لبنان
21 حزيران 2016, 15:15

حفل تخرج دورة التنشئة الروحية والإنسانية الثالثة لمسؤولي الحركات الرسولية ولجان الشبيبة في الأبرشيات – بكركي الإثنين 20 حزيران 2016

رعى البطريرك الكردينال مار بشارة بطرس الراعي، مساء أمس الإثنين 20 حزيران 2016، في الصرح البطريركي في بكركي، حفل تخرج دورة التنشئة الروحية والإنسانية الثالثة لمسؤولي الحركات الرسولية ولجان الشبيبة في الأبرشيات، الذي نظمه مكتب راعوية الشبيبة في الدائرة البطريركية المارونية بالتعاون مع المعهد العالي للعلوم الدينية في جامعة القديس يوسف.


استُهلّ الإحتفال بصلاة الإفتتاح، تلتها كلمة منسّق مكتب رعويّة الشبيبة في الدّائرة البطريركيّة، الخوري توفيق بو هدير، جاء فيها: "مساء المحبة و الرحمة ومساء "سفراء الرّحمة" 2016. تقول القديسة تريزيا الطفل يسوع: "الزّهرة الحلوة والجميلة لا تخجل وتختبئ، بل تسمح للجميع أن يشمّ أريجها، ليقولوا إنّ هذا الأريج هو من الرب الخالق، الذي سَمَح لي أن أشع برائحة المسيح الطيّبة. وهذه الرائحة الطيّبة اليوم تنبعث من "سفراء المسيح"، وهي الدورة الثالثة من التّنشئة المسيحية والرّوحيّة في مكتب رعوية الشبيبة."
وأضاف بو هدير: "اليوم هو يوم الحصاد، وفي هذا الزّمن المليء بالكساد واللاّمعرفة والإرهاب وفقدان القيم، أخذ يشعّ فيه وجه رسول الرحمة ورحمة المسيح بامتياز. كلّ هذا يحصل لأوّل مرّة في كنيستنا، ولأوّل مرّة أصبح لدينا دورات تنشئة للشّبيبة، تخرّج دفعات من المسؤولين في الشّبيبة الكنسيّة والحركات الرّسولية وشبيبة الأبرشيّات. والشكر الكبير لصاحب الغبطة البطريرك الراعي لتشجيعه ومحبّته ولدعمه،" مشيراً إلى أنّه "لأوّل مرة تحضّر شبيبتنا لعام 2017، ما يُسمّى الأيام العالمية المارونية للشّبيبة، ومن كل أنحاء العالم ستأتي الشبيبة العالمية إلى لبنان وتحديداً الى  بكركي، ليقولوا: "نحن متجذّرون هنا كالأرز ومبشّرون بكل دول العالم."
بعدها كانت كلمة الأب  إدغار الهيبي، رئيس معهد العلوم الدينية في جامعة القديس يوسف، توجّه فيها إلى صاحب الغبطة ومجمع الأساقفة، قائلا: "منذ تأسيس الدائرة البطريركية ومن ضمنها مكتب رعوية الشبيبة، ونحن نشهد حالةً نبويّة، لأنّ الكنيسة بكلّ مسؤوليها تأخذ على عاتقها تنشئة شبيبتها فنعمل على خطى الروح القدس في العالم الحاضر وفي العالم الآتي. صاحب الغبطة، لكونكم ركناً ورئيساً لهذه الكنيسة، نشكر اليوم ربّنا عليكم وعلى كلّ الأساقفة، على إنجازاتكم في الكنيسة، كي نغسل يوماً بعد يوم أرجل أطيب شبيبة في مجتمعنا. هذه الحالة النّبويّة، نحن مسؤولون عنها جميعنا. وهذه الوديعة التي نتسلّمها هي كبيرة جدّاً."
وتابع الهيبي: "عندما نعتمد باسم الآب والإبن والروح القدس، نأخذ كل شيء؛ يعني الكلّ خالق الكل، ويملأ الكلّ، وكل واحد منّا بكليّته. ومع هذا كلّه، لا نفهم شيئاً من المعموديّة ولكنّنا نقول إنّنا تعمّدنا باسم الكل. عندما تقومون بدورات تنشئة، هي لكي تدخلوا أكثر وأكثر بسرّ المسيح والكنيسة وسرّ الرسالة. ولكن نحن بحاجة أحياناً إلى وقت وعمق كي نتعرّف على عمق الحقيقة وعلى عمق الإيمان. إيّاكم أن تكتفوا يوماً بما وصلتم إليه، بل أصبحتم تعرفون أنّ مشوار المعرفة طويل وأنّكم بدأتم تتعلّمون."
وأضاف الهيبي: "بإيجاز أقول لكم: تجذّروا بالإيمان الذي هو نعمة من ربّنا وتذكّروا مواهب الرّوح القدس، وما تعملونه في التنشئة، هو متعلّق بموهبتَيْ المعرفة والحكمة. وعليكم أن تتجذّروا بالإيمان وبمواهب الروح القدس، لأنّنا نعاني من الإنقسام، والإنقسام سببه الغَيْرة، والغَيْرة على المناصب والكراسي، والإنقسام هذا يدخل في صلب العائلة. لا تغاروا من مواهب بعضكم البعض، إنّما افتخروا بمواهب الروح الذي يتجلّى بكلّ واحد منكم."
وختم الهيبي: "نحن كجامعة يسوعية، مقتنعون بأنّ الكنيسة وبخميرتها القوية، نخدم الكنيسة والوحدة ومواهب الروح القدس. المواهب متعدّدة والمسؤولون في الكنيسة هم مسؤولون عمّا يُسمّى رعاية. الجامعة والمعهد العالي للعلوم الدّينيّة يأتيان إليكم، وهمّنا أيضاً أن تتعلّم منكم، كي نكتشف حاجة الكنيسة اللبنانية اليوم، كي تكون شاهدة ليس فقط باالكلام واللّسان، بل بالعمل والحق."  
ثم  كانت كلمة للمتخرجين، ألقاها الطالبان هادي حاتم ومانويلا عقيقي، أبرز ما جاء فيها: "كونوا رُحَمَاءَ كَمَا أَنَّ أَبَاكُم رَحِيم" (لوقا 36:6) إرتكزَتِ الكنيسةُ في تعليمِها، خلالَ العصورِ، على الإنسانِ وقيمتِهِ وكرامتِهِ ورحمتِه، بغضِّ النّظرِ عن جِنْسِه، وَعِرْقِه، ومذهَبِهِ وَدِينِه. فالإنسانُ، يتمتَّعُ بالكرامةِ الّتي ألبَسَهُ إيّاها الله، وقيمتُهُ ورحمتُهُ نابعتانِ منْ صورةِ اللهِ خالقِهِ الّذي لا حدودَ لرحمتِه.
وها نحنُ اليوم، سفراءُ الرحمةِ وبرعايةِ وتوجيهِ غبطةِ أبينا البطريرك الّذي يَحْمِلُ في قلبِهِ روحَ الشّبيبةِ، وبتنظيمٍ من لجنةِ التّنشئةِ وكافةِ لجانِ مكتبِ راعويةِ الشبيبةِ في الدائرةِ البطريركيَّة ، ننطلقُ مُجَدَّداً نحوَ مختلفِ الحركاتِ الرّسوليّةِ والجماعاتِ ولجانِ الشّبيبةِ في الأبرشياتِ مُرُوراً بذواتِنا وعائلاتِنا ومُجتمَعِنا وَوَطَنِنا، وصولاً إلى جميعِ شعوبِ الأرضِ لتجسيدِ المعرفةِ بالعيشِ من خلالِ الخدمةِ والرّعايةِ والتّبشيرِ ولنقدّمَ رسالةً مفعمةً بالرّجاءِ ومليئةً بمحبةِ اللهِ الرّحيمَة.
كما نشكرُ مِنْ صميمِ قلوبِنا أَبا الْهِمَمِ، الْمَرِح والْمُثَقَّفِ، الدائمِ النّشاطِ والحركةِ، الّذي دَخَلَ قُلوبَ الشّبيبةِ دونَ إستِئْذان، السّاهرِ على كلِّ تفاصيلِ عملِ الّلجانِ، منسّقُ مكتبِ راعويّةِ الشّبيبةِ الخوري توفيق بو هدير.
في الختامِ، لنْ ننسى النّصيحةَ الواردةَ في سفرِ الأمثالِ: "لا تَتْرُكِ الرَّحمةَ والأمانةَ، بلِ اعْقِدْهُما قِلادةً في عُنُقِكَ واكتُبْهُما على لَوحِ قلبِكَ."
وفي الختام توجّه صاحب الغبطة والنّيافة الكردينال مار بشارة بطرس الراعي إلى الحضور بكَلمَة هنّأ فيها المتخرّجين وشكر القيّمين على هذا الإحتفال، وقال: "أودّ ان اهنئ المتخرّجين والمتخرّجات بدورة التّنشئة الإنسانية والرّوحية، التي نالوها من المعهد العالي للعلوم الدّينية من جامعة القديس يوسف في بيروت، والتي زوّدَتْهم كي ينطلقوا كمسؤولين عن الحركات الرّسولية ولجان الشّبيبة في الأبرشيّات والرّعايا، كي يوصلوا كسفراء الرّحمة ما تعلّموه في هذه التّنشئة. نهنئكم على نعمة التّنشئة وعلى كلّ الدّروس التي تلقّيتموها وعلى الخير الذي ستقومون به."
وتابع غبطته: "جميلٌ هو اسمكم "سفراء الرحمة". العالم اليوم بحاجة إلى رحمة. أنتم اليوم أبناء سنة الرّحمة. أنتم أحبّاء قلب البابا فرنسيس الذي أرسله الرب رحمةً في الكنيسة. منذ إطلالته الأولى، وهذه هي لغته: "الرحمة الواسعة"، وبمفهومها الواسع والكبير الذي توسّع فيها بالبراءة واسمها "براءة يوبيل سنة الرحمة." وتحدّث فيها عن "أعمال الرحمة الجسديّة" التي انطلق فيها من إنجيل القدّيس متى الفصل 25، "الجائع والعطشان والعريان والغريب والسجين"، وقد فسّرها بمعانيها الروحية والمعنويّة. ثمّ تحدّث عن "أعمال الرحمة الروحية والإنسانية والإجتماعية"، ما يعني أنّ الإنسان كيفما اتّجه، يجب أن يقوم بعمل رحمة. وهذا يعني أنّ حياتنا كلّها منفتحة على الرحمة. وهذه الأخيرة، هي المشاعر التي في قلب الإنسان؛ و"الرّحمة" تأتي من كلمة "رَحِم" أي رَحِم الأم، وهو مكان العاطفة الحقيقيّة. وإذا ما فقد الإنسان مشاعر الرّحمة، يفقد عندها كلّ إنسانيّته. والعالَم اليوم مهدّد إذا نسيَ أنّه مجبول بالرحمة، وأنّ لا شيء يطغى على مشاعرنا الإنسانيّة. لقد تعلّمتم أنّ الرحمة هي صفة الله الأساسيّة، والله أمين لذاته ككائن رحوم. والبابا يذكّرنا بالكلمَتَيْن عن معنى الرّحمة بالكتاب المقدّس، والمشتقّة من رَحِم، من الآب المملوء حناناً وعاطفة ومشاعر إنسانيّة. العالم اليوم يفقد الإنسانيّة في الحروب والقتل والنّميمة والكذب والإساءات. أنتم سفراء الرّحمة وهذه هي الشهادة والرسالة اللّتان نحملهما اليوم في وجه كلّ الذي يَرَاه أبناء جيلنا من خلال الوسائل الإعلامية والتصرّفات الإجتماعيّة. أنتم يجب أن تكونوا الصّوت المعاكس. أنتم يجب أن تساعدوا الأجيال الجديدة والحركات الرسولية ولجان الشبيبة، كي يحافظوا على جوهرهم وألاّ يتأثّروا بالشّيء الذي يرونه كلّ يوم."
وأضاف نيافته: "شكراً لكم لأنّكم تقومون بهذه الرّسالة، إذ تكونون "سفراء الرحمة"، في الحركات الرسولية ولجان الشّبيبة بالأبرشيّات. وأتوجّه بكلمة الشّكر باسم إخواني المطارنة والكهنة إلى مكتب رعويّة الشبيبة وبوجه التّحديد إلى منسّق المكتب، الخوري توفيق بو هادير وإلى كلّ معاونيه. ونهنّئه على موهبة الخلق والإبتكار من العدم."
وختم غبطته: "في سياق ابتكار الطرق الجديدة، فكّرتم بدورات التّنشئة للمسؤولين في الحركات الرسولية للجان الشّبيبة، وقد أصبتم بواسطتها الهدف، كي تتمكّنوا من أن تحملوا الرّوح الجديدة وتعليم الكنيسة، ونحن بحاجة إلى أن ننطلق من جديد من الينابيع الأساسيّة في حياة الشّبيبة، والتي هي الوجه الإنسانيّ. ومن خلال شكري لكم، أشكر من كلّ قلبي الذين نفذّوا هذه التّنشئة وتحديداً المعهد العالي للعلوم الدينية في جامعة القديس يوسف، وأشكر مديره الأب إدغار الهيبي، وأشكر كل المحاضرين الذين عاونونا في التّنشئة، أكان هذه السنة أو في السّنتين الماضيتَيْن. وكما أحمّلكم الشكر الكبير لرئيس الجامعة الأب سليم دكاش، الذي لولا تشجيعه لَمَا فتح الطّريق أمام كل هذا النّشاط. وأشكر كلّ الذين أحيَوا ونظّموا هذه الأمسية."
وتخلّل الإحتفال وثائقيّاً عن دورة التّنشئة وأبرز المبادرات التي  قام بها طلاب الدورة في سنة يوبيل الرحمة الإلهية، اضافة الى وقفة فنية مع الأب جوزف محفوض.