لبنان
16 شباط 2021, 06:55

المطران خيرالله: لجماعات ترافق وتعطف وتحبّ وتلتزم وترحم وتخدم كالسّامريّ الصّالح

تيلي لوميار/ نورسات
حثّ راعي أبرشيّة البترون المارونيّة المطران منير خيرالله على تحويل الجماعات الرّاعويّة والرّهبانيّة والأبرشيّة إلى جماعات ترافق وتعطف وتحبّ وتلتزم وترحم وتخدم كالسّامريّ الصّالح، وذلك خلال قدّاس إلهيّ احتفل به في دير مار يوسف- جربتا مع لجنة راعويّة الصّحّة التّابعة للأبرشيّة، يوم السّبت، إحياءً لليوم العالميّ للمريض، عاونه فيه النّائب العامّ المونسنيور بيار طانيوس ورئيس اللّجنة الخوري شربل خشّان، بحضور مرشد الدّير الأب بولس قزّي، ورئيسة الدّير الأخت راغدة يونس والرّاهبات وأعضاء اللّجنة.

بعد تلاوة الإنجيل المقدّس، ألقى المطران خيرالله عظة قال فيها: "بدعوة من لجنة راعويّة الصّحّة في الأبرشيّة ورئيسها الخوري شربل خشّان، نحتفل باليوم العالميّ للمريض الّذي أرادته الكنيسة وأراده قداسة البابا فرنسيس مناسبة لنوجّه انتباهنا واهتمامنا إلى المرضى، جميع المرضى وبخاصّة من يعانون من وباء كورونا، وإلى الّذين يخدمونهم بمحبّة.

وإحتفالنا في هذا الدّير- المزار الّذي تقدّست فيه الرّاهبة اللّبنانيّة رفقا، بحملها الصّليب مع يسوع حتّى أعلنتها الكنيسة شفيعة المتألّمين، له رمزيّة روحيّة خاصّة حيث الألم مع المسيح يتحوّل إلى فرح ورجاء، والصّليب إلى انتصار الحبّ، والموت إلى حياة وقيامة.

اتّخذ قداسة البابا فرنسيس شعار اليوم العالميّ للمريض لهذه السّنة من تعليم يسوع المسيح في إنجيل متّى: "لأنّ لكم معلّمًا واحدًا وأنتم جميعكم أخوة" (متّى "23/8).

يركّز البابا فرنسيس في هذا الشّعار على فكرتين روحيّتين:

الأولى أنّ يسوع هو وحده الرّبّ والمعلّم، كما كان يسمّيه رسله وتلاميذه وشعبه. وهذا يحتّم علينا أن نسمع له ونتعلّم منه ونتّخذه قدوة ومثالاً، فنكون له رسلاً وتلاميذ في حياتنا اليوميّة كي ننال الخلاص.

والفكرة الثّانية أنّنا جميعًا أخوة. من هنا واجبنا ورسالتنا أن نعيش الأخوّة ونشهد لها، لأنّنا بيسوع الرّبّ والمعلّم أصبحنا أخوة، أيّ أنّ يسوع ابن الله والمخلّص جعلنا بعمله الخلاصيّ أبناء الله الآب وأخوة له، وبالتّالي أخوة لبعضنا البعض.

وعيش الأخوّة هو الشّعار الّذي اتّخذه البابا فرنسيس لخدمته البابويّة خليفة لبطرس، ودعا في كلّ عظاته ورسائله وفي حياته إلى تطبيقها.

وقد وقّع في 4 شباط 2019 في الإمارات العربيّة المتّحدة "وثيقة الأخوّة الإنسانيّة" مع شيخ الأزهر الدّكتور أحمد الطّيّب. وهذا ما حدا بمنظّمة الأمم المتّحدة إلى إعلان يوم 4 شباط يومًا عالميًّا للأخوّة الإنسانيّة.

ثمّ عاد وشرح هذا الشّعار في رسالته العامّة "كلّنا أخوة" الّتي وقّعها وأطلقها من أسيزي- إيطاليا في 3/10/2020.

ولأنّ يسوع الرّبّ والمعلّم يعتبر نفسه السّامريّ الصّالح (راجع لوقا 10/25-37) يطلب قداسة البابا فرنسيس من كلّ مسيحيّ يريد أن يكون تلميذًا ليسوع أن يكون مثله سامريًّا صالحًّا، لا عابر سبيل وغير مبال، وأن يتصرّف مثله مع كلّ إنسان يحتاج إلى محبّة ورحمة. ويقترح علينا موقفًا نموذجيًّا ومنهجيًّة متدرّجة تساعدنا على التّشبّه بيسوع وبالسّامريّ الصّالح؛ أيّ: أن نتوقّف، وننظر إلى وجه الأخ المريض والمتألّم، ونصغي إليه، ونبني معه علاقة مباشرة وشخصيّة، ونتعاطف معه نشاركه الألم، ونخدمه في المحبّة بما أعطانا الله من وسائل.

يدعونا يسوع في هذا الموقف إلى أن نتطلّع إلى كلّ وجه من وجوه إخوتنا، فنرى فيه وجه المسيح المريض، والمتألّم، والجائع، والعطشان، والمظلوم، والمنبوذ، والسّجين، والمهجّر...

إنّها منهجيّة الرّعاية الصّحّيّة ورعاية المحبّة، لأنّه لا علاج لأيّ مريض من داء جسديّ أو نفسيّ من دون عيش القرب وبناء علاقة شخصيّة وعهد ثقة معه، ودعوته إلى الثّبات في الإيمان والرّجاء. هكذا كان يتصرّف يسوع مع جميع الّذين قصدوه لطلب الشّفاء. فكان يقول لكلّ واحد أو واحدة منهم: إيمانك خلّصك! وهي المنهجيّة الّتي تتبنّاها الكنيسة في رعايتها للمرضى. لأنّ الكنيسة هي أمّ وتسهر على أولادها، كما تسهر العذراء مريم عليهم، وتدعو جميع الّذين يخدمون باسمها في الرّعاية الصّحّيّة- من كهنة ورهبان وراهبات وأطبّاء وممرّضين وممرّضات ومتطوّعين- إلى أن يعيشوا القرب مع مرضاهم ويؤكّدوا لهم محبّتهم.

وتدعونا جميعًا إلى أن نحوّل جماعاتنا الرّعويّة والرّهبانيّة والأبرشيّة إلى جماعات ترافق وتعطف وتحبّ وتلتزم وترحم وتخدم .

نصلّي في هذا القدّاس، من أجل جميع مرضانا ونشكر الله عن الخدمة الّتي يؤدّيها أعضاء لجنة راعويّة الصّحّة في أبرشيّتنا وجميع العاملين الصّحّيّين من أطبّاء وممرّضين وممرّضات ومتطوّعين. إنّهم في الحقيقة سامريّون صالحون اختاروا النّظر إلى تلك الوجوه المريضة والمتألّمة وتعرّفوا إليها وأحبّوها وبنوا معها علاقة وأكّدوا قربهم منها وخدموها.

ونطلب من الله، بشفاعة أمّنا العذراء مريم سلطانة المتألّمين وشفاء المرضى، أن يبعد عن الأرض وجميع سكّانها ضربات الغضب، ويلاشي الأخطار والفتن، ويمنع السّيف والسّبي والمجاعة والوباء، ويتحنّن علينا نحن الضّعفاء، ويفتقدنا نحن المرضى، ويساعدنا نحن المساكين، وينقذنا نحن المظلومين، ويريح موتانا المؤمنين ويمنحنا آخرة صالحة، فنستطيع أن نقول مع القدّيسة رفقا: "مع آلامك يا يسوع"، وبألامنا نشاركك في حمل الصّليب لنستحقّ معك الموت عن عالم الإنسان القديم والقيامة إلى عالم الإنسان الجديد يسوع المسيح في مجد القيامة. آمين".