لبنان
09 نيسان 2017, 09:20

بو جوده في قداس الشعانين في طرابلس: لاقرار قانون عادل تتمثل فيه كل القوى

ترأس راعي أبرشية طرابلس المارونية المطران جورج بو جوده، قداس وزياح أحد الشعانين، في كنيسة مار مارون في طرابلس، عاونه خادم الرعية المونسنيور نبيه معوض، والخوري جوزف فرح، وخدمت القداس جوقة مار مارون بقيادة نديم معوض، في حضور حشد من أبناء المدينة.

بعد الانجيل المقدس، ألقى بو جوده عظة قال فيها: "اليوم تبلغ حياة يسوع العلنية وبشارته ذروتها قبل دخوله مرحلة الآلام والموت والقيامة. ذروة هذه البشارة والحياة العلنية هي إعتراف الشعب كله بيسوع المسيح على أنه إبن داود، وهو الآتي بإسم الرب، وهذا ما ردده الأطفال الذين إستقبلوه، وما ردده الكبار معهم قائلين:"هوشعنا لإبن داود، مبارك الآتي بإسم الرب". على لسان الأطفال والرضع، أسست لك مجدا أيها الرب، يقول المزمور. والأطفال والأولاد ببراءتهم يعلنون هذه الحقيقة، وليس في موقفهم وصراخهم وهتافهم أي رياء أو مواربة. إنهم شهود الحقيقة لأنهم لم يصلوا بعد إلى مرحلة المراوغة والإزدواجية في حياتهم. وإنهم على خلاف الكبار يقولون ما يفعلون ويفعلون ما يقولون، بينما الكبار المدعون والمتكبرون والذين يدعون غالبا بأنهم نوعا من آلهة لأنفسهم إلى جانب الإله الحقيقي، فهم في معظم الأحيان يقولون ما لا يفعلون ويفعلون ما لا يقولون".

أضاف: "لأن الأطفال يتمتعون بالبراءة، فإن هتافهم هو الحقيقة وإذا هم لم يستطيعوا الهتاف، فإن الحجارة سوف تهتف مكانهم، على ما يقول السيد المسيح. اليوم يدخل المسيح أورشليم دخول الفاتحين والملوك، وهو ملك على كل حال، لكن مملكته ليست في هذا العالم كما يقول: مملكته ليست مملكة زمنية، ولا هو ملك سياسي وعسكري، كما كانت الفكرة سائدة عند أبناء جيله وعند الرسل والتلاميذ. وليس هو الذي سيُعيد المُلك الزمني إلى إسرائيل كما طرح عليه الرسل السؤال لحظات قبل صعوده إلى السماء. مملكة المسيح هي في قلوب البشر، مبنية على المحبة والتضحية لا على الهيمنة والتسلط كما كل هذا العالم".

وقال بو جوده: "المسيح جاء ملكا كي يحرر الإنسان من العبودية الحقيقية، عبودية الخطيئة، لأنه، كما قال: من صنع الخطيئة صار عبدا للخطيئة. والإقرار بملوكية المسيح لا تكون بإتخاذ موقف سياسي مبني على المواربة والإزدواجية، بل على الصدق والشفافية. وهو إقرار يجب أن يختلف تماما عن إقرار الكبار وإعترافهم يوم الشعانين، وفي الأيام التي تلته. يوم الشعانين، كانوا يهتفون ويقولون:" مبارك الآتي بإسم الرب، هوشعنا لإبن داود". وبعد أيام قليلة، كانوا هم بأنفسهم يقولون أمام بيلاطس:
"لا ملك لنا سوى قيصر، أما هذا فإرفعه على الصليب". في يوم الشعانين هذا، أيها الأحباء، فلنرفع الصلاة إلى الرب كي يعطينا نعمة البراءة كبراءة الأطفال، ونعمة الصدق والشفافية في حياتنا، كي نكون شهودا حقيقيين له، لا شهود زور، وكي نعترف به حقيقة على أنه هو إبن الله، وهو الآتي ليخلص الإنسان ويفتديه من براثن الخطيئة والشيطان".

وتابع: "لنصلي معا من أجل لبنان، بلد الحضارة والرسالة والشهادة، ومن أجل المسؤولين فيه، كي يعملوا على نشر المحبة والسلام، وكي ينبذوا عنهم روح الحقد والأنانية والسعي إلى المصلحة الشخصية، فيعملوا على تفعيل المصالحة التي حصلت، والتي أدت إلى إنتخاب رئيس جديد للجمهورية، وإلى تأليف حكومة جديدة، والتي ما زال ينقصها لتكون فاعلة، وضع قانون جديد للانتخاب، يؤدي إلى إيصال الممثلين الحقيقيين للشعب إلى الندوة البرلمانية. لانه لا يمكن ان نصل الى موعد الاستحقاق، من دون إقرار قانون جديد للانتخابات. لذلك نحن نناشد المجلس النيابي، والحكومة، العمل جديا وبأسرع وقت ممكن، على إنجاز قانون انتخاب عادل وشامل تتمثل فيه كل القوى اللبنانية، ويكون فيه قيمة حقيقة لاصوات المواطنين. فالتمديد ليس مقبولا في ذهنية احد، ولا يكفي أن نردد رفضنا للتمديد وللفراغ ولقانون الستين، فالبلاد أصبحت على شفير الهاوية وكأنهم لا يعون خطورة الأوضاع، إن ذلك معيب وعلى الجميع التعاون من اجل الوصول الى القانون المنشود، كما يكرر دائما غبطة أبينا البطريرك مار بشاره بطرس الراعي في كل عظاته وأحاديثه. كما نصلي من أجل عودة السلام إلى البلدان المجاورة، وبصورة خاصة سوريا والعراق واليمن وغيرها من البلدان، ومن أجل إخوتنا المسيحيين فيها الذين يتعرضون للمضايقات والإضطهادات والتهجير، والذبح والقتل وتهديم مقدساتهم ودفعهم إلى الهجرة وإعتباهم وكأنهم فئة ثانية من الشعب، وهم سكان هذه البلاد الأصليون".

وختم بو جوده:"فليكن هذا الأسبوع العظيم الذي نبدأه اليوم، مناسبة لدفن الحقد والضغينة فنسير فيه مع المسيح درب الجلجلة ونحن نسيرها منذ عشرات السنين، في الواقع، كي نبلغ معه في نهاية هذا الأسبوع إلى القيامة والإنتصار على الموت، ويصبح بإمكاننا القول مع بولس الرسول:"أين شوكتك يا موت، وأين ظفرك يا جحيم... فالحمد لله الذي أتانا الظفر على يد ربنا يسوع المسيح". فلنبق راسخين ثابتين، مواصلين تقدمنا في عمل الرب، عالمين أن جهدنا في الرب لا يذهب سدى". 

بعد القداس، طاف المؤمنون في زياح أحد الشعانين، في شوارع المدينة المحيطة بالكنيسة، مرنمين وهاتفين "هوشعنا في العلى، رافعين أغصان الزيتون والشموع الملونة".