مصر
29 كانون الثاني 2019, 11:33

تواضروس الثّاني لماكرون: أرحّب بكم على أرض مصر المقدّسة التي تباركت بزيارة العائلة المقدّسة في بداية القرن الأوّل الميلاديّ

إستقبل بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسيّة تواضروس الثّاني الرّئيس الفرنسيّ إيمانويل ماكرون في الكاتدرائيّة المرقسيّة. وللمناسبة، ألقى البابا كلمة جاء فيها بحسب "المتحدّث الرّسميّ للكنيسة القبطيّة الأرثوذكسيّة":

 

"السّيّد الرّئيس إيمانويل ماكرون والسّيّدة الفاضلة قرينته والوفد الفرنسيّ يسرّني أن أرحّب بكم في مقرّ الكنيسة القبطيّة الأرثوذكسيّة وبإسم المجمع المقدّس وسائر الهيئات القبطيّة أرحّب بكم على أرض مصر المقدّسة التي تباركت بزيارة العائلة المقدّسة في بداية القرن الأوّل الميلاديّ.
مصر صاحبة التّاريخ الطّويل والحضارة العريقة الغنيّة بكلّ جوانبها الفرعونيّة والمسيحيّة والإسلاميّة والإفريقيّة والعربيّة وحضارة البحر الأبيض المتوسّط التي تجمعنا بلادنا مصر وفرنسا معًا في صداقة قويّة ممتدّة عبر التّاريخ وبين الشّعبين المصريّ والفرنسيّ في كافّة المجالات الثّقافيّة والحضاريّة والتّعليميّة والاقتصاديّة والسّياسيّة. وإذ هناك خصوصيّة الفرنكوفونيّة المصريّة كرابط ثقافيّ قويّ بين بلدينا نجده في التّاريخ والتّعليم والثّقافة واللّغة فهناك في قلب باريس المسلّة المصريّة المشهورة وهنا على أرض مصر كتاب وصف مصر الذي سجّله علماء فرنسيّين وصار من أهمّ مراجع التّاريخ المصريّ وسبقه رحلات عديدة سجّلها التّاريخ من رحّالة فرنسيّين وصفوا مشاهد الحياة المصريّة الثّريّة في كلّ أشكالها الحضاريّة والزّراعية والاجتماعيّة. 
كلّ هذا ينمّ على مقدار التّبادل الثّقافيّ بين بلدينا وكم من آدباء وكتّاب مصريّين كتبوا قصصهم وآدبهم وهم يدرسون أو يزورون بلادكم الجميلة. في هذا الصّدد أتذكّر زيارة مبعوثًا فرنسيًّا منذ عدة شهور هو السّيّد شارلز بيرسونازر الذي زار بعض الأديرة المصريّة بوادي النّطرون وتحدّثنا عن ضرورة تعضيد التّعليم المصريّ ودور المكتبات التّعليميّة وأهميّة حفظ التّراث مع ضرورة مساندة فرنسا لمصر في تسجيل مسار رحلة العائلة المقدّسة في قائمة التّراث العالميّ باليونيسكو.
السّيّد الرّئيس إنّ الكنيسة القبطيّة الأرثوذكسيّة واحدة من أقدم كنائس العالم والتي تأسّست في القرن الأوّل الميلاديّ في مدينة الإسكندريّة على ساحل البحر الأبيض المتوسّط والتي هي مدينة متعدّدة الحضارات والثّقافات ومنها انتقل الإيمان المسيحيّ إلى أفريقيا وبلاد أخرى كثيرة. وفي أحضان الكنيسة المصريّة نشأت الرّهبنة والحياة الدّيريّة منذ القرن السّادس الميلاديّ وكان أوّل راهب مصريّ من جنوب الوادي هو الرّاهب أنطونيوس الكبير. وتذخر بلادنا بالعديد من الأديرة، أديرة الرّهبان وأديرة الرّاهبات والتي صارت بمثابة جامعات روحيّة غنيّة بالتّراث الرّوحيّ والنّسكيّ عبر الأجيال منذ حضارة الفراعنة العظيمة حتّى وقتنا الحاضر.
إنّني إذ أشكركم على إهتمامكم البالغ بالشّؤون البيئيّة وبكلّ الجهود التي تقومون بها في سبيل الحفاظ على البيئة وحرصكم القويّ على تنفيذ إتفاقيّة باريس للحدّ من الاحتباس الحراريّ المتزايد. فإنّنا أيضًا في الكنيسة المصريّة نهتمّ بالبيئة وعلى سبيل المثال نتعلّم دائمًا احترام نهر النّيل ذلك النّهر الذي نعيش حوله كمصريّين وجعل منّا وحدة واحدة فريدة.
لقد احتفلنا منذ أيّام قليلة بعيد الغطاس المجيد والذي نقيم فيه قدّاسًا خاصًّا بالمياه نسمّيه قدّاس اللّقان واللّقان هو الوعاء الذي نضع فيه بعضًا من مياه النّيل لتقديس المياه ونكرّر هذا القدّاس ثلاثة مرات في السّنة كدعوة وتذكرة باحترام النّهر ومياه النّهر الخالد. كما أنّ النّظام السّنويّ في الكنيسة المصريّة يقوم على أسس زراعيّة وحفظ البيئة من مياه وهواء وزراعات وثمار.
السّيد الرّئيس، إنّنا نرحّب بكم في بلادنا مصر وهي تقود خطّة طموحة في التّنمية والتّنمية المستدامة لتقود مستقبل مشرق وإذ نتابع بكلّ اهتمام زيارتكم الحاليّة لمناطق الآثار المصريّة المدهشة في جنوب الوادي فإنّنا نتابع لقاءكم مع السّيّد الرّئيس عبد الفتّاح السّيسيّ وكلّ المسؤولين المصريّين ونعتزّ بزيارتكم إلى كاتدرائيّة ميلاد السّيّد المسيح ومسجد الفتّاح العليم في العاصمة الإداريّة الجديدة. هذه العاصمة التي تبنيها مصر والتي تمّ افتتاحهما منذ أسابيع قليلة تعبيرًا عن روح العصر الجديد التي تعيشه مصر لكلّ المصريّين وعن الإرادة السياسيّة القويّة التي أفخر بكل إنجازاتها ومشروعاتها حيث نعمل جميعًا من أجل السّلام والاستقرار وبناء مصر الحديثة.
أهلًا بكم في هذه الّزيارة الأولى والتي نرجو أن تتكرّر راجيًا لكم وقتًا بهيًّا وممتعًا وذكريات سعيدة وشكرًا لزيارتكم."