ثقافة ومجتمع
28 حزيران 2016, 15:08

بعد القاع.. أمن لبنان متفجّر!

ماريلين صليبي
في اليوم الماضي، تألّق الإرهاب في القاع تألّقًا بارزًا استعرض فيه كلّ مهاراته العنفيّة، فما كاد يمحو أبناء هذه المنطقة البقاعيّة الصّبغة السّوداء التي مزجت بلونها الدّاكن أديم الفجر الزّهريّ وما كادوا ينسون دويّ التّفجيرات الخمسة التي كسرت صمت أولى ساعات الصّباح لتصيح بدل الدّيك بأشنع الآهات وأكثرها وجعًا، حتّى لاقى الأهالي المرارة نفسها في اللّيل مع تفجيرات أربعة ختمت هذا اليوم الحزين.

 

تتعدّد السّيناريوهات إذًا، تختلف المناطق، تتباين وجهات النّظر، تعلو الاستنكارات المندّدة، تتفاوت الاتّهامات، والضّحيّة واحدة.. أمن لبنان!

لبنان الذي اعتاد أطفاله في السّابق على تصوير الدّفء والطّمأنينة من خلال رسم بيت بسيط على أوراق بيضاء، بيت مؤلّف من سقف وجدران وباب وشبابيك وحديقة، وتسكن فيه عائلة سعيدة متشابكة الأيادي.

أطفال لبنان اليوم ما عادوا يرَوْن في أمن بلدهم هذا البيت الحامي، سيرسمون بيتًا سقفه هابط على رؤوس قاطنيه، جدرانه متشقّقة مرقّطة بالرّصاص ملطّخة بآثار التّفجير، بابه وشبابيكه مخلّعة مفتوحة على مصراعيها، حديقته يابسة ميتة، وعائلته تعكس المشهد نفسه في القاع يوم أمس: دماء، أشلاء، جرحى... النّتيجة إذًا خراب تامّ ودمار شامل، والأوراق البيضاء التي كانت تشعّ بالأمل والرّجاء، باتت اليوم مصبوغة بألوان اليأس الصّاخبة ممزّقة مرميّة، تعكس أمنًا ممزّقًا وغائبًا.

تفجيرات القاع وقعت، يوم السّابع والعشرين من حزيران قضى، ولكنّ التّساؤلات مستمرّة: لمَ القاع و ماذا بعدها؟ هل ضرب الوجود المسيحيّ هدف الإرهاب وهل دور الطّوائف الأخرى آتٍ؟ من المسؤول عن زجّ لبنان داخل دائرة الإرهاب هذا؟

للأسف نتفوّه بأبجديّة الطّائفيّة ونبتعد عن الإنسانيّة ولكنّ أسئلة عديدة تُطرح اليوم بعد احتفال الإرهاب بانتصار زعَمه في القاع، انتصار رفضه الأهالي، كبارًا وصغارًا، نساءً ورجالًا، فحملوا أسلحتهم موجّهينها صوب مغتصبي أرضهم، لتغيير  الصّورة التي يحاول الإرهاب تشويهها في ذهون أطفالهم، ويؤكّدوا: لبنان منزل آمن سيرسَم بألوان الفرح والأمل والحرّيّة دائمًا أبدًا...