المطران درويش: عيد البشارة هو فاتحة أعياد التجسد وبداية الخلاص
أهنئكم بعيد البشارة، شفيعة هذه الكلية الشرقية وأرفع الدعاء معكم لمريم العذراء لتحفظكم وتتشفع لدى يسوع المسيح بكل واحد منكم. وأتساءل اليوم معكم كيف تكون حالة العالم لو لم تكن هناك بشارة؟ كيف تكون حالة الإنسان لو لم يتجسد الله ولو لم يكن عندنا مريم العذراء؟
لو لم تكن البشارة كنّا مازلنا نعيش في العهد القديم، في عهد انتظار وفي ظلمة باطلة، لو لم تكن البشارة، لما ظهر لنا صلاح الله وكنا مازلنا في ضلال. البشارة جعلت غيرَ الممكن ممكنا وتجسد الله صار واقعا عندما وُجدت مريم وقالت "نعم" للملاك. بهذه النَعَمْ أعطت مريم الطبيعة البشرية كلمة الله وارتبط شخصُها بشخص يسوع المسيح.
في البشارة أعلن الرب حبَّهُ لنا عندما أخذ صورتَنا وطبيعَتنا وشاركنا في كل شيء ماعدا الخطيئة. في البشارة أعطانا الله القدرة لتتجددَ روحنا ويتجددَ عقلُنا ونلبسَ الإنسانَ الجديد ومنحنا النعمة لنكونَ من مواطني السماء. في البشارة هدمَ الربُّ الحاجزَ الذي بناه الإنسان ليكون بعيدا عن الله، وبشرنا بالسلام وصرنا قادرين أن نكون مسكنا للروح. في البشارة تعلمنا من مريم أن نسلكَ بتواضع وخضوع لمشيئة الله وأن تكون سيرتنا في الحياة لائقة ببشارة المسيح (فيليبي1/27). في البشارة تمت مصالحة البشر مع الآب الذي يمنح التألّه كمكافأة للذين يطيعون المسيح. في البشارة صحّحّ الله الأحداث التي جرَت عند بداية خلق الإنسان نتيجة سقطة الإنسان، فصارت العذراءُ مريم حواء الجديدة التي صححَّت خطيئةَ آدم وحواء."
واضاف "في البشارة اكتسبَت العذراء مريم ملءَ النعمة من المسيح، قبلَ الحبل وفي الحبل وبعد الحبل. وصارت عذراء في الجسد وعذراء في النفس. (هذه هي معنى النجمات الثلاث التي يضعها رسّامو الأيقونات دائماً على جبين العذراء مريم وعلى كتفيها). في البشارة قبلت العذراء مريم الروح القدس الذي طهّرها ومنحها القدوة لتقبل ألوهية الكلمة في أحشاءها وتكونَ قادرة على ولادة كلمة الله يسوع المسيح. في البشارة تمَّ حدث غرييب، شاذ وغير معقول بحسب المنطق البشري وقد تم هذا عندما أظهرت مريم طاعة كاملة للرب: هاأنذا أمةٌ للرب، ليكن لي حسب قولك".
تمت البشارة ومن ثمَّ الحبل بصمت وقداسة ونقاء وطهارة وطاعة وتواضع وتسليم العذراء مريم ذاتها بإيمان عميق وثقة كبيرة كما يقول القديس يوحنا الدمشقي: “في لحظة البشارة، في تلك اللحظة تجسّد الله الكلمة”.
إن الحمل بالمسيح تمّ في رحم والدة الإله بالروح القدس بطريقة مبدعة وليس بالزرع، ونتيجة لهذا الحَدَث نُسمّي مريم والدة الإله "الثيوتوكوس" وبالتحديد لأنها حملت المسيح بالروح القدس."
وختم درويش عظته قائلاً " إن عيد البشارة هو أول الأعياد وهو فاتحة أعياد التجسد وبداية الخلاص. وبشارة والدة الإله هي بشارتنا نحن وهي خبر سارٌ ومفرح بأن ابن الله وكلمته تجسّد. هذا العيد هو عيدنا وبشارتنا. لنلتمس من العذراء مريم شفاعتها ونودع المسيح حياتنا كلها."
وبعد القداس انتقل الحضور الى صالون الكلية الشرقية حيث تبادلوا التهنئة بالعيد