العالم
05 تموز 2022, 14:00

بارولين أنهى زيارته إلى جمهوريّة الكونغو الدّيمقراطيّة ويستهلّ اليوم زيارته إلى جنوب السّودان

تيلي لوميار/ نورسات
ممثّلاً البابا فرنسيس، زار أمين سرّ دولة حاضرة الفاتيكان الكاردينال بييترو بارولين جمهوريّة الكونغو الدّيمقراطيّة، حيث حضر السّبت توقيع اتفّاق هامّ بين مجلس الأساقفة وسلطات البلاد لتحديد الوضع القانونيّ للكنيسة واستقلاليّتها وحرّيّتها في العمل الرّسوليّ وتنظيم القضايا الّتي من صلاحيّتها.

هذا والتقى بارولين رئيس الجمهوريّة فيلكس تشيسيكيدي، وقد تطرّقا إلى الأوضاع في هذا البلد الأفريقيّ والأمن فيه والمخاوف إزاء العنف في شرق البلاد. كما كان تشديد على ضرورة التّعاون بين الكنيسة والسّلطات المدنيّة من أجل خير الشّعب في البلاد.

وأكّد بارولين في هذا السّياق قرب البابا فرنسيس والتزام الكرسيّ الرّسوليّ والكنيسة من أجل مسيرات سلام وتنمية.

وتخلّل برنامج الزّيارة ليوم السّبت لقاء مع ممثّلي قوّات الأمم المتّحدة لبناء السّلام والمتواجدة في جمهوريّة الكونغو الدّيمقراطيّة منذ عام 1999، والّذين أطلعوه على الأوضاع السّياسيّة والأمنيّة، وبحثوا معًا قضيّة اللّاجئين وعمل قوّات بناء السّلام بخاصّة في منطقة كيفة الشّماليّة الّتي تعاني من عنف وتهديد متواصلين. كما أعرب بارولين عن قلقه إزاء الأوضاع الإنسانيّة في شرق البلاد وشكر قوّات الأمم المتّحدة على ما تقوم به من عمل، كما وأكّد أنّه أمام الوضع المعقّد والتّحدّيات الكثيرة يجب التّوصّل إلى حلول، وأمل أن يتراجع العنف وأن ينهض الاقتصاد.

وكان بارولين قد زار الجمعة مقرّ مجلس أساقفة جمهوريّة الكونغو الدّيمقراطيّة والتقى رئيسه المطران مارسيل أوتيمبي تابا ورئيس أساقفة كنشاسا الكاردينال فريدولين أمبونغو بيسونغو، وقد شارك في اللّقاء السّفير البابويّ المطران إتوري باليستريرو.

أمّا الأحد فترأّس بارولين القدّاس الإلهيّ في ساحة برلمان كينشاسا بحضور حشد كبير من الأساقفة والكهنة والمؤمنين، وللمناسبة وألقى عظة استهلها بكلمات ثلاث: سلام، أخوّة وفرح، وقال بحسب "فاتيكان نيوز": "إنّها أحلام نرغب في أن نعانقها، ولكنّنا للأسف نعيشها بطريقة هامشيّة في أوقات عدم الاستقرار والصّراع هذه. إنّها في الغالب وعود ملكوت الله الّذي يتحقّق، وعود نتوق إليها داخليًّا. نعم، نحن نشعر في داخلنا أنّنا خُلقنا وأنّنا أتينا إلى العالم من أجل سلام لا يكون مجرّد فترة قصيرة بين الحروب، ومن أجل أخوّة لا مثاليّة وإنّما فعَّالة، ومن أجل فرح كامل ويفيض.

إنّ التّجربة اليوم هي أن نستسلم في وجه الواقع، وننغلق في استسلام مميت وربّما دون أن ندرك، ونهرب من مسؤوليّاتنا ونقع نوعًا ما في حالة الضّحيّة، تاركين على الآخرين عبء الالتزام والجهود من أجل إعادة البناء. ولكن لا علينا أن نتصرّف وأن نقوم بذلك في اليقين بأنّ الله يعمل. نعم، الله يعمل. ولذلك، علينا أن نضع جانبًا الشّعور بالوحدة والحزن والشّكوك وخيبات الأمل، لأنّ الله دعانا لكي ننظر إلى المستقبل معًا، مُتّحدين مع بعضنا البعض ولكي نتغلّب على كلِّ روح تحيّز، وكلِّ تقسيم للجماعة، والعرق، والانتماء. مع الله الّذي هو أب وأمّ يمكننا أن نواجه كلَّ المحن والتّجارب، لأنّه ليس بعيدًا عنّا، بل يسير معنا، وخطواته لا تحدث ضوضاء، لكنّها تفتح الممرّات. وبالتّالي فكلّ يوم يمرّ لا يمثّل خيبة أمل أخرى، وإنّما هو خطوة إضافيّة نحو وعد الله بالسّلام."

سلام، تابع الكاردينال بييترو بارولين يقول موجّهًا نظره إلى شرق البلاد حيث يتعرّض السّلام باستمرار للتّهديد من قبل الجماعات المسلّحة والاستغلال والمصالح الجائرة، الّتي لطالما كانت البلاد ضحيّة لها؛ وقال: "إنّ الرّغبة في الحصول على المواد الخامّ، والتّعطّش للمال والسّلطة جميع هذه الأمور تغلق أبواب السّلام، وتمثّل هجومًا على حقّ الأشخاص في الحياة والسّكينة. لكن يسوع يستمرّ في إرسالنا، نحن تلاميذه، لكي نتمكّن من أن نُكرّر الكلمات عينها: سلام لهذا البيت! السّلام لأرض الكونغو: لتصبح مجدّدًا بيت أخوَّة! ومن هنا جاءت دعوة الكاردينال بارولين إلى المسيحيّين- الغالبيّة العظمى من السّكّان- ولجميع القادة لكي يعملوا من أجل السّلام في هذا البلد العظيم، الّذي ينعم بجمال الخليقة، وإنّما وبشكل خاصّ بغنى النّفوس الّتي تسكنه". وبإسم البابا، ترك أمين سرِّ دولة حاضرة الفاتيكان للمؤمنين رسالة رجاء: ""لا تثبط عزيمتكم"، حتّى لو بدت لكم "انتظارات الخير حبرًا على ورق"، لأنّ أسماءنا مكتوبة في السّماء ونحن أبناء القيامة، وشهود رجاء!".

أمّا عصر الأحد فقد أراد بارولين أن يكرّسه لكي يلتقي بالبشريّة الجريحة في جمهوريّة الكونغو الدّيمقراطيّة، وبالتّالي التقى في السّفارة الرّسوليّة في كينشاسا ممثّلين عن الرّهبانيّات المحلّيّة مع الأشخاص الّذين يعتنون بهم: مسنّين، أطفال، نساء عازبات مع أطفالهنّ، أزواج، مراهقين، يجمعهم جميعًا قاسم واحد مشترك هو الألم. خلال اللّقاء منح الكاردينال بركاته للجميع، وقد قدّموا بالمقابل الأغاني والشّكر وعقد من الورود الأرجوانيّة، وهو هديّة هنديّة نموذجيّة وضعته حول عنقه راهبات مرسلات المحبّة، اللّواتي ومع ممثّلي الجماعات الرّهبانيّة الأخرى تناوبوا ليقدّموا شهادات حياتهم ويخبروا قصّة خدمتهم على مثال المسيح.

أمّا الإثنين عصرًا، وبعد أن ترأّس بارولين القدّاس الإلهيّ مع جماعة الإكليريكيّة الكبرى لأبرشيّة كنشاسا، غادر عاصمة جمهوريّة الكونغو، مختتمًا زيارته إلى البلاد، ليستهلّ اليوم الثّلاثاء زيارته إلى جنوب السّودان، حيث سيعقد لقاء مع رئيس الجمهوريّة سالفا كير ونائب الرّئيس ريك مشار، ثمّ لقاء مع أساقفة جنوب السودان. كما يُنتظر من جهة أخرى أن يزور الكاردينال بارولين غدًا الأربعاء مخيّم بانتيو الّذي يعيش فيه اللّاجئون في ظروف صعبة، وسيترأّس هناك قدّاسًا إلهيًّا ثمّ سيلتقي بممثّلي الأمم المتّحدة ومسؤول المنطقة. والخميس سيترأّس الكاردينال بارولين القدّاس الإلهيّ في المركز المخصّص لذكرى زعيم الحركة الشّعبيّة لتحرير السّودان جون قرنق وهو المكان الّذي كان يُفترض أن يترأّس فيه البابا فرنسيس القدّاس الإلهيّ. كما وسيبارك الحجر الأوّل للسّفارة الرّسوليّة الجديدة في جوبا وسيلتقي الإكليروس والرّهبان والرّاهبات. ثمّ سيختتم بزيارة المستشفى الكاثوليكيّ ومركز "أسرتنا" للأطفال حيث يتعاون أشخاص من أديان مختلفة من أجل دمج الأطفال المصابين بإعاقات وتكوين عائلاتهم. وسيغادر الكاردينال بييترو بارولين جنوب السّودان مختتما زيارته بعد ظهر الجمعة.