بيئة
08 حزيران 2021, 10:46

تغيّر المناخ يزيد من انتشار الآفات ويهدّد النباتات والمحاصيل

تيلي لوميار/ نورسات
كشفت مراجعة علمية أنّه بفعل آثار تغيّر المناخ، فإن الآفات النباتية التي تجتاح المحاصيل المهمة من الناحية الاقتصادية تصبح أكثر فتكًا، وتطرح تهديدًا متزايدًا على الأمن الغذائي والبيئة.

وقد تمّ إعداد المراجعة العلمية لتأثير تغير المناخ على الآفات النباتية - تحد عالمي لمنع وتخفيف مخاطر الآفات النباتية في الزراعة والغابات والنظم البيئية من جانب البروفسور Maria Lodovica، جامعة تورينو (إيطاليا) وعشرة مؤلفين مشاركين من حول العالم، برعاية أمانة الاتفاقية الدولية لوقاية النباتات، التي تستضيفها منظمة الأغذية والزراعة، وتشكل إحدى المبادرات الرئيسية للسنة الدولية للصحة النباتية التي تنتهي مع حلول نهاية الشهر الحالي.

وقال المدير العام لمنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة، السيد شود دونيو خلال حفل الإصدار إن "الاستنتاجات الرئيسية التي خلصت إليها هذه المراجعة يجب أن تنذرنا جميعًا بتأثيرات تغيّر المناخ على الآفات فتتحوّل إلى آفاتٍ معدية، وموزّعة وحادة من حول العالم".

وأضاف السيد شو دونيو قائلاً: "تبيّن المراجعة بشكل واضح أن آثار تغيّر المناخ تمثل أحد أكبر التحديات التي يواجهها مجتمع الصحة النباتية".

وتشير تقديرات المنظمة إلى أن نسبةً تصل إلى 40 في المائة من الإنتاج العالمي للمحاصيل تُفقد سنويًا بسبب الآفات. كما أن الأمراض النباتية تكلّف الاقتصاد العالمي أكثر من 220 مليار دولار أمريكي كل عام، فيما تصل كلفة الحشرات الغازية إلى ما لا يقلّ عن 70 مليار دولار أمريكي.

 

كيف يؤثر تغيّر المناخ على الآفات النباتية؟

تكشف المراجعة العلمية أن تغيّر المناخ سوف يزيد من مخاطر انتشار الآفات في النظم الإيكولوجية الزراعية والحرجية، ولا سيما في المناطق القطبية، والشمالية، والمعتدلة وشبه الاستوائية الأكثر برودةً. على سبيل المثال، إن ارتفاع درجة الحرارة على نحو غير اعتيادي في فصل الشتاء قد يكون كافيًا للمساعدة في توطن الآفات الغازية.

وقد انتشرت بالفعل بعض الآفات، مثل دودة الحشد الخريفية (التي تتغذّى من عدد متنامٍ من المحاصيل، بما في ذلك الذرة الصفراء والذرة الرفيعة والدخن)، وذباب فاكهة الحمضيات (التي تضرّ بالفاكهة ومحاصيل أخرى) بفعل ارتفاع درجة الحرارة. كما أنه من المتوقع أن تغيّر آفات أخرى، مثل الجراد الصحراوي (وهي الآفة المهاجرة الأكثر فتكًا في العالم) مسارات هجرتها وتوزّعها الجغرافي بسبب تغيّر المناخ.

 

وتقوم المراجعة بتحليل 15 آفة نباتية انتشرت أو قد تنتشر بفعل تغيّر المناخ.

وينتشر نصف جميع الأمراض النباتية الناشئة من خلال السفر والتجارة على الصعيد العالمي، وقد تضاعف حجمها ثلاث مرات في العقد الأخير، في حين يشكل الطقس العامل الثاني الأهم.

وتشدّد المراجعة على أنه غالبًا ما يستحيل القضاء على الآفات متى توطّنت في إقليم جديد، وأن إدارتها تستغرق وقتًا طويلاً وهي عملية مكلفة.

كما أن انتشار الآفات الناجم عن تغيّر المناخ وكثافتها يهدّدان الأمن الغذائي ككلّ. فأصحاب الحيازات الصغيرة، والأشخاص الذين يعتمدون على الصحة النباتية لكسب سبل عيشهم والذين يعيشون في بلدان تعاني من انعدام الأمن الغذائي يشكلون الفئة الأكثر تعرّضًا لهذه المخاطر.

وتمثل الآفات الغازية أيضًا أحد المحرّكات الرئيسية لفقدان التنوّع البيولوجي.

 

كيف يمكن التخفيف من الآثار على النباتات والمحاصيل؟

تقدّم المراجعة عددًا من التوصيات للتخفيف من آثار تغيّر المناخ على الصحة النباتية.

وفي مقدمة هذه التوصيات، يُعتبر توطيد التعاون الدولي حاسمًا لا سيما وأن الإدارة الفعالة للآفات النباتية من جانب مزارع واحد أو بلد واحد تؤثر على نجاح سواه من مزارعين.

كما أن تحسين التدابير للحدّ من انتشار الآفات على النطاق الدولي من خلال التجارة والسفر والتعديلات على البروتوكولات الخاصة بحماية النباتات لا يقلّ أهمية عن ذلك.

وتشدّد المراجعة أيضًا على ضرورة إجراء مزيد من البحوث حول آثار تغيّر المناخ على الآفات وبالتالي، على الصحة النباتية؛ وعلى ضرورة القيام بمزيد من الاستثمارات لتعزيز النظم والبنى الوطنية للصحة النباتية.

وشدّد المدير العام على أن "الحفاظ على الصحة النباتية أساسي لتحقيق أهداف التنمية المستدامة. فإدامة الصحة النباتية يشكل جزءًا لا يتجزأ من عملنا لتحقيق نظم زراعية وغذائية أكثر كفاءة وشمولاً وقدرة على الصمود واستدامة".

ولاقت ملاحظاته صدى إيجابيًا لدى كل من السيدةJaana Husu-Kallio ، الأمينة الدائمة في وزارة الزراعة والغابات في فنلندا؛ والسيد Songowayo Zyambo، الأمين العام في وزارة الزراعة في زامبيا؛ والسيد Francisco Javier Trujillo Arriaga، الرئيس السابق لهيئة تدابير الصحة النباتية.

ورحّب المتحدثون الثلاثة الرفيعو المستوى بالمراجعة العلمية - التي جرى وصفها على أنها دليل من أجل إدارة أفضل لتغيّر المناخ والصحة النباتية - وعبّروا عن دعمهم للإطار الاستراتيجي للاتفاقية الدولية لوقاية النباتات للفترة 2020-2030 الذي يتضمن تقييم آثار تغيّر المناخ على الصحة النباتية وإدارتها باعتبارها أحد بنود جدول أعمال التنمية الثمانية التي سيعالجها المجتمع العالمي للصحة النباتية خلال هذا العقد.

وقد اضطلعت كلّ من فنلندا وزامبيا بدور رئيسي في إقامة السنة الدولية للصحة النباتية والمبادرات الخاصة بها والترويج لها.

معالجة مسألة تغيّر المناخ وفقدان التنوّع البيولوجي وتدهور البيئة دفعة واحدة

تعتقد منظمة الأغذية والزراعة أنه من الأهمية بمكان الاستجابة للتحديات المترابطة التي يطرحها تغيّر المناخ وفقدان التنوع البيولوجي وتدهور البيئة بشكل متزامن.

وهذا يشمل تنفيذ المعايير الدولية لتدابير الصحة النباتية الخاصة بالاتفاقية الدولية لوقاية النباتات من أجل الحؤول دون دخول الآفات النباتية الضارة وانتشارها، والحفاظ على التنوّع البيولوجي.

وقال المدير العام "نحن مستعدون لتوطيد التعاون مع الفريق الحكومي الدولي المعني بتغير المناخ ومع جهات أخرى لضمان إبراز مسائل الصحة النباتية على نحوٍ أفضل في الخطة الدولية لتغير المناخ".

وسوف تواصل المنظمة دعم البلدان الأعضاء من خلال إسداء المشورة الفنية والعلمية لها، ومكافحة الآفات النباتية التي تمثل تهديدًا للأمن الغذائي العالمي مثل الجراد الصحراوي ودودة الحشد الخريفية.

ومع أن السنة الدولية للصحة النباتية قد شارفت على نهايتها، سوف تواصل المنظمة وشركاؤها البناء على ما خلّفته من إرثٍ، ورفع مستوى الوعي للطريقة التي تساعد بها وقاية الصحة النباتية في القضاء على الجوع والحد من الفقر وحماية البيئة وتحفيز التنمية الاقتصادية.

 

معلومات عن السنة الدولية للصحة النباتية

أعلنت الأمم المتحدة سنة 2020 السنة الدولية للصحة النباتية. وقد جرى تمديد السنة حتى الأول من يوليو/تموز 2021 بسبب جائحة كوفيد-19. وشكّل إطلاق المراجعة العلمية أحد الأحداث التي نظّمتها أمانة الاتفاقية الدولية لوقاية النباتات فيما تشارف السنة الدولية على نهايتها.

 

المصدر: منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة