لبنان
08 حزيران 2019, 06:21

ايريناوس يترأّس صلاة الشّكر في دير القدّيس يعقوب الفارسيّ المقطّع

في إطار جولته الأولى إلى كنيسة أنطاكية، زار بطريرك بلغراد وسائر صربيا ايريناوس دير القدّيس يعقوب الفارسيّ المقطّع في منطقة ددّة – الكورة، بمرافقة بطريرك أنطاكيا وسائر المشرق للرّوم الأرثوذكس يوحنّا العاشر اليازجيّ والوفدين المرافقين من هاتين الكنيستين المقدّستين. كان في استقبالهم راعي أبرشيّة طرابلس والكورة وتوابعهما للرّوم الأرثوذكس المتروبوليت أفرام كرياكوس، رئيسة الدّير قدس الأمّ فيفرونيّا كوستنتينيديس، والأخوات الرّاهبات، وحشد من المؤمنين.

 

وبعد صلاة الشّكر الّتي ترأّسها البطريرك ايريناوس في كنيسة الدّير، ألقى المتروبوليت كرياكوس كلمة، جاء فيها بحسب بطريركيّة أنطاكية وسائر المشرق للرّوم الأرثوذكس:
"نحن، في هذا الدّير المقدّس، نستقبل بفرح كبير صاحب القداسة ايريناوس، محتفلين بعيد صعود ربّنا ومخلّصنا يسوع المسيح بالجسد، وجلوسه عن يمين الآب. نحن، إذًا، بحالة فرح ومجد عظيمين، تشملنا النّعمة الإلهيّة غير المخلوقة. نشكرك يا صاحب الغبطة، لأنّك، أوّلًا، تفتقدنا بحضورك في هذه الأيّام الصّعبة والدّقيقة الّتي تمرّ بها كنيستنا وبلادنا. هذا أوّلًا، إسوة بالرّبّ يسوع المسيح الّذي كان يطوف المدن كلّها والقرى، يكرّز ببشارة الملكوت، ويشفي كلّ مرض وكلّ ضعف في الشّعب.
أنتم، يا صاحب الغبطة، تؤكّدون بزيارتكم هذه على وحدة الكنيسة الأرثوذكسيّة الجامعة الرّسوليّة؛ هذه الوحدة الّتي علينا ان نتمسّك بها، متخطّين كلّ صعوبة، خاصّة تلك الآتية عن طريق السّياسة العالميّة، والقوميّة الوطنيّة السّلبيّة. إنّ مسعاكم يجعلنا شاهدين بصراحة وجرأة على المحبّة الخالصة في الوحدة، وعلى الوحدة في المحبّة، على مثال العلاقة الثّالوثيّة. هذا اليوم أيضًا نلتقي في هذا الدّير المقدّس، دير القدّيس يعقوب الفارسيّ المقطّع، الّذي هو أحد الأديار الأولى الّتي تأسّست في زمن الحديث المعاصر لتجديد حركة الرّهبنة الأرثوذكسيّة. إنّنا نؤمن أنّه بصلوات الرّهبان والرّاهبات في هذا العصر، وبصلواتكم، يقوم دور كبير في تنقية الإنسان المعاصر من كلّ براثن الشّيطان العالميّة".
وبعد الكلمة، قدّم كرياكوس صليب بركة للبطريرك ايريناوس.
وبدورها ألقت رئيسة الدّير كلمة، قالت فيها:
"نستقبلكم، أيّها الجمع العزيز على قلب الله، محتفلين بهذا اليوم المقدّس المشعّ، تحت ظلال هذه الزيتونة العتيقة، ديرنا المتواضع، الضّارب جذوره في التّاريخ السّحيق، ليمتدّ إلى القرون الوسّطى. فجرت عليه أنهار الدّهر الجارفة الموحلة، وهبّت عليه رياح الحروب الهادرة العاصفة، فلم يسقط، لأنّه مؤسّس على الصّخرة، المسيح. بعد هذا المدى الواسع من توالي القرون، وفي صبيحة يوم مجيد من العام 1956، احتضن القدّيس يعقوب الفارسيّ، تحت جناحيه، النّواة الأولى لهذه الشّركة الرّهبانيّة.
أمّا صربيا، هذا البلد، الّذي شاءه الرّبّ أن يحمل الصّليب، مزقّه التّطاحن والعنف، ودفع ثمنًا باهظًا لرفع شأن العقيدة القويمة عاليًا، فعرفنا، بذلك، معنى الصّراع والصّمود لإثبات الوجود. نطلب بركتكم، يا صاحب القداسة، لتمضي هذه الشّركة الرّهبانيّة الصّغيرة قدمًا في درب التّطهّر من حبّ الذّات القاسيّ مع كلّ ما في النّفس من أهواء، لتبقى شاهدة للحقّ اللّاهب بالتّسابيح والتّماجيد ونشر الكلمة الإلهيّة، فيعرفه الجميع، عندئذ، وقوّة قيامته. كما نسأل صلواتكم المقدّسة، المرفوعة أمام المذبح الإلهيّ المقدّس وأيقونات قدّيسي صربيا ومعترفيها وشهدائها. تقبّل حارّ شكرنا، يا أبانا وراعي رعاتنا صاحب الغبطة يوحنّا، على هذه الفرصة الثّمينة، الّتي أوليتمونا إيّاها، لننعم بصحبة خصيصيّ الله وعشرائه الأصفياء".

وفي ختام كلمتها، قدّمت للبطريرك ايريناوس أيقونة القدّيس يعقوب وكتابًا تاريخيًّا عن الدّير.
وبدوره ألقى ايريناوس كلمة جاء فيها:
"أشكركم على هذه الكلمات الطّيّبة، والأماكن المقدّسة الّتي، زرناها، فأفاضت علينا نعمًا وبركة. إذا ما أردنا التّحدّث عن هذا الدّير المقدّس والشّريف، لا يسعنا سوى التّأكيد أنّ الرّهبنة هي ميزان العدل، وجوهرة الحياة الرّوحيّة. نحن سعداء، لأنّنا نرى صورة الحياة الرّوحيّة فيكم وبقلوبكم، ورهبنة تصلّي للشّعب وتحافظ على حياته.
لقد مرّ بلدنا بصعوبات كثيرة، لكنّ أديرته بقيت صامدة وعامرة بالحياة الرّهبانيّة. في الوقت، الّذي يبعد فيه العالم المعاصر الشّعب عن كنيسته، تعمل الكنيسة على تقريب أبنائها من الله. كما أودّ أن أقول، من هذا الدّير، أن حياة الرّهبنة حياة صعبة، لكنّها تصبح سهلة، لأنّ هدفها الأوّل والأساس خدمة الإنسان".
وبدوره، قدّم البطريرك ايريناوس للمتروبوليت كرياكوس شعار البطريركيّة الصّربيّة، ومنح بركته للمؤمنين.