تكنولوجيا
07 شباط 2022, 11:50

بين الابتزاز والتنمر.. توعية الأطفال والمراهقين حول الاستخدام الآمن للإنترنت

تيلي لوميار/ نورسات
أصبح موضوع الاستخدام الآمن للإنترنت من أكثر الأمور المُلحة الآن، نظرًا لما قد ينتج عنه من أضرار إذا تمّ استخدامه بشكل غير صحيح، خاصةً مع الفئات الأصغر سنًّا.

تشير  الأبحاث أن 70% من الأطفال والمراهقين الذين تتراوح أعمارهم بين 7 إلى 18 سنة قد رأوا محتوى غير لائق أثناء تصفحهم الإنترنت لحل الواجبات المدرسية والحصول على الأبحاث. هذا بخلاف تعرض 7 من أصل كل 10 شباب إلى الإساءة والتنمر عبر الإنترنت، وفقاً لموقع الأمم المتحدة.

لم يقتصر الأمر على التنمر الإلكتروني والإساءة فقط، بل زادت مخاطر الإنترنت لتشمل أيضًا حالات من الابتزاز الإلكتروني للفتيات الصغار وتهديدهن بتسريب صور مفبركة لهن. ويعرف الابتزاز الإلكتروني بإنه عملية مساومة قائمة على التهديد والترهيب بتسريب صور خاصة أو محادثات و معلومات سرية موجهة من طرف المبتز إلى الضحية، وقد شهد عالمنا العربي مؤخراً عدداً من الحالات الشهيرة لعمليات إبتزاز مؤسفة حدثت داخل مصر، وانتهت بانتحار الضحايا نظرًا لقلة الدعم المجتمعي وعدم وجود الخبرة الكافية في التعامل مع هذه المواقف.

 

اليوم العالمي للإنترنت الآمن ومحاولات التصدي للأزمة

إنطلاقًا من أهمية هذا الموضوع، قام الإتحاد الأوروبي عام 2004 بمبادرة اليوم العالمي للإنترنت الآمن Safer Internet Day، والذي شاركت فيه 14 دولة للتوعية بضرورة الإستخدام الآمن للإنترنت، ومراعاه وسائل السلامة والأمان والاستخدام المسؤول له من قبل الأطفال والشباب.  

الآن، تقوم حوالي 200 دولة بالاحتفال باليوم العالمي للإنترنت الآمن في شهر فبراير من كل عام وفقًا لموقع المبادرة، والذي أيضًا نص على أنه سيوافق الثامن من فبراير هذا العام تحت شعار "معًا من أجل إنترنت أفضل".  

ويعتبر هذا اليوم بمثابة فرصة عالمية أمام الجميع لتسليط الضوء على استخدامات الإنترنت الإيجابية ونبذ الإستخدامات السلبية له، حيث يدعو الحدث أولياء الأمور والمعلمين ومقدمي الرعاية وكافة المسئولين وصناع القرار للإتحاد جميعًا وتقديم كل سبل التوعية للأجيال الصغيرة بكيفية البقاء آمنين أثناء استخدام الإنترنت.  

 

ماذا يعني مفهوم الإنترنت الآمن؟  

يعني مفهوم الإنترنت الآمن بقاء كافة المعلومات الشخصية تحت سيطرة الشخص، والمحافظة عليها من عمليات السرقة أو القرصنة، بالإضافة إلى توعية الشخص بما قد ينتج عن الإفصاح عن تلك المعلومات الشخصية لشخصٍ آخر قد يستغل تلك المعلومات فيما بعد.

وتشمل مخاطر الإنترنت حسب موقع اليونيسف ما يلي:  

-  التنمر الإلكتروني عن طريق إرسال رسائل نصية مؤذية أو نشر مواد بهدف السخرية من شخصٍ ما أو توجيه الإساءة له.

- التشويه ونشر معلومات كاذبة، صور مؤذية، أو إشاعات عن شخص ما.

- الابتزاز الإلكتروني وتهديد شخص ما بنشر صور أو محادثات خاصة إذا لم يفعل ما تطلبه.

- التحرش أو إرسال تعليقات أو صور تحتوي على إيحاءات أو معان صريحة غير مقبولة.

- اختراق حسابات شخصٍ على مواقع التواصل الاجتماعي أو انتحال شخصيته والتحدث باسمه.

- نشر صور أو معلومات تخص شخص ما دون إذنه أو موافقته.

- الابتزاز العاطفي ومطالبة شخص بمشاركة معلومات أو صور خاصة، ودفعه إلى الشعور بالذنب إذا لم يفعل ذلك.

 

أهم التحركات تجاه توعية الأطفال والمراهقين بمخاطر الإنترنت؟

كلمة السر في البقاء آمنين على الإنترنت هي "التوعية". سواء كانت التوعية بالمخاطر المحتملة للإنترنت، أو التوعية بأهمية الإستخدام الصحي للإنترنت والابتعاد عن السلوكيات السيئة مثل التنمر والإساءة وغيرهما.  

تولي الدول الغربية إهتمامًا كبيراً بموضوع التوعية عن الاستخدام الآمن للإنترنت، خاصةً لصغار السن، حتى أنهم بدأوا بتدريس الإنترنت الآمن كموضوع تعليمي بالمناهج الأوروبية. فمثلاً قامت الحكومة البريطانية بوضع خطة تعليمية حول هذا الموضوع وتوفير ملف تعليمي شامل لقطاع التعليم في بريطانيا. وبناءُ على درس اليوم العالمي للإنترنت الآمن الذي يتم تدريسه للصف الأول الإبتدائي في المنهج البريطاني، يتلقى الطفل تدريب على كيفية التعامل مع الغرباء عبر الإنترنت، وأخذ الحذر في الاعتبار عند مشاركة معلوماته الشخصية مع الآخرين. هذا بخلاف الدروس التعليمية  التي تركز على تعليم الصغار كيفية حماية أجهزتهم الإلكترونية من الإختراق عن طريق توعيتهم بعدم الضغط على أي لينكات مجهولة أو فتح رسائل وصور من جهات غير معروفة.  

وكذلك هو الأمر في أميركا، التي أطلقت برنامج توعوي عن طريق شركة غوغل، يسمي بـ "كن شخصاً رائعاً على الإنترنت" والذي يهدف إلى توعية الأطفال حول التصرفات السليمة التي يجب اتباعها إذا شعر الطفل بالخطر أثناء استخدامه للإنترنت.

 

كيف يمكننا توعية أبنائنا حول هذا الموضوع في عالمنا العربي؟

صحيح أن تدريس السلامة عبر الإنترنت لازال أمراً غير إلزامياً في مناهجنا العربية، إلا انه حان الوقت لتوعية أبنائنا بهذا الخطر المحيط ووقف عمليات التنمر والابتزاز التي يتعرض لها آلاف الأطفال -وبشكل خاص الفتيات- في وطننا العربي. لحسن الحظ توجد بعض المواد المنقولة من الإنجليزية إلى العربية، والتي يمكن استخدامها مع الأطفال والمراهقين لتوعيتهم حول هذا الموضوع.

يعد الدليل الذي أصدرته شركة غوغل بالعربية  حول الاستخدام الآمن للإنترنت مصدراً رائعاً يمكن الاستناد إليه في تعليم الأطفال الموضوعات المختلفة المتعلقة بهذا الملف، فمثلاً يحتوى هذا الدليل على درس "المشاركة بانتباه" والذي يدعو الأطفال إلى الحفاظ على الخصوصية والحذر عند مشاركة معلوماتهم وصورهم الشخصية في الفضاء الإلكتروني، بالإضافة إلى درس "اللطافة من سمات الأبطال" والذي يدعو الشباب إلى التحلي باللطافة والسماحة عند استخدام الإنترنت، والإبتعاد عن التنمر والإساءة للغير.

إضافة إلى ذلك، تم ترجمة العديد من الدروس التعليمية التي تدرس بالمناهج البريطانية إلى العربية، ويعد كتيب "كيف أحمي نفسي من مخاطر الإنترنت" الذي أصدره موقع توينكل التعليمي من أبرز هذه الدروس التي يمكن أن تستخدم مع الأطفال والشباب في هذا الشأن. حيث يتحدث الكتيب عن أهم العلامات التي تنذر إلى تعرض الطفل لمخاطر الإنترنت، بالإضافة إلى توجيه الطفل إلى التصرف الصحيح في حالة تعرضه إلى أي من الابتزاز الإلكتروني، التنمر، أو التحرش عبر الإنترنت. ولعل أبرز ما جاء في هذه التوجيهات هو التوقف عن الرد على المبتز/ المتحرش/ المتنمر وإبلاغ الأهل فوراً للجوء إلى الحلول القانونية.  

 

كيف أحمي نفسي وعائلتي؟

ينصح موقع توينكل التعليمي بضرورة إبقاء أطفالنا تحت عنايتنا عند استخدامهم الإنترنت، ولكن بشكل وسطي لا ينفرهم، فالهدف الرئيسي لنا هو حمايتهم وليس تخويفهم أو ترهيبهم من الإنترنت. ومن أبرز النصائح التي قدمها المقال:

-  التأكد من تفعيل خصائص الأمان والخصوصية على المتصفح الذي يستخدمه الطفل.

-  إذا كان الطفل يستخدم مواقع الألعاب الأونلاين، فيجب على الأهل توعيته بعدم مشاركة أي معلومات شخصية عنه مع اللاعبين الآخرين على الموقع.

- إذا تعرضت فتاه إلى الابتزاز الإلكتروني بصور شخصية لها أو تم إختراق حسابها ومعلوماتها الشخصية، فيجب على الأهل الاحتفاظ بالهدوء التام ودعم الفتاه وتأجيل التعليق على الأمر إلى وقت انتهاء الأزمة. بل يجب على الأهل سرعة التحرك ومساعدة الفتاه في الاحتفاظ بكافة الدلائل التي تشير إلى تعرضها للابتزاز أو التهديد، والتوجه إلى الجهات القانونية للمساعدة.

- فصل البريد الإلكتروني المستخدم في إدارة الحسابات البنكية والتعاملات المالية عن البريد المستخدم في مواقع التواصل الاجتماعي أو مواقع الألعاب.

- عدم مشاركة عنوان منزلك الشخصي أو عنوان عملك أو عنوان مدرسة طفلك على الإنترنت بشكل مفتوح مع الغرباء.

 

المصدر: الميادين نت