دينيّة
16 تشرين الأول 2022, 07:00

خاصّ- الخوري أبراهام: ما هو مصيرنا النّهائيّ؟

غلوريا بو خليل
"نحن في الأحد الخامس من زمن الصّليب المبارك وهو علامة ابن الإنسان التي ستظهر في السّماء لدى مجيئه (متّى 30:24). هذا الزّمن هو الأقصر والأخير في الدّورة اللّيتورجيّة، نتأمّل فيه بقراءات رؤياويّة عن النّهيويّات escatology، والمعروفة شعبيًّا بنهاية العالم." بهذه المقدّمة استهلّ مُنسّق لجنة الإعلام في نيابة صربا الخوري إيلي أبراهام تأمّله لموقعنا في الأحد الخامس من زمن الصّليب شارحًا مثل العذارى للقدّيس متّى (25/ 1- 13).

وتابع: "الوصف في هذه الكتابات ممكن أن يكون مخيفًا إذ نسمع عن حروب وزلازل وغيرها من صور مربعة.هنا تأتي الأسئلة التي تملك الأسهم الأكبر باهتمام وقلق كلّ البشريّة: "ما هو مصيرنا النّهائيّ؟ ألا يجب أن نخاف من نهايتنا؟ ماذا يجب أن نفعل لنرث الحياة الأبديّة؟" (لو 10: 2). الموت له رهبته التي عاشها الرّبّ يسوع على الصّليب إنّما نصلّي لندرك مفعول كلّ عمل الله الخلاصيّ: "الحبل به، ميلاده، عماده، آلامه الخلاصيّة، موته المحيي، دفنه الثّلاثيّ الأيّام، وقيامته المجيدة." ونؤمن ونعيش ما علّمنا إيّاه الرّبّ حول موضوع النّهاية والموت ونختصر بعض النّقاط التّالية بخاصّة في إنجيل متّى الذي نتأمّل فيه خلال هذا الزّمن المبارك:

في الفصل 24 الآية 6 الرّبّ يطمئننا: "لا ترتعبوا"، وفي الآية 13 يُشجعنا:"من يصبر إلى النّهاية يخلص"، وفي الآية 36 يؤكّد : "أمّا ذلك اليوم وتلك السّاعة فلا يعرفهما أحد، ولا ملائكة السّماء، إلّا الآب وحده".

في إنجيل اليوم، الرّبّ لم يكتفِ بتوصيتنا "اسْهَرُوا لأَنَّكُم لا تَعْلَمُونَ اليَوْمَ ولا السَّاعَة"، بل أرشدنا لكي نعرف أن نعيش حياةً توصلنا إليه. 

الأحد الماضي طلب من الوكيل، الذي ممكن أن يكون رجل دين، مسؤول في الدّولة، في العائلة، أو أيّ إنسان ضمن مسؤوليّته (ها)، أن يتحلّى بصفتين هما من ثمار الرّوح القدس: الأمانة والحكمة.

الأمين هو طبعًا صاحب ضمير والوفي لتعاليم الله ومشيئته.

اليوم، يعلّمنا الرّبّ عن ملكوت السّماوات في مثل العذارى العشر، الذّاهبات للقاء العريس حاملات المصابيح، ويتابع الرّبّ موضوع الحكمة التي لم يطلب غيرها الملك سليمان من الله.

طبعًا علم الأرض والدّهر مهمّين ولكن الأهم الحكمة الرّوحيّة. في الكتاب المقدّس القدّيس هو حكيم ولو لم تكن دروسه عالية، مثل القدّيس جان فينيه، خوري آرس، وشفيع الكهنة. أمّا الشّرير فهو يفتقد للحكمة التي ترشده ليعلم أنّ شرّه هو سبب هلاكه.

أذكّر أيضًا بقول مار بولس في رسالة عيد الصّليب الأولى إلى أهل كورونتوس "إِنَّ كَلِمَةَ الصَّلِيبِ عِنْدَ الهَالِكِينَ حَمَاقَة، أَمَّا عِنْدَنَا نَحْنُ المُخَلَّصِينَ فَهِيَ قُوَّةُ الله".

خمسٌ من العذارى حكيمات. القدّيس يوحنّا فم الذّهب يقول إنّ العدد خمسة يرمز إلى الحواس الخمس التي من خلالهم نتواصل مع العالم الخارجيّ، ومنهم هذا العالم يدخل إلينا. نصلّي أن تكون هذه الحواس مباركة. ونستعملها بالحكمة المقدّسة.

يسوع حدّد بأنّ العذارى الحكيمات "أخذن معهنّ زيتًا".

طبعًا موضوع الزّيت مهمّ في تعاليمنا الكنسيّة، ولكن نركّز هنا على زيت الأسرار السّبعة، التي إذا عشناها بأمانة، هي عربون خلاصنا، لأنّها مُقدَّسة ومقدِّسة:

زيت معموديّتنا التي أدخلتنا بالثّالوث الأقدس، ويليها سرّ التّثبيت، وبهما ندخل منذ الآن في وليمة عرس الحمل. والعائلة في سرّ الزّواج الذي باركه الرّبّ مدعوّة إلى هذه القداسة.

لا ننسى سرّ المصالحة الذي يقول عنه البابا فرنسيس إنّنا نتعمّد مرّة في الحياة ولكن كلّ مرّة ننال سرّ الغفران كأنّنا نتعمّد مجدّدًا بدموع التّوبة وبالحلّة.

الزّيت موجود أيضًا في سرّ الكهنوت، إن كان بمسح يدي كهنة الخدمة، أم بالكهنوت العام الذي يناله كلّ معمّد(ة).

الزّيت هو أيضًا الزّوّادة الأخيرة بمسحة المرضى الشّافية والغافرة للخطايا.

مع التّذكير أنّ في آخر صلاة الجنّاز، الكاهن يبارك المنتقل(ة) بالمياة المباركة، ومعها الشّمعة، تذكيرًا لمعموديّتنا، عربون حياتنا في السّماء.

الكثير من القدّيسين اعتبروا أنّ هذا الزّيت يرمز للأعمال الصّالحة تجسيدًا لمسيحيّتنا الحقيقيّة وعملًا بوصيّة الرّبّ في متّى (5: 16): "فَلْيُضِئْ نُورُكُمْ هكَذَا قُدَّامَ النَّاسِ، لِكَيْ يَرَوْا أَعْمَالَكُمُ الْحَسَنَةَ، وَيُمَجِّدُوا أَبَاكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ."

القداسة هي أن نعمل بوصيّة الرّبّ في (لوقا 23:9): "مَن أرادَ أن يكونَ لي تلