الفاتيكان
16 كانون الثاني 2023, 14:50

ثلاثة عناصر أساسيّة للتّنشئة الكهنوتيّة، ما هي؟

تيلي لوميار/ نورسات
الحوار والشّركة والرّسالة هي العناصر الثّلاثة الّتي ركّز عليها البابا فرنسيس في كلمته إلى جماعة المعهد الحبريّ لأميركا الشّماليّة، خلال استقبالهم السّبت في الفاتيكان.

وفي هذا السّياق، قال الأب الأقدس بحسب "فاتيكان نيوز": "أيّها الأصدقاء الأعزّاء، إنّ إقامتكم هنا في روما تتزامن مع المسيرة السّينودسيّة الّتي تقوم بها الكنيسة بأسرها حاليًّا، وهي مسيرة تتطلّب الإصغاء إلى الرّوح القدس وإلى بعضنا البعض لكي نميِّز كيف يمكننا أن نساعد أعضاء شعب الله المقدّس على عيش عطيّة الشّركة ولكي يصبحوا تلاميذًا مرسلين. هذا أيضًا هو التّحدّي والمهمّة الّتي دُعيتم للقيام بها فيما تسيرون معًا في الدّرب الّذي يقودكم إلى السّيامة الكهنوتيّة والخدمة الرّعويّة.

في هذا الصّدد، أودّ أن أشاطركم بعض الأفكار الموجزة حول ثلاثة عناصر أعتبرها أساسيّة للتّنشئة الكهنوتيّة: الحوار والشّركة والرّسالة. ويمكننا أن نراها في المقطع من إنجيل القدّيس يوحنّا الّذي يخبرنا عن أندراوس وتلميذ آخر ليوحنّا المعمدان التقيا يسوع، وأقاما معه لبعض الوقت ثمّ قادوا آخرين لكي يلتقوا الرّبّ، وبشكل خاصّ سمعان بطرس.

أوّلاً الحوار، عندما رأى يسوع التّلميذين يتبعانه، سألهما عمّا كانا يبحثان. عندما سألاه عن مكان إقامته، دعاهما قائلاً: "هلمّا فانظرا!". خلال حياتكم، ولاسيّما في زمن التّنشئة الإكليريكيّة هذا، يدخل الرّبّ في حوار شخصيّ معكم، ويسألك "ما الّذي تبحثون عنه" ويدعوك إلى "تعالوا وانظروا"، لكي تتكلّموا معه فاتحين له قلوبكم وتسلِّموا له ذواتكم بثقة في الإيمان والمحبّة. إنّها مسألة تنمية علاقة يوميّة مع يسوع، تتغذّى بشكل خاصّ من الصّلاة، والتّأمّل في كلمة الله، ومساعدة المرافقة الرّوحيّة والإصغاء الصّامت أمام بيت القربان.

يخبرنا القدّيس يوحنّا أيضًا أنّ التّلميذين "أقاما مع" يسوع في ذلك اليوم. وهذا هو العنصر الأساسيّ الثّاني: الشّركة. بإقامتهما مع يسوع، بدأ التّلميذان يتعلّمان، من كلماته، وتصرّفاته وحتّى من نظرته، ما كان يهمّه حقًّا وما أرسله الآب لكي يعلنه. وبالطّريقة عينها، تتطلّب مسيرة التّنشئة الكهنوتيّة شركة ثابتة: أوّلاً مع الله، وإنّما أيضًا مع الّذين يتّحدون في جسد المسيح، الكنيسة. أدعوكم خلال السّنوات الّتي تقضونها في روما، لكي تُبقوا أعينكم مفتوحة على سرّ وحدة الكنيسة، الّتي تظهر في تنوّع شرعيّ يُعاش في فرادةِ الإيمان، وعلى شهادة المحبّة النّبويّة الّتي تعبِّر عنها الكنيسة، خاصّة هنا في روما، يعبر من خلال أعمالها الملموسة للمشاركة ومساعدة المحتاجين. آمل أن تساعدكم هذه الخبرات على تنمية تلك المحبّة الأخويّة القادرة على أن ترى عظمة القريب المقدّسة، وأن تجد الله في كلّ إنسان، وتتحمّل مضايقات الحياة المشتركة.

أخيرًا، الرّسالة. بعد أن أقام مع يسوع، ذهب أندراوس ليبحث عن أخيه سمعان وجاء به إلى يسوع. نرى هنا كيف تصبح رسالةً الشّهادةُ الّتي تولد من الحوار والشّركة مع المسيح: ذهب التّلميذان اللّذان دُعيا لكي يجذبا آخرين بشهادتهما. في كلِّ مرّة يدعو فيها يسوع رجالاً ونساء، يقوم بذلك لكي يرسلهم، لاسيّما إلى الفئات الأكثر ضعفًا والّذين هم على هامش المجتمع، والّذين لم نُدع لكي نخدمهم فحسب، بل يمكننا أيضًا أن نتعلّم الكثير منهم. يحتاج الأشخاص اليوم إلينا لكي نُصغي إلى أسئلتهم ومخاوفهم وأحلامهم، لكي نتمكّن من مرافقتهم بشكل أفضل إلى الرّبّ، الّذي يعيد إحياء الرّجاء ويجدّد حياة الجميع. أنا على ثقة بأنّكم، فيما تقومون بأعمال الرّحمة الرّوحيّة والجسديّة من خلال مختلف الأعمال الرّسوليّة التّربويّة والخيريّة الّتي تلتزمون بها، ستكونون على الدّوام علامات لكنيسة تعرف كيف تخرج وتلتقي وتشارك حضور وشفقة ومحبّة يسوع مع إخوتنا وأخواتنا.

أيّها الأصدقاء الأعزّاء، أُصلّي لكي تسمح لكم خبرتكم الدّراسيّة في روما وتنشئتكم في المعهد الحبريّ لأميركا الشماليّة بأن تنموا في الحبّ الأمين لله وفي الخدمة المتواضعة لإخوتكم. أوكلكم لشفاعة مريم العذراء الوالديّة سيّدة الحبل بلا دنس، شفيعة المعهد والولايات المتّحدة، وأؤكّد لكم صلواتي من أجلكم ومن أجل عائلاتكم وكنائسكم. وأمنحكم جميعًا فيض البركة الرّسوليّة وأسألكم من فضلكم ألّا تنسوا أن تصلّوا من أجلي".