مصر
12 نيسان 2020, 15:15

تواضروس الثّاني في قدّاس الشّعانين: هل قلبك جاهز ومستعد لاستقبال المسيح؟

تيلي لوميار/ نورسات
ترأّس بابا الإسكندريّة وبطريرك الكرازة المرقسيّة تواضروس الثاني قدّاس أحد الشّعانين في كنيسة التّجلّي في المقر البابويّ في وادي النّطرون، وألقى عظة جاء فيها:

"بإسم الآب والإبن والرّوح القدس الإله الواحد آمين، تحلّ علينا نعمته وبركته من الآن وإلى الأبد، آمين.

كل سنة وحضراتكم طيّبين، في هذه المناسبة الاحتفال بأحد الزّعف أحد الأعياد السّيّديّة الكبرى.

نحتفل بعمل السّيّد المسيح الخلاصيّ، هذا اليوم يوم فرح وفي أسبوع الآلام كل يوم له حدث. بالأمس سبت لعازر نراه المسيح المحيي، اليوم أحد الزّعف نراه المسيح المفرح، يوم الاثنين المسيح الدّيّان، يوم الثّلاثاء نراه المسيح المعلّم، يوم الأربعاء نراه المسيح المحبّ رغم الخيانة، يوم الخميس نراه المسيح المتضع، الجمعة العظيمة نراه المسيح المخلّص، سبت النّور نراه النّور ، أحد القيامة نراه القائم.

هذا اليوم هو يوم الفرح وبين الأحدين نحتفل بأسبوع الآلام. قدّاس أحد الشّعانين له صفات خاصّة:

١- نأتي حاملين سعف النّخل.

٢- هذا القدّاس يسبقه دورة الشّعانين بقراءاتها الإثني عشر ونصلّي فيها مزمور وإنجيل ١٢ إنجيل في دورة الشّعانين.

٣- هو القدّاس الذي نقرأ فيه أربعة أناجيل لنفس الحدث من خلال البشيرين الأربعة

٤- بعد الانتهاء من القدّاس نصلّي التّجنيز العام وهذه الصّلاة تُصَلَّى مرّة في السّنة

وهذا اليوم متميّز في ترتيبه وصلواته ونغماته المفرحة.

أحد الشّعانين يوصف بأنه حدث نبويّ، حدث ملكيّ، حدث شعبيّ:

١- حدث نبويّ:

بالأمس السّيّد المسيح أقام لعازر وهذه المعجزة كانت الفيصل، فبعدها قرر اليهود موت المسيح وبعد أن بات في بيت عنيا دخل أورشليم. حدث نبويّ لأنّه تمّت فيه نبؤات، نقرأ نبؤة زكريا "اِبْتَهِجِي جِدًّا يَا ابْنَةَ صِهْيَوْنَ، اهْتِفِي يَا بِنْتَ أُورُشَلِيمَ. هُوَذَا مَلِكُكِ يَأْتِي إِلَيْكِ. هُوَ عَادِلٌ وَمَنْصُورٌ وَدِيعٌ، وَرَاكِبٌ عَلَى حِمَارٍ وَعَلَى جَحْشٍ ابْنِ أَتَانٍ. "(زك ٩ :٩.) وهذا الحدث تتميم لنبؤات العهد القديم.

٢- حدث ملكيّ:

المسيح دخل أورشليم وسط هتاف ملكيّ كان الظّن أنّه الملك الذي جاء ليخلّصهم من الرّومان. وفلسطين كانت مستعمرة رومانيّة وأراد اليهود التخلّص من هذا الحكم. لكنّ السّيّد المسيح جاء ليملك على القلوب وليس الأرض. وهذا الحدث ملكيّ لأنّه أتت الصّرخة خلّصنا وهوشعنا أيّ خلّصنا من هذا الاحتلال.

٣- حدث شعبيّ:

على مستوى الشّعب استقبلوه وهو استقبال فريد في شكله وصفاته وتفاصيله واستقباله كان من الخليقة كلّها وفيها النّباتات والحيوان والإنسان.

النّباتات استقبلوه بأغصان الزّيتون وسعف النّخيل الأكثر شهرة استقبلوا به المسيح وابتدأ الشّعب يمسك الزّعف ويضعه على الأرض فرحًا باستقبال المسيح فالملوك تستقبل بالسّيوف أمّا المسيح استقبل بالزّعف لأنّه رمز للنّقاوة وتعبير عن النّقاوة وأيضًا الزّعف به خطوط مستقيمة والاستقامة هنا في مفهومها أنتم استقامة العالم. أيضًا نحن الأقباط اجتهدنا وصنعنا فنونًا من الزّعف وشكّلنا أشكالًا كثيرة.

