لبنان
18 تموز 2023, 09:40

"جمعيّة عدل ورحمة" تحيي ذكرى غياب الأب هادي العيّا

تيلي لوميار/ نورسات
ضمن سلسلة نشاطات اليوبيل الخامس والعشرين على تأسيسها، أحيت "جمعيّة عدل ورحمة"، الذّكرى السّنويّة السّادسة على رحيل الرّئيس الأسبق للجمعيّة الأب هادي العيّا (١٠ تموز ٢٠١٧)، بقدّاس إلهيّ  ترأّسه الأب بطرس عازار أمين عامّ المدارس الكاتوليكيّة الأسبق في كنيسة دير مار الياس- الكنيسة (المتن الأعلى) وعاونه فيه رئيس الجمعيّة الأب الدّكتور نجيب بعقليني والأب الرّئيس جوزف عبد السّاتر وشارك فيه الأباء:  المدبّر جوزف بو رعد والرّئيس ماجد مارون، وروفايل عون ورولان مراد وإيلي شخطوره، وحضره والدة الأب هادي العيّا وعائلتها وأعضاء "جمعيّة عدل ورحمة"، ورئيس بلدية العربانيّة والدّليبة الأستاذ جهاد رزق الله .

بعد الإنجيل المقدّس ألقى الأب عازار عظة اعتبر فيها أن "الله دعا الأب هادي إلى مسؤوليّة خاصّةوشهادة خاصّة في قلب كنيستنا في لبنان وفي قلب العالم، لذا لم يسأل عن همّ أو عن تعب، كان همّه الخدمة بتجرّد دائمًا بعطاء وسخاء..."

أضاف الأب عازار: "رافقته  منذ كان طالبًا إلى أن أسلم الرّوح، رفقة طويلة... دعوته كانت فعلًا جريئة، إذ انطلق في العمل الاجتماعيّ منذ كان يتدرّج في الكهنوت، وهذا برأيي دعوة نبويّة... فيسوع علّمنا هذا العمل الاجتماعيّ الذي يكمله الأب نجيب بعقليني والفريق معه، وهو متمّم لقول يسوع المسيح الذي تكلّم فيه عن "إخوتي الصّغار العطاش والجائعين"... من بينهم الأسرى المسجونين، "كنت مسجونًا فزرتموني"...

تابع: "تأسيس الجمعيّة كان مبادرة رائعة في كنيستنا ووطننا بشفافيّتها وشموليّتها وعطائها وتنوّع الخدمات التي تقوم فيها. طبعًا الذين يتابعون الأب نجيب بعقليني في الإعلام، يدركون أنّ للجمعيّة نشاطًا يوميًّا. باسمي وباسم إخوتي الرّهبان نشكر الأب نجيب بعقليني والفريق العامل معه والرّهبان لأنّ هذا العمل الاجتماعيّ فخر لكنيستنا في لبنان".

أوضح أنّه "لم يكن همّ الأب هادي المراكز أو المناصب بل قول كلمة حقّ والعمل على تكريم الإنسان لا نبذه، عملًا برسالة الرّبّ بمساندة بعضنا البعض. في مسيرته واجه الأب هادي العيّا الكثير من الزّؤان والأشخاص الذين وضعوا له العصي في الدّواليب، لكنّه لم يلتفت يمينًا أو شمالًا بل أكمل مسيرته، واليوم يكمل الأب نجيب وأعضاء الجمعيّة هذه المسيرة كي يدرك السّجين أنّه غير منبوذ وأنّ ثمّة من يسانده ويفكّر فيه ويعزّيه"....

إختتم الأب عازار عظته بالقول: "أحبّ الأب هادي الأشخاص الذين تعامل معهم وواكبهم واهتمّ بهم وهذه نعمة كبيرة... إتّكل على الله وفي الوقت نفسه عمل على إكمال تحفة ربّنا على الأرض. نشكر الأب نجيب بعقليني الحامل المشعل حتّى يكمل تحفة ربنا..."

وقفة تكريميّة

بعد الذّبيحة الإلهيّة كانت وقفة تكريميّة لنضال الأب هادي العيّا في مجال حقوق الإنسان، تضمّنت شهادات لرفاق واكبوه في مسيرته وقدّمتها لينا الرّياشي (مديرة المشاريع في الجمعيّة) وممّا جاء في كلمتها:

"ها نحن اليوم، نحتفل بمرور 25 سنة على تأسيس جمعيّة "عدل ورحمة"،  تحت شعار "لم ولن نكلّ"، هذه الجمعيّة التي دافعت عن حقوق الإنسان في المجتمع اللّبنانيّ وبالأخصّ المحرومين من حرّيتهم والسّجناء والمرتهنين للمخدرات، ونودّ بداية أن نعبّر عن شكرنا العميق للرّهبانيّة الأنطونيّة التي كانت وراء انطلاق الجمعيّة ودعمها بشتّى الوسائل. نشكر جميع المسؤولين الذين تعاقبوا على إدارة الرّهبانيّة وكانوا مرافقين ومشجّعين للجمعيّة وأعمالها المتنوّعة.

في إطار هذه الاحتفالات باليوبيل الفضيّ، نقف اليوم وقفة تكريميّة للأب هادي العيّا الذي أطلق الرّسالة ودافع عن حقوق الإنسان وعمل بالرّحمة وطالب بالعدالة للمظلومين. ونطلق اليوم درع الأب هادي ونهديه لجميع الذين ساهموا، سواء من قريب أو بعيد، في تحقيق أهداف هذه الجمعيّة وتطوّرها، ووضعها دائمًا في المقدّمة في الاهتمام بمشاكل السّجناء وعائلاتهم.

نحن ممتنّون لكلّ الأشخاص الذين شاركونا في هذا الاحتفال والذين قدموا من مختلف الأماكن، فهذا يعزّز رسالتنا ومسيرتنا ويؤكّد تفانينا في استكمال هذه المسيرة التي بدأها الأب هادي العيّا.

سنترك الكلمة لبعض الأشخاص الذين رافقوا عمل الأب هادي العيّا منذ البداية وما زالوا يعملون بتفانٍ ومحبّة وإخلاص لتحقيق أهداف هذه الجمعيّة، الدّكتورة سحر حيدر، أمينة سرّ جمعية "عدل ورحمة"، والأستاذ سامي معروف، الذي رافق خطى الجمعيّة منذ عام 2011 وما زال حتّى اليوم يساهم بتعليم اللّغة العربيّة والرّسم وغيرها للسّجناء".

د. سحر حيدر

في كلمتها أشارت د. سحر حيدر إلى أنّ "وقفتنا اليوم تأمّل والتّأمّل صلاة، لكي نحتفل بذكرى رحيل الأب هادي العيّا الذي غادرنا وترك وراءه إرثًا روحيًّا عميقًا وأثرًا لا يمحى".

أضافت: "نستحضر بيننا روحًا ألفناها وصدى صوتٍ تآلف مع الفرح رغم الآلام التي عاناها، إلّا أنّه لم يستسلم لليأس، بل بقي حتى آخر لحظات حياته على هذه الفانية، بغية من وادي الدّموع بصمتٍ ويسابق الوقت، لا بل ينافسه، بغية تحقيق هدفه في الخدمة المجانيّة بإيجابيّة لا حدود لها".

تابعت: "نعم، تتحد أرواحنا، ههنا، عند أقدام هذا المذبح المقدّس، لنقدّم شهادة وفاءٍ، أو ربّما شهادة حقٍّ أو كلمة شكرٍ أو حتّى اعتذار، لمن فارقنا بالجسد في شهر تمّوز من العام 2017 بعد أن أثرى حياة الكثيرين بوجوده، من خلال المحبّة الصّادقة والعمل على مناصرة المظلوم ونصرة المضطهد، فحمل بفرحٍ السّجناء والمتروكين والمهمّشين والضّعفاء، وبهذا شهد لمحبّة المسيح اللّامحدودة لكلّ إنسان".

أشارت إلى أنّه "ترك كلّ شيء ليتبع المسيح، وانطلق بأمانةٍ ليبشّر بالإنجيل، على طريقته من خلال عيش هويّته الإنسانيّة، بإحياء القيم ولًعب الدّور الحضاريّ لإعادة بناء الإنسان، بخاصّةٍ من أوصى بهم المعلّم الأوّل" العطاش والجياع والمسجونين والمرضى"، فكان في عمله كما في مرضه مؤمنًا، قادرًا على تحمّل الآلام بصلابةٍ ورجاءٍ وفرح".

سامي معروف

بعد ذلك تكلّم الأستاذ سامي معروف وممّا قال: منذ انضممت إلى أسرة (عدل ورحمة) عام 2011 التقيت برجلٍ صاحب رسالة، يعرف الواقع جيّدًا والهدف والإمكانيّات، لا يخشى التّحدّيات.. ولكنّه يصنع من الصّعوبات مراكب الإبحار والإنجاز والتّنفيذ".

أضاف: "أبونا هادي العيّا بعيد الرّؤيا،"صوت صارخٍ في بريّة السّجون"،"لا يكلّ ولا ينكسر حتّى يضع الحقّ في الأرض". هو مناضلٌ ديناميكيٌّ ذو حيويّةٍ لا تعرف التّعب، عطوف على المريض والغريب، يقدّر كثيرًا مواهب العاملين، يرفع بمحبّته الضّعيف ويحطّ من الخيلاء والمـكابرة، يحترم الأصول والدّساتير والمواثيق المحليّة والدّوليّة، يلتزم المهنيّة والإحترافيّة في العمل ضمن فرقٍ واختصاصاتٍ يكمّل بعضها بعضًا".

أعتبر أنّ "أبونا هادي اختار الطّريق الصّعب في بلدٍ تشابكت الأزمات فيه وتعقّدت حتّى أصبحت الحلول "شعر أشواقٍ لجميل الصّوت" وكما قال الشّاعر خليل حاوي: "لا البطولات تنجّيه ولا ذلّ الصّلاة".

تابع: "كأنّي بأبونا هادي العيّا، منذ انطلاقتها "جمعيّة عدل ورحمة" بأجنحتها المتعدّدة والمتنوّعة: الخدمات القضائيّة والطّبّيّة والنّفسيّة والاجتماعيّة واللّوجستيّة والتّثقيفيّة داخل السّجون.. أراد أن يكون السّجن مركزًا.. ليس لخدمة السّجين.. بل لإعادة بنيانه، ولمْلمة الدّمار الشّامل في شخصيّة السّجين، ومن ثمّ تدمير الذّات المـريضة الجانية التي غرستها فيه عوامل الوراثة والثّقافة والبؤس والحرمان. يكره أبونا هادي السّجن كأداةٍ عقابيّةٍ ويحبّ السّجن كوسيلةٍ علاجيّةٍ بنّاءة. يكره السّجن قبرًا للإنسان ويحبّه مستشفًى لداء الجريمة. يكره السّجن بابًا حديديًّا وقفلًا وحارسًا وجدارًا من الباطون المسلّح.. ويحبّه "مدينة ملجأ" كالمـدن السّتّ التي قال الله لموسى أن يقيمها في سفر العدد الأصحاح 35 "لكي يهرب إليها كلّ من قتل نفسًا سهوًا""...

وإختتم: "في السّجن مدّ أبونا يده للسّجين لكي يقوده إلى حريّةٍ حقيقيّةٍ صحيحة قد لا يختبرها الإنسان الذي يعيش خارج السّجن حريّةً مزيّفة".

درع الأب هادي

في ختام الاحتفال قدمت دروع تكريمية لأشخاص بدأوا المسيرة مع الأب هادي وما زالوا يتابعونها حتّى الآن.

الدّرع الأوّل قدّمه الأب نجيب بعقليني إلى الرّهبانيّة الأنطونيّة بشخص المدبّر الأب جوزف بو رعد

الدّرع الثّاني إلى "السّت تيريز" كما كان يناديها ابنها الأب هادي العيّا.

الدّرع الثاّلث للآنسة سميرة خليل بدأت العمل مع الأب هادي قبل تأسيس الجمعيّة، ثم انضمّت إلى الجمعيّة وما زالت تسير في الدّرب مع العمل الدّائم على الثّبات على القيم التي تقوم عليها الجمعيّة. وهي الوفيّة، الأمينة، القديرة والمثابرة على العمل الدّؤوب لاستمراريّة الجمعيّة وتقدّمها من خلال المشاركة في كتابة المشاريع والدّقّة في العمل.

الدّرع الرّابع إلى الأستاذة لينا العيّا التي رافقت دربه منذ اللّحظة الأولى، وعملت معه في الجمعيّة وما زالت حتّى اليوم تدافع عن حقوق الإنسان ولاسيّما السجناء وتعمل على إخلاء سبيلهم بالطّرق القانونيّة الممكنة وهي تتمتّع بخبرة كبيرة في هذا المجال.

الدّرع الخامس إلى د. سحر حيدر أمينة سرّ الجمعيّة التي بدأت مسيرتها مع الأب هادي منذ عام 2000، ومنذ البدايات عملت معه على كتابة النّشرات التّثقيفيّة والتّوعويّة، وتنظيم شؤون الجمعيّة، وساعدته في العديد من الأمور خلف الكواليس.

الدّرع السّادس إلى السّيّد ميشال درزي المسؤول عن العلاقات العامّة في الجمعيّة، الذي كان اليد اليمنى للأب هادي العيّا ويسخّر كلّ امكاناته لإنجاح الجمعيّة التي يعتبرها بيته الثّاني.