بيئة
28 حزيران 2021, 05:23

تمويل المناخ البالغة قيمته تريليون دولار- تحدّيات وفرص

الأمم المتّحدة
أصبح من المعروف بشكل ساحق أن تغير المناخ يمثّل تهديدًا خطيرًا للغاية للبشرية، وبينما توجد حلول لا حصر لها لمعالجة ما وصفته الأمم المتحدة بأنّه "التهديد الوجوديّ" في عصرنا، لا يزال من غير الواضح تمامًا كيف سيتم دفع هذه الحلول قدمًا.

وتتزايد الاستثمارات في الطاقة المتجدّدة والبنية التحتية المستدامة، ولكن في الفترة من كانون الثاني/يناير 2020 إلى آذار/مارس 2021، على مستوى العالم، تم إنفاق المزيد من الأموال على الوقود الأحفوري الذي يؤدي عند حرقه إلى توليد الغازات الضارة التي تؤدي إلى تغير المناخ.

تفتقر العديد من البلدان إلى الموارد المالية اللازمة للانتقال إلى الطاقة النظيفة وأسلوب الحياة المستدام الذي يمكن أن يعكس تغير المناخ. وتقول الأمم المتحدة إن تمويل المناخ هو الحل لأن عدم الاستثمار سيكلف أكثر على المدى الطويل، ولكن أيضًا لأنّ ذلك يوفّر فرصًا كبيرة للمستثمرين.

 

ما هو تمويل المناخ؟

بشكل عام، يتعلّق تمويل المناخ بالأموال التي يجب إنفاقها على مجموعة كاملة من الأنشطة التي ستساهم في إبطاء تغير المناخ والتي ستساعد العالم على الوصول إلى هدف الحد من ظاهرة الاحتباس الحراري إلى زيادة قدرها 1.5 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الصناعة.

لتحقيق هذا الهدف، يحتاج العالم إلى خفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري إلى الصفر عمليًّا بحلول عام 2050 ؛ عبارة net-zero (أو الصافي الصفري أو صفر انبعاثات) تُسمع أيضًا كثيرًا في سياق تمويل العمل المناخي (يمكنكم قراءة المزيد عنها من خلال شرح الأمين العام في إحدى محاضرته في جامعة كولومبيا الأميركية المرموقة هنا).

وتشمل المبادرات التي يجب تمويلها للوصول إلى الصافي الصفري تلك التي تقلّل انبعاثات الغازات الضارة بالإضافة إلى تلك التي تعزّز أو تحمي الحلول الطبيعية التي تلتقط تلك الغازات، مثل الغابات والمحيطات.

ويهدف التمويل أيضًا إلى بناء مرونة السكان الأكثر تضرّرًا من تغير المناخ ومساعدتهم على التكيف مع الظروف المناخية المتغيرة، وهي تدابير ستساعد بدورها في الحد من الاحترار.

التمويل موجود وكذلك الحلول للانتقال إلى ما تسميه الأمم المتحدة الاقتصاد الأخضر. الطاقة المتجددة التي توفر الكهرباء دون إنتاج ثاني أكسيد الكربون أو أشكال أخرى من تلوث الهواء هي لبنة أساسية لتعزيز النمو الاقتصادي المستدام.

 

لماذا يعد تمويل العمل المناخي مهمًّا؟

مع ارتفاع درجات الحرارة العالمية، جنبًا إلى جنب مع أنماط الطقس المتغيرة، وارتفاع مستوى سطح البحر، والزيادات في حالات الجفاف والفيضانات، يواجه السكان الأكثر ضعفًا في العالم مخاطر متزايدة باستمرار، وانعدام الأمن الغذائي، وفرصهم للخروج من الفقر وبناء حياة أفضل أقل من غيرهم.

في الواقع، تقدّر الأمم المتحدة أنّ تغير المناخ يمكن أن يدفع 100 مليون شخص إضافي إلى الفقر بحلول عام 2030.

هناك حاجة إلى موارد مالية كبيرة واستثمارات سليمة ونهج عالمي منتظم للتصدي لهذه الاتجاهات المقلقة.

 

إذن ما مقدار الموارد اللازمة؟

الموارد اللازمة واستثمارات كبيرة، والتعاون الدولي أمر بالغ الأهمية. منذ أكثر من عقد من الزمن، التزمت البلدان المتقدمة بحشد 100 مليار دولار سنويًّا بشكل مشترك، بحلول عام 2020 لدعم العمل المناخي في البلدان النامية.

قد يبدو الأمر كثيرًا ولكن قارنوا ذلك بالإنفاق العسكري العالمي في عام 2020 والذي قُدر بأقل من تريليوني دولار أو 2000 مليار دولار أو تريليونات الدولارات التي أنفقتها الدول المتقدمة على الإغاثة المتعلقة بفيروس كورونا لمواطنيها.

وفقًا لتقرير خبير تمّ إعداده بناءً على طلب الأمين العام للأمم المتحدة، لم يتم بلوغ الهدف بحشد 100 مليار دولار (أحدث البيانات المتاحة لعام 2018 تقول إنه تم حشد 79 مليار دولار)، على الرغم من أن تمويل المناخ يسير في "مسار تصاعدي".

لذلك، لا تزال هناك فجوة كبيرة في التمويل.

 

هل هذا منطقي ماليًّا؟

السؤال الحقيقي هو ما إذا كان العالم قادرًا على تحمّل تبعات عدم الاستثمار في العمل المناخي.

تعاني المجتمعات في جميع أنحاء العالم بالفعل من الآثار الماليّة لتغير المناخ، سواء كانت خسارة المحاصيل بسبب الجفاف أو الأضرار الجسيمة التي لحقت بالبنية التحتية بسبب الفيضانات أو غيرها من الأحوال الجوية القاسية.

يقول المبعوث الخاص للأمم المتحدة المعني بالعمل المناخي والتمويل، مارك كارني، إن المبلغ الضخم من الاستثمار المطلوب يمثل فرصة وليس مخاطرة، بحجة أن الفوائد التي تتدفق من هذه الاستثمارات تفوق بشكل كبير أي تكاليف أولية.