لبنان
03 نيسان 2020, 11:50

المطران درويش: حبّ الوطن هو من حبّ الله

تيلي لوميار/ نورسات
رفع رئيس أساقفة الفرزل وزحلة والبقاع للرّوم الملكيّين الكاثوليك المطران عصام يوحنّا درويش الصّلاة لأجل راحة نفوس شهداء زحلة وقدّم القرابين، خلال قدّاس البروجيازمانا- القدّاسات السّابق تقديسها في كاتدرائيّة سيّدة النّجاة- زحلة، وألقى عظة قال فيها :

"أحيّيكم جميعًا أنتم اللّذين تتابعون معنا هذا القدّاس الإلهيّ من كاتدرائيّة سيّدة النّجاة، نتمنّى لكم كلّ الخير وأن تكونوا مباركين.

لم يكن أحدٌ منّا يظنّ أنّ الكاتدرائيّة ستكون فارغة هذه السّنة ونحن نحتفل بقدّاس شهداء زحلة. فزمننا صار مُثقلاً بالأوجاع والأحزان، ولم نكن نتوقّع أنّ هذا الوباء سيضرب الإنسان في عمق تقاليده وتوجّهاته. لذلك نحن التزمنا بالتّعليمات الموجّهة لنا، بوجوب الحجر الصّحّيّ. فطلبنا من جميع المؤمنين والمؤمنات أن يلتزموا بيوتهم ويصلّوا معنا عبر وسائل التّواصل الاجتماعيّ.

نودّع اليوم صلاة يا ربّ القوّات وقدّاس البروجيازمانا، صلواتٌ رفعناها للرّبّ في زمن الصّوم المقدّس، ومَنْ غيرُه يمكننا أن نستعين به في أزماتنا ومحنِنا؟ صلّينا مرارًا: "يا ربّ القوّات كن معنا، فليس لنا معين سواك.. إنّ الله معنا.. فممّن نخاف."

إنّنا نمرّ في زمن تجربة وكأنّنا مع يسوع في صحراء روحيّة نسكن بيتنا ليمرَّ الوباءُ عنّا، فلنحوِّل هذا البيت إلى مكان اختلاء مع يسوع ولنبحِر نحو جوهر حياتنا، ولنجعَل للرّبّ مكانًا في بيتنا. هذا هو الوقت المناسب لنكتشف الأمور الأساسيّة في حياتنا، فليس بالخبزِ وحدَهُ يعيشُ الإنسان، وخلاصُنا لن يتمَّ إلّا بالشّعور لجوع الحقيقة، الجوع الى الله والرّجوع إليه.

أن نكونَ في بيتِنا في هذه الأيّام يعني أن نحوّل العائلة إلى مكانِ عبادة، وكأنَّ الرّبَّ موجودٌ مع كلِّ فرد من أفراد العائلة، لنجعل من بيوتنا هياكل نقدّم عليها تضحيّاتِنا ومحبتَنا.  

وأنا أحتفل في هذه الكاتدرائيّة بقدّاس شهداء زحلة والكنيسة خالية من المؤمنين، ينتابني خوف وأشعر بحزن عميق لكنّي بنفس الوقت أشعر برجاء كبير فالشّهداء معنا يرفعون الصّلوات معنا لنكونَ بدورنا أمناءَ لما كانوا عليه.

أدعوكم اليوم لتسفيدوا وأنتم في البيت بالأمور التّالية :

تقوية الرّوابط وتمتينها بين أفراد العائلة، اكتشاف الغنى الموجود عند كلّ فرد من أفراد العائلة، تقوية الحوار وتغذية الذّاكرة بالأيّام الحلوة السّابقة الّتي عاشها أفراد العائلة، عندنا وسائل تواصل كثيرة تنقل لنا الصّلاة، لنصلّي مع الكنيسة الجامعة ونتّحد بالرّوح مع كنيستنا ومع أصدقائنا ومع أبنائنا الرّوحيّين، بمكوثنا في البيت علينا أن نتخطّى الانجذاب لتجربة الانغلاق على الذّات، بل على العكس ترك المكان لله لنرى واقعنا بأعينه، لا نريد أن ننغلق على أنانيّتنا بل نريد الانفتاح على محبّة الله والآخرين. نريد أن نختار محبّة الصّليب، محبّة الفداء الّذي يقوم على الثّقة في الله وعلى إعطائه الأولويّة في حياتنا.  

في هذا القدّاس نصلّي معكم لتستريح نفوسُ شهدائنا في ملكوت الله، وليبقى ذكرُهم مؤبّدًا. ولنتعلّم منهم أنّ حبّ الوطن هو من حبّ الله، هذا الحبّ علّمنا إيّاه السّيّد المسيح عندما قال "ليس لأحد حبّ أعظم من أن يبذل نفسه عن أحبّائه."

ونحن نتهيّأ للاحتفال بعيد القيامة، نسأل الله أن يمنحنا نعمة الرّجاء، وليكن هو مصدر قوّة لنا لنتخطّى المحنة الّتي نمرّ بها وليكن مصدر عزاء للمرضى والمتألّمين، وليمنحنا روحه القدّوس بشفاعة مريم العذراء. آمين."