والزّعف يعلّمنا روح الطّاعة ونشعر أيضًا أنّ ملمسه شحميّ ناعم أيّ تعبير عن حياة الرّحمة. أخيرًا النّخلة هي نبات عالي وهذا يعلّمنا حياة النّمو فالزّعف مثل كلّ النّباتات يستخدم في استقبال الملك.

إستقبال الحيوانات: السّيّد المسيح اختار أن يركب حمار وجحش ابن اتان والحمار هو أحد الحيوانات المسالمة وقليلة الأمراض وأحد الحيوانات التي تساعد البشر فهو مسالم ومساعد، أوقات نصفه بالغباء لكنّه يمتاز بالبساطة الوداعة وتربيته أفضل من أيّ حيوان آخر. المسيح لم يستخدم الخيول لأنّها للفرسان الذين يحاربون. المسيح استخدم الحيوان الوديع كتعبير عن البساطة والوداعة.

الأمر الثّالث البشر وهم لم يكونوا من الأغنياء بل كانوا من البسطاء وقالوا النّشيد الجميل الجالس فوق الشّاروبيم وهي تربط بين السّماء والأرض. الخليقة تشترك في استقبال السّيّد المسيح فهل أنت مستعد تستقبله أيضًا؟

يسألني كيف تستقبله؟ استقبله في بيتك مثل زكّا عندما أعلن رغبته في رؤية السّيّد المسيح ويذهب المسيح لزيارته يجلس معه ولكن قبل أن يأتي لبيتك يجب أن يأتي لقلبك فهل قلبك جاهز ومستعد لاستقبال المسيح وهذا يستغرق العمر كلّه ولكنّي أساعدك أقول لك نوعيّات قلوب بعيدة عن استقبال السّيّد المسيح وهي :

١- القلب المتجمّد:

الذي يرفض دائمًا متذمر غير راضي.

٢- إنشغال القلب:

الذي دائمًا يقول لا يوجد وقت ولكن من محاسن العطايا هذه الظّروف في الوباء وجود وقت نصلح فيه قلبنا.

٣- فتور القلب:

قلب بلا إحساس لا يشعر بشيء، فرصة اليوم أنك تترك الفتور لأنّ المسيح قال أعطني قلبك.

٤- برود القلب:

وهو القلب الخالي من المحبة والخدمة وهو قلب لا يعرف الرّحمة.

٥- عمي القلب:

القلب الذي ليس به نور ولو عدنا للأسبوع الماضي كانت معجزة فتح أعين المولود أعمى ومن التّعبير المشهور (فلان أعمى القلب) اترك القلب الأعمى واتّجه لله.

٦- القلب المكتفي:

وهو من عيوبه أنّه بلا نموّ وبلا معرفة قويّة للمسيح.

٧- القلب السّطحيّ:

وهو بلا أعماق وشكليّ وليس له أعماق.

هذه السّبعة أنواع تحرم الإنسان من استقبال المسيح وأنتم اليوم في ظلّ ظروف هذا الوباء، نقول له يا ربّ تعالى اسكن فينا. أنت مسؤول عن كلّ قلب واهتمامك بأسرتك أهمّ من أيّ شيء. قبل ظهور المرض كان يوجد انشغال كبير لكن اليوم نفكّر أن حياتي يجب أن تتغيّر فهذه الظّروف موجودة لحياتنا ولصحّتنا ومهم مراعاة هذه الإجراءات لكي نعود لحياتنا. المسيح قادم إليك في هذا اليوم والمسيح استقبله بالزّعف ونقاوة القلب. واستقبله بالوداعة وبهتاف أهل أورشليم، أهل بيتك لكي تستقبل المسيح عش بالنّقاوة والبساطة والتّسبيح. لتفرح بأنّ المسيح يأتي ويسكن في قلبك.

ربّنا يفرحكم ويبارك حياتكم. كلّنا نصلّي من أجل أن يرفع الله هذا الأمر ويبارك كلّ بلادنا.

أودّ أن أرسل المحبّة والتّحيّة لكلّ كنائسنا، أهنّئكم بهذا العيد أساقفة وكهنة وشمامسة وشعب. اليوم نكون كلّنا مستعدين أن يدخل المسيح قلوبنا وحياتنا ونرحّب به.

لإلهنا المجد الدّائم آمين".