لبنان
16 نيسان 2017, 09:40

بو جوده: اذا كان المسيح لم يقم فباطل ايماننا

ترأّس راعي أبرشية طرابلس المارونية المطران جورج بو جوده، قدّاس القيامة وأحد الفصح، في كنيسة مار مارون في طرابلس، عاونه خادم الرعية المونسنيور نبيه معوض، والخوري جوزيف فرح، وذلك بحضور العميد فواز متري ممثلاً وزير العدل السابق اللواء اشرف ريفي، وحشد من المؤمنين.

وبعد الانجيل المقدس، ألقى بو جوده عظةً، قال فيها:"اذا كان المسيح لم يقم فايمانكم باطل وانتم بعد في خطاياكم، واذا كان رجاؤنا في المسيح لا يتعدى هذه الحياة فنحن أشقى الناس اجمعين. كلام القديس بولس نابع من خبرة شخصية ومن معاناة، فهو لم يعرف المسيح بالجسد يتجول على طرقات فلسطين، ولم يكن من تلاميذه الاثني عشر، لا بل أكثر من ذلك وأخطر، فهو حاربه واضطهده في رسله والتلاميذ، انّه هو الذي تزعم المجموعة التي حكمت على استفانوس بالموت، وأعدمته رميا بالحجارة".

أضاف:"بولس اليهودي المتدين المتعصب، كان على مثال الكثيرين من اليهود ينتظر مسيحاً زمنياً، قائداً عسكرياً يأتي ليجمع حوله الناس ويحارب المستعمر الروماني ويطرده خارج البلاد ويعيد الملك الى اسرائيل. أليس ذلك ما كان ينتظره أيضاً ويرجوه، سائر التلاميذ؟ أليس هذا هو السؤال الذي طرحوه على يسوع مباشرة قبل صعوده الى السماء. رجاء الكثيرين مثل رجاء بولس قبل اهتدائه الى المسيح، كان لا يتعدى هذه الحياة. ولذلك شعروا باليأس والاحباط عندما سلّم المعلم الى رؤساء الكهنة وحوكم وأعدم مرفوعاً على الصليب".

وتابع:"لكن حسابات الله تختلف جذرياً عن حسابات الانسان، انّه يحوّل الفشل الى انتصار.... والموت الى حياة.. انّه يحوّل العدوّ اللّدود، الى اناء مختار.. فالى رسول الأمم شاهد على القيامة. لذلك ياتي كلام بولس الرسول في رسالته الأولى الى القورنثيين، بهذه الجرأة وهذا الوضوح: اذا كان المسيح لم يقم، فباطل ايماننا وايمانكم، ونحن أشقى النّاس أجمعين.انّها شهادة حياة، وليست مجرد فكرة فلسفية أو نظرة عقائدية، انّها حقيقة واقعة لا شائبة عليها ولا جدل".

وأردف قائلاً:"شاول الذي أصبح فيما بعد، بولس الرسول، الذي لم يعرف المسيح قبل موته على الصليب، عرفه بعد قيامته من بين الأموات. لقد استولى عليه المسيح على طريق دمشق، وجعل منه اناءً مختاراً، ولذلك أصبح أكثر حماسة من سائر الرسل والتلاميذ، وأصبح معهم يردّد ويقول: أنا شاهد على قيامة المسيح من بين الأموات، وأنا لا استطيع الا أن أقول ما رأيت وما سمعت. القيامة أيّها الاخوة الأحبّاء، ليست نظرية فكرية أو فلسفية، وليست من اختراع الرسل وتلفيقهم، كما ادعى رؤساء الكهنة اليهود. وهذا ما اختبره الرسل عدّة مرات، عندما ظهر عليهم المسيح بعد قيامته، ولمسه توما المشكّك بعد أن قال: لا أؤمن الا اذا وضعت يدي في الجراح. القيامة هي عودة الحياة ليس فقط للمسيح، بل للبشرية جمعاء، لكلّ انسان وجد قبل المسيح أو بعده".

وقال:"انّها عودة صورة الله الى الانسان الذي ابتعد عنه ورفضه ووصل به الأمر الى قتله، ليس فقط مرة واحدة على الصليب، بل أيضاً كل يوم عندما يحاول أن يبني حياته بدون الله، لا بل ضد الله. القيامة حدث واقعي، وعليه يبنى ايماننا المسيحي. فنحن لسنا أهل كتاب، ولا أهل شريعة وناموس. انّنا أبناء حياة، نستمدها من حياة المسيح القائم من بين الاموات لذلك لا نيأس ولا نشعر بالاحباط. ولذلك لا يجب أن نترك مجالاً لمظاهر الفشل التي قد نشعر فيها في حياتنا الشخصية والجماعية والوطنية، أن تحبط منّا العزيمة والرجاء. صحيح أنّنا كثيراً ما نصادف المشاكل والصعوبات لكن الصحيح أيضاً، لا بل الأصح، هو انّنا اذا نظرنا الى الصليب، الذي لم يعد المسيح مرفوعاً عليه، وجدنا أنّه بامكاننا بالتأكيد، أن ننتصر مهما واجهنا من تحديات".

وختم عظته بالقول:"هذا ما يجب علينا أن نفهمه نحن المسيحيين، خاصّةً هنا في لبنان وفي الشرق، فان كنّا نشعر وكأنّنا وصلنا الى الفشل ونكاد نصل الى الموت، فما علينا الا أن ننظر الى المسيح القائم من الموت الذي يكرّر علينا القول، كما على الرسل في السفينة الموشكة على الغرق:لماذا أنتم خائفون يا قليلي الايمان... ثقوا لا تخافوا أنا معكم. لكنّه بالمقابل يقول لنا أيضاً: كونوا أنتم أيضاً معي. اسمعوا كلامي وتعاليمي... طبّقوها عمليّاً في حياتكم... لا تكونوا فاترين.. بل حارين... ولنسمع بولس الرسول يقول لنا، كما للقورنثيين:كونوا يا اخوتي الأحبّاء، ثابتين راسخين، مجتهدين في عمل الرّب كل حين، عالمين أنّ جهدكم في الرب لا يضيع. فاذا سمعنا هذا الكلام، واقتنعنا به، وعملنا بمقتضاه، يصبح بامكاننا نحن أيضاً أن نكرّر مع الرسل:أين نصرتك يا موت، وأين شوكتك يا جحيم".