لبنان
11 آب 2025, 05:00

بالتّفاصيل- زيارة الرّاعيّ الرّعويّة إلى جنوب لبنان

تيلي لوميار/ نورسات
قام البطريرك المارونيّ الكاردينال مار بشارة بطرس الرّاعي بزيارة رعويّة إلى جنوب لبنان حيث جال في بلدات الشّريط الحدوديّ الجنوبيّ، رافقه السّفير البابويّ المونسنيور باولو بورجيا.

في المحطّة الأولى في بلدة دبل – قضاء بنت جبيل، لقي الرّاعي استقبالًا حافلًا بالتّصفيق والزّغاريد ونثر الورود من أبناء البلدة.

وتوجّه الرّاعي إلى أبرشيّة صور المارونيّة في البلدة، مؤكّدًا أنّ "لا للحرب ونعم للسّلام"، مشدّدًا على أنّ "مسؤوليّة تحقيق السّلام تقع على عاتق المواطنين كما على عاتق المسؤولين".

وفي بلدة القوزح، المحطّة الثّانية بعد دبل، أشار إلى أن "72 شخصًا فقط ما زالوا مقيمين فيها"، معربًا عن أمله "بعودة البلدة إلى سابق عهدها، لأنّها يجب أن تعيش وتقاوم للحفاظ على تراثها وأرضها ووجودها". وأكّد الرّاعي أنّ "الحرب ضدّ كلّ البشر، ولا تجلب سوى الدّمار والخراب والتّهجير"، ودعا إلى الصّلاة من أجل "سلام دائم وعادل للبنان".

  ومن عين إبل، المحطّة الثّالثة، قال الرّاعي: "نأسف على الضّحايا إخوتنا في الإنسانيّة، ولكن نتعلّم أنّ الحرب لم تكن يومًا الحلّ ونتأمّل أن تكون ذهبت من دون عودة." 

ومن ثمّ إنتقل الرّاعي إلى رميش، المحطّة الرّابعة، حيث كان في استقباله الأهالي، في حضور النّائب ميشال موسى ممثّلًا رئيس الجمهوريّة العماد جوزاف عون، النّائب أشرف بيضون، المعاون البطريركيّ المطران إلياس نصّار، وراعي الأبرشية المارونيّة في صور المطران شربل عبد الله وعدد من المطارنة والآباء، قائمقام بنت جبيل شربل العلم، ورئيس كاريتاس لبنان الأب ميشال عبّود إضافة إلى رئيس بلديّة رميش وأعضاء المجلس البلديّ ومخاتيرها، لينتقل بعدها إلى كنيسة التّجلّي في البلدة، التي رفعت على بوّابتها لافتة كبيرة عليها صورة الرّاعي كتب عليها: "رميش تفتح أبوابها وقلوبها لزيارة راعيها الأعلى حامل كلمة الله وراعي الوحدة والسّلام".

ترأّس الرّاعي الصّلاة في الكنيسة، عاونه لفيف من الكهنة. وألقى كاهن رعيّة رميش، الأب نجيب العميل، كلمة رحّب في مستهلّها بالبطريرك الرّاعي. ونوّه بصمود أهالي قرى الشّريط الحدوديّ، تحديدًا في بلدات دبل وعين إبل والقوزح ورميش، خلال فترة الحرب الأخيرة، "بالرّغم من الظّروف الصّعبة التي عاشوها، لاسيّما وأنّ دمار الحرب قد طال بعضًا من قراهم وجرفت وأحرقت أراضيهم الزّراعيّة". 

وأضاف: "اليوم نحن محتلّون لأنّنا نقع وراء النّقاط الخمس، مؤكّدًا إصرار أهالي رميش على البقاء في أرضهم".

وشكر العميل عددًا من المسؤولين اللّبنانيّين، "الذين كانوا على تواصل دائم مع أهالي البلدة والقيّمين عليها في فترة الحرب، للوقوف على متطلّباتهم واحتياجاتهم الإنسانيّة".

وإختتم البطريرك المارونيّ الكاردينال مار بشارة بطرس الرّاعي زيارته الرّعويّة إلى القرى الجنوبيّة الحدوديّة بزيارة بلدة علما الشّعب في قضاء صور حيث كان في استقباله مطرانا صور للموارنة وللرّوم الكاثوليك شربل عيد الله وجورج إسكندر، قائد قوات "اليونيفيل" ديوداتو ابنيارا ، المعاون البطريركيّ المطران إلياس نصار، رئيس كاريتاس لبنان الأب ميشال عبّود، المسؤول الإعلاميّ للصرح البطريركي وليد غيّاض وكاهن رعية البلدة الأب مارون غفري، رئيس البلديّة شادي صيّاح، وفاعليّات وأهالي البلدة والجوار.

وألقى كاهن الرّعيّة الأب غفري كلمة قال فيها: "نستقبلكم في رعيّتنا وبلدتنا في زيارة طالما انتظرناها، نستقبلكم وقلوبنا مملوءة محبّة واحترامًا".

وأضاف: "من قلب الدّمار، من كنيسة قصفت قبّتها وجرحت حجارتها، كما جرح جسد الرّبّ السّريّ، نرحّب بكم، وكلّنا إيمان أنّ حضوركم هو رسالة رجاء في زمن عزّ فيه الرّجاء، رسالة بأنّ السّلام ممكن بأنّنا في قلب الكنيسة الجامعة".

وتابع: "يا صاحب الغبطة، نحن هنا، باقون في أرضنا رغم كلّ ما أصابنا نصلّي كلّ يوم رغم النّزيف نبني باللّحم الحيّ من تبرّعات أبناء الرّعيّة في ظلّ غياب تامّ لمن تقع عليهم مسؤوليّة إعادة الإعمار، ونشهد رغم التّخلّي صرختنا إليك صرخة أبرياء وجدوا أنفسهم وسط عاصفة هوجاء أو قلّ بمحاذاة نار بركانيّة التهمت اليابس والأخضر، صرختنا صرخة تعب من جنوب غابت عنه الدّولة، صرخة وجع من عالم يتفرج".

وألقى رئيس البلديّة صيّاح كلمة قال فيها: "نستقبلك اليوم في بلدتنا علما الشعب البلدة المتألّمة التي نال منها الدّمار، لكنّها لا تزال حيّة بإيمان أبنائها، وثابتة بالرّجاء الّذي لا ينكسر. لقد مررنا في الشّهور الماضية بأقسى أنواع الحروب. هدّمت البيوت، وتشرّدت العائلات، وضاع منّا العمر والتّعب، ولكنّنا لم نستسلم. صمدنا بما بقي لدينا، وصمد أهلنا بإيمانهم.

وبدوره، ألقى البطريرك الرّاعي كلمة استهلّها بتحية إلى قائد اليونيفيل وقال: "تربطنا به علاقة قديمة وصداقة عندما كان في الجنوب في العام 2018 قائدًا للقطاع الغربيّ لليونيفيل حينها"، مشيدًا بدوره في دعم سكّان الجنوب.  

وأكّد البطريرك الرّاعي على السّلام ونبذ الحروب وقال: "كفى حروبًا، نحن طلّاب سلام لا حرب، ونأمل إحلال السّلام وإعادة الإعمار"، مشيدًا بالجنوبيّين وأهالي القرى الذين يتمسّكون بأرضهم وبكلّ حبّة تراب، وقال: "من هنا، من كنيسة السّيّدة في علما الشعب علينا أن نكون يدًا واحدة وأن ننشد السّلام وكفى حروبًا".

وترأّس البطريرك الراعي قدّاسًا احتفاليًا على نيّة السّلام. بعدها انتقل إلى بهو الكنيسة والتقى أهالي البلدة واستمع إلى معاناتهم وهواجسهم، مؤكّدين تمسّكهم بأرضهم ومطالبين باعادة إعمار ما دمّرته الآلة العسكريّة الاسرائيلية، والتي تسبّبت بأضرار جسيمة في المنازل والبنى التّحتيّة.