متفرّقات
09 أيلول 2022, 07:20

برنامج الأمم المتحدة الإنمائي: على العالم إخراج نفسه من حال الشلل واستعادة مساره الإنمائي لتأمين المستقبل للناس والكوكب

الوكالة الوطنيّة للإعلام
أعلن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في تقريره الذي أطلقه تحت عنوان "زمن بلا يقين، حياة بلا استقرار: صياغة مستقبلنا في عالم يتحوّل"، أن "العالم يترنح اليوم بين أزمة وأخرى، وتظل مقاربته لمواجهة الأزمات المتلاحقة محصورة في دائرة إطفاء الحرائق وعاجزة عن معالجة جذور المشاكل التي تواجهنا"، وقال: "من دون تحقيق تغيير كبير في نمط مواجهة الأزمات، نكون متوجهين نحو انتشار أوسع لأوجه الحرمان وغياب العدالة".

أضاف: "إن هذا التقرير يجادل بأن طبقات من الغموض وعدم اليقين آخذة في التراكم والتفاعل في ما بينها بما يؤثر سلبا وبدرجة غير مسبوقة على استقرار حياة الناس. وكان للعامين الماضيين تأثير مدمر على حياة البلايين من الناس في كل أنحاء العالم، إذ تلاحقت أزمتا جائحة كوفيد-19 والحرب في أوكرانيا الواحدة تلو الأخرى، وتفاعلت مع تحولات اجتماعية واقتصادية هائلة، وتغييرات كوكبية خطيرة، وزيادات هائلة في انتشار الاستقطاب".

وتابع: "للمرة الأولى منذ شرع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي قبل 32 سنة في حساب مؤشر التنمية البشرية الذي يقيس أوضاع الصحة والتعليم ومستويات المعيشة في مختلف البلدان، انخفضت قيمة المؤشر عالميا خلال سنتين على التوالي، وتراجعت التنمية البشرية إلى المستويات التي بلغتها في عام 2016، مما عكس مسار التقدم نحو تحقيق أهداف التنمية المستدامة. وشمل هذا التراجع العالم بأجمعه تقريبا، إذ سجلت قيمة مؤشر التنمية البشرية تراجعاً في أحد العامين 2020 أو 2021 في أكثر من 90 بالمئة من البلدان، بينما تراجعت في العامين معا في أكثر من 40 بالمئة من البلدان، مما يشير إلى أن الأزمة ما زالت تتعمّق للعديد من الناس".

وأردف: "بينما بدأ بعض البلدان ينهض من جديد، يظل التعافي غير متساو ومجتزأ، مما يوسّع أوجه انعدام المساواة في التنمية البشرية، إذ عانت كل من منطقة أميركا اللاتينية والبحر الكاريبي ومنطقة إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، ومنطقة جنوب آسيا من وطأة أشد للأزمات المتلاحقة".

وتناول التقرير "الأسباب التي تمنع حدوث التغيير المطلوب"، وقال: "إن ثمة أسبابا متعددة، بما في ذلك الكيفية التي يعزز فيها انعدام الأمن والاستقطاب السياسي بعضهما البعض حاليا، مما يمنع التضامن والعمل الجماعي الذي نحتاج إليه لمعالجة الأزمات على كل المستويات.

وأوصى بـ "تنفيذ سياسات تركّز على الاستثمار – في نطاق واسع من المجالات من الطاقة المتجددة إلى رفع مستويات التأهب لمواجهة الأوبئة، والتأمين –بما في ذلك الحماية الاجتماعية– لإعداد مجتمعاتنا لمواجهة تقلبات النجاح والإخفاق في عالم الغد الذي يسوده عدم اليقين"، مشيرا إلى أن "الابتكار بأشكاله المتعددة لتكنولوجية، والاقتصادية، والثقافية، في وسعه تعزيز القدرات للاستجابة لأي تحديات قد تنشأ في المستقبل".

وقال: "كان لبنان من الدول التي تأثرت بتراجع معدلات التنمية البشرية، بحيث سجل مؤشر التنمية البشرية انخفاضا نسبيا من 0.744   الى 0.70 بين عامي 2020 و2021\22، مما أدى الى تراجع مرتبة لبنان من المرتبة 93 الى المرتبة 112 من أصل  191 بلداَ، وهو ما جعله في المراتب الأدنى في التنمية البشرية العالية، وبات أكثر اقترابا من أن يكون ضمن الدول ذات التنمية البشرية المتوسطة".

أضاف: "تأثر لبنان، اضافة الى الأزمات العالمية التي نجمت عن انتشار جائحة كورونا وترددات الأزمة الاقتصادية العالمية، بأزمات داخلية كبرى كان أبرزها الأزمة المالية والاقتصادية التي صنفت بأنها من الأشد قسوة في تاريخ العالم الحديث، اضافة الى الانفجار الكبير الذي ضرب مرفأ بيروت ودمر جزءا كبيرا من العاصمة، مع ما رافق ذلك من عدم استقرار أمني واجتماعي لا يزال يتفاقم حتى الآن".   

شتاينر

وقال مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي آخيم شتاينر: "يتدافع العالم في استجابته للأزمات التي تحدث واحدة إثر الأخرى. وكما شهدنا في أزمتي الطاقة وارتفاع تكاليف المعيشة، فإن الاستسلام لمغريات الحلول السريعة من قبيل دعم أسعار الوقود الأحفوري، من شأنه أن يتيح لتدابير الإغاثة الفورية أن تعطل تبنينا للتغييرات المنهجية الطويلة الأجل التي يتعين علينا انتهاجها دونما تأخير".

أضاف: "نعاني اليوم من حال شلل جماعي عن إجراء تلك التغييرات. وفي عالم يسوده عدم اليقين، نحتاج إلى تجديد حس مشترك، بالتضامن على المستوى العالمي للتصدي إلى التحديات المشتركة والمترابطة".

وتابع: "حتى قبل أن تحل بنا جائحة كوفيد-19، كنا نشهد مفارقة مزدوجة للتقدم، في ظل انعدام الأمن والاستقطاب السياسي. واليوم، وإذ يشعر ثلث سكان العالم بضغوط  متزايدة، في ما يثق أقل من ثلث سكان العالم بالآخرين، فإننا نواجه عقبات رئيسية تحول دون تبني سياسات تحقق المصلحة للناس والكوكب معا".

وتابع: "يهدف هذا التحليل الجديد المثير للتأمل إلى مساعدتنا على تجاوز هذا المأزق ورسم مسار جديد للخروج من حال عدم اليقين الراهنة على المستوى العالمي. فاليوم تبقى أمامنا نافذة ضيقة لإعادة تهيئة أنظمة عملنا لتأمين مستقبل قائم على عمل مناخي حاسم وتوفير فرص متجددة للجميع".

كونسيساو

من جهته، قال مدير مكتب تقارير التنمية البشرية التابع لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي المؤلف الرئيسي للتقرير بيدرو كونسيساو: "كي لا نفقد مسارنا في ظل ظروف عدم اليقين، نحتاج إلى مضاعفة جهودنا في مجال التنمية البشرية والنظر إلى ما يتجاوز تحسين ثروات الناس أو صحتهم".

أضاف: "إذ فيما تظل هذه الجوانب مهمة، يتعين علينا أن نحمي الكوكب ونزوّد الناس بالأدوات التي يحتاجون إليها ليشعروا بقدر أكبر من الأمان ويستعيدوا حسهم بالسيطرة على حياتهم ويكون لديهم أمل في المستقبل".