بارولين: الأمم المتّحدة هي حاجة لنا اليوم أكثر من أيّ وقت مضى
"على مدى السّنوات الخمس والسّبعين الماضية، لجأت شعوب العالم إلى الأمم المتّحدة كمصدر للأمل في تحقيق السّلام والوئام بين الدّول. لقد حملوا إلى هذه المنظّمة الرّغبة في إنهاء الصّراعات والنّزاعات، وزيادة الاحترام لكرامة الإنسان، وتخفيف المعاناة والفقر وتقدّم العدالة: تعبير عن توقّع أساسيّ للأمم المتّحدة بأنّ هذه المنظّمة لن تؤكّد المثل العليا الّتي تأسّست عليها وحسب، ولكنّها ستعمل بتصميم أكبر لكي تجعل هذه المُثل حقيقة في حياة كلّ امرأة ورجل.
منذ الاعتراف به كدولة مراقبة في عام 1964، دعم الكرسيّ الرّسوليّ واضطلع بدور ناشط داخل الأمم المتّحدة. لقد مثل بابوات متعاقبون أمام هذه الجمعيّة العامّة وحثّوا هذه المؤسّسة النّبيلة على أن تكون مركزًا أخلاقيًّا حيث يكون كلّ بلد في بيته، وحيث تجتمع عائلة الأمم وحيث يتقدّم المجتمع الدّوليّ- بروح الأخوّة والتّضامن الإنسانيّ- مع حلول متعدّدة الأطراف للتّحدّيات العالميّة. كما أظهرت جائحة فيروس الكورونا بوضوح، لا يمكننا الاستمرار في التّفكير في أنفسنا فقط أو بتعزيز الانقسامات؛ ولكن علينا أن نعمل معًا لكي نتغلّب على أسوأ الأوبئة في العالم، مدركين أنّ العبء الّذي يتحمّله البعض يؤثّر على البشريّة وعلى عائلة الأمم بأسرها.
على مدى هذه السّنوات الخمس والسّبعين، قامت الأمم المتّحدة بحماية القانون الدّوليّ وخدمته، وتعزيز عالم يقوم على سيادة القانون والعدالة بدلاً من الأسلحة والقوّة. لقد حملت الأمم المتّحدة الغذاء إلى الجياع، وبنت بيوتًا لمن ليس لديهم، والتزمت بحماية بيتنا المشترك، وحملت قدمًا عالمًا من التّنمية البشريّة المتكاملة. لقد سعت الأمم المتّحدة جاهدة لمناصرة حقوق الإنسان العالميّة، والّتي تشمل أيضًا الحقّ في الحياة وحرّيّة الدّين، لأنّها ضروريّة للتّعزيز لعالم يتمّ فيه حماية كرامة كلّ إنسان وتعزيزها. لقد عملت المنظّمة على إنهاء الحروب والصّراعات وإصلاح ما دمّره العنف والنّزاعات وجلب الأطراف المتصارعة إلى طاولة المفاوضات لكي ينتصر التّفاوض والدّبلوماسيّة.
لقد كان هناك تحدّيات ونكسات، وكذلك تناقضات وإخفاقات. إنّ الأمم المتّحدة ليست كاملة ولم تلتزم دائمًا باسمها ومُثُلها، وقد أذت نفسها كلّما انتصرت مصالح معيّنة على الخير العامّ. ستكون الأمم المتّحدة على الدّوام بحاجة إلى إعادة إحياء الرّوح الأصليّة لكي تتبنّى مبادئ ومقاصد الميثاق، في سياق عالم متغيّر. هناك أيضا حاجة للدّبلوماسيّين هنا وللدّول، فهم يمثّلون على الدّوام التزامهم بالمهمّة الشّاقّة المتمثّلة في السّعي وراء الخير العامّ بحسن نيّة من خلال الإجماع الحقيقيّ والتّسوية.
إنّ منظّمة الأمم المتّحدة، حيث تتّحد شعوب العالم في حوار وعمل مشترك، هي حاجة لنا اليوم أكثر من أيّ وقت مضى لكي تجيب على آمال شعوب العالم غير المنقوصة."