مصر
12 آذار 2021, 06:55

تواضروس الثّاني: تقديس الميرون هو دعوة لنا لنقاوة عيوننا وآذاننا وقلوبنا

تيلي لوميار/ نورسات
بعد أن تمّ إعدادهما الأربعاء، ترأّس بابا الإسكندريّة وبطريرك الكرازة المرقسيّة تواضروس الثّاني صباح الخميس صلوات تقديس زيتي الميرون والغاليلاون، في الكاتدرائيّة الكبرى في دير القدّيس الأنبا بيشوي- وادي النّطرون، بمشاركة أعضاء المجمع المقدّس، وهي المرّة الأربعين لإعداد وتقديس الميرون في تاريخ الكنيسة القبطيّة الأرثوذكسيّة، والثّالثة في حبريّة البابا تواضروس.

وعقب التّقديس، ألقى بابا الأقباط كلمة قال فيها بحسب "المتحدّث بإسم الكنيسة القبطيّة الأرثوذكسيّة":

"بإسم الآب والإبن والرّوح القدس الإله الواحد آمين. تحلّ علينا نعمته ورحمته من الآن وإلى الأبد آمين.

نشكر إلهنا الصّالح الّذي أتى بنا إلى هذه السّاعة المقدّسة، وأودّ ونحن في ختام هذا الأسبوع الحافل بالمناسبات الكنسيّة أن أقدّم شكرًا بالغًا لكلّ الآباء المطارنة والأساقفة الّذين حضروا من أماكن متعدّدة من داخل وخارج مصر ليشتركوا في أفراح هذا الأسبوع. هذا الأسبوع أسبل الله علينا نعمًا كثيرة وأعطانا من فيض محبّته، بدأنا المجمع المقدّس يوم الخميس الماضي وقبلها اللّجان المجمعيّة، ولم نتقابل قبلها لسبب ظروف الجائحة منذ شهر يونيو 2019 كانت آخر جلسة للمجمع المقدّس.  

ويوم السبت والأحد الماضيين فرحنا بتجليس اثنين من الأحبار الأجلّاء وسيامة 7 من الأساقفة لينضمّوا كأعضاء في المجمع المقدّس. وكانت فرحتنا كبيرة أن تقام تلك الصّلوات في كاتدرائيّة ميلاد المسيح في العاصمة الجديدة، وكانت فرحتنا كبيرة أن تدقّ أجراس هذه الكاتدرائيّة لأوّل مرّة وهذا تاريخ يجب أن يُحفَظ. وفرحنا بحضورنا التّذكار السّنويّ الأوّل لنياحة مثلّث الرّحمات الأنبا صرابامون رئيس هذا الدّير. والله من نعمته اختار رئيسًا جديدًا لهذا الدّير دير الأنبا بيشوي نيافة الأنبا أغابيوس، الّذي فتح الدّير ومعه كلّ الرّهبان لكي ما نحتفل بهذا الميرون المقدّس الأمس واليوم.  

ومن نعم الله أنّنا اشتركنا في تذكار اليوبيل الذّهبيّ لنياحة القدّيس البابا كيرلّس السّادس في ديره العامر في مريوط واشتركنا جميعًا في هذا التّذكار المحبوب لدينا جميعًا.

ثمّ في ختام أفراح هذا الأسبوع احتفلنا بالأمس بإعداد الميرون المقدّس، ثمّ أكملنا في هذا اليوم تقديس زيت الميرون وزيت الغاليلاون وهي فرصة وبركة لنا جميعًا، ومشاركة الآباء المطارنة والأساقفة تفرحنا جميعًا.

إحتفلنا مساء أمس بافتتاح الموقع الرّسميّ الإلكترونيّ للكنيسة القبطيّة الأرثوذكسيّة وحدث عليه إقبالًا بالآلاف بمجرّد افتتاحه. وسوف يبدأ في العمل ويضاف إليه الكثير والكثير عن كلّ ما يريد الإنسان أن يعرفه عن الكنيسة القبطيّة الأرثوذكسيّة.

يا إخوتي الأحبّاء هذه أيّام مباركة ومفرحة، وأنا في داخلي أشعر بالأسف لمن لم تسعفهم الظّروف بالحضور والمشاركة، لأنّ هذه المناسبات وتجمعها في أسبوع واحد ربّما تكون حادثة نادرة في التّاريخ. فلم نقرأ في التّاريخ عن اجتماع كلّ هذه المناسبات معًا وهذا من نعم الله علينا جميعًا، أودّ أن أقول كلمة روحيّة صغيرة بمناسبة الميرون.

الميرون زيت التّدشين والتّخصيص والتّثبيت، من المفارقات الجميلة في الصّوم الكبير أنّنا في بداية الصّوم نقرأ في أناجيل القدّاسات عن العين البشريّة "سِرَاجُ الْجَسَدِ هُوَ الْعَيْنُ، فَمَتَى كَانَتْ عَيْنُكَ بَسِيطَةً فَجَسَدُكَ كُلُّهُ يَكُونُ نَيِّرًا، وَمَتَى كَانَتْ شِرِّيرَةً فَجَسَدُكَ يَكُونُ مُظْلِمًا" (مت 6: 22). وفي نهاية الصّوم في آخر يوم في ليلة أبوغلمسيس نسمع جملة تتكرّر كثيرًا "مَنْ لَهُ أُذُنَانِ لِلسَّمْعِ فَلْيَسْمَعْ" الصّوم الكبير يبدأ بالعين ويكتمل بالأذن، والعين والأذن ينالا رشمات الميرون. لأنّنا عندما نعمّد الطّفل الصّغير ونرشمه 36 رشمة نرشم الرّأس رمز الفكر والعين وفتحتي الأنف والفم والأذنين وبهذا يكون أمامنا الجهاز الرّوحيّ في الإنسان الّذي يتكوّن من العين والأذن ويصبّا في القلب. ولذلك ونحن في الصّوم المقدّس وهي فترة جهاد روحيّ لتقدّس عينيك وأذنك فيتنقّى قلبك. نحن في الصّوم جهادنا كلّه من أجل أعيننا. وكثير من القدّيسين يقولون لنا أغمض عينيك لترى السّماء، لأنّ أعيننا المشغولة بالأرضيّات لا تجعلنا نرى السّماء والسّماء هي بيتنا "أَنَّنَا نَعْلَمُ أَنَّهُ إِنْ نُقِضَ بَيْتُ خَيْمَتِنَا الأَرْضِيُّ، فَلَنَا فِي السَّمَاوَاتِ بِنَاءٌ مِنَ اللهِ، بَيْتٌ غَيْرُ مَصْنُوعٍ بِيَدٍ، أَبَدِيٌّ" (2 كو 5: 1)، فنحن نصنع طقس الميرون من أجل خلاص جسدنا وأنفسنا وأرواحنا. وأنت تحضر هذا الطّقس الممتع تقف أمام الله وتطلب منه أن يطهّر عينيك، أجعل عينك مدشّنة ومكرّسة ومقدّسة "سِرَاجُ الْجَسَدِ هُوَ الْعَيْنُ، فَمَتَى كَانَتْ عَيْنُكَ بَسِيطَةً فَجَسَدُكَ كُلُّهُ يَكُونُ نَيِّرًا، وَمَتَى كَانَتْ شِرِّيرَةً فَجَسَدُكَ يَكُونُ مُظْلِمًا" (مت 6: 22). فإنتهز أيّها الحبيب هذه الفرصة وأنت تشترك في التّدشين وإعداد الميرون أن تأخذ عهدًا أن لا ترى عينك سوى الله في هذا الصّوم وتجتهد لتكون عينك نقيّة لتنال الجسد النّيّر هذا من ناحية. النّاحية الأخرى الأذن "منْ لَهُ أُذُنَانِ لِلسَّمْعِ فَلْيَسْمَع"ْ فأنا أتعجّب من هذا الآية وهي موجودة في كثير من الأناجيل وتكثر في سفر الرّؤيا، ولكن الأذن هنا ليست الأذن المادّيّة ولكن الأذن الرّوحيّة وعلامة الأذن الرّوحيّة هي طاعة الوصيّة، انتبه إلى أذنك، والأذن مرتبطة بالفم انتبه لما تسمع ولما تقول واجتهد أن تكون أذنك نقيّة وتكون لك أذن الطّاعة، إذا كانت عينك وأذنك نقيّة سيكون قلبك نقيًّا وينطبق عليك قول السّيّد المسيح "طُوبَى لِلأَنْقِيَاءِ الْقَلْبِ، لأَنَّهُمْ يُعَايِنُونَ اللهَ" (مت 5: 8) وبقلبك النّقيّ ترى الله وترى معجزات وترى يده القويّة الّتي تعمل في حياتك وحياة الآخرين وتعمل في كنيستك وخدمتك وحياتك.

إحتفالنا أيّها الأحبّاء بإعداد وتقديس الميرون المقدّس في هذا الصّباح المبارك هو دعوة لنا لنقاوة عيوننا وآذاننا وقلوبنا، ونحن نصلّي قدّاس الميرون وسوف يحضر الميرون قدّاسات الصّوم الكبير وسوف نضع الخميرة المقدّسة في قدّاس شمّ النّسيم، وأنت تقف في القدّاس تصلّي وتطلب من الله أن يعطيك العين والأذن والقلب النّقيّ.

نشكر الله على نعمه الكثيرة ونصلّي من أجل الآباء المسافرين وأن يصحبهم ملاك السّلامة وكما فرحنا بحضورهم يعودون إلى أبرشيّاتهم بالسّلامة والصّحّة. معجزة كبيرة أن يسمح لنا الله أن نقوم بكلّ هذه المناسبات في ظروف الجائحة، لكن نعمة الله هي الّتي تحفظ الجميع.

يباركنا الله بكلّ بركة روحيّة ويحفظنا في اسمه القدّوس ويبارك كنيسته المقدّسة له كلّ مجد وكرامة من الآن وإلى الأبد آمين."