأخوّة الّتي تعتني ببعضها البعض! ودعانا إلى أن نرفع نظرنا إلى مريم العذراء، نجمة البحر وأمّ الرّجاء"، في اليوم الأوّل من العام الجديد الّذي تكرّسه الكنيسة الكاثوليكيّة عيدًا لمريم أم الله!".

وأنهى الحاج بالقول: "بإسمي وبإسم أعضاء لجنة "عدالة وسلام"، نشكر وسائل الإعلام كافّة، وعلى رأسها المركز الكاثوليكيّ للإعلام الّذي يشرف عليه سيادة المطران أنطوان- نبيل العنداري، ويديره حضرة الخوري المحبّ عبدو أبو كسم، وأصلّي قائلًا: يا يسوع المسيح ربّ السّلام، نستودعك شبابنا وأطفالنا وعيالنا وذواتنا، ووطننا لبنان!".

سوزي الحاج

وفي الختام، وجّهت أمينة اللّجنة سوزي الحاج دعوة إلى كلّ اللّبنانيّين، للمشاركة، على وسائل الإعلام والتّواصل، قدّاس السّلام الّذي سيترأّسه صاحب الغبطة والنّيافة الكاردينال مار بشارة بطرس الرّاعي، في كنيسة الصّرح البطريركيّ، نهار الأحد الواقع فيه 3  كانون الثّاني 2021، وذلك في تمام السّاعة العاشرة صباحًا، وللصّلاة معنا لراحة أنفس ضحايا انفجار 4 آب وعلى نيّة كلّ من عانى واعتنى وساعد في بلسمة الجراح الّتي سبّبها هذا الانفجار من أطبّاء وممرّضين وممرّضات وكلّ الجسم الطّبّيّ وصليب أحمر ودفاع مدنيّ وفوج الإطفاء وقوى أمن والجيش اللّبنانيّ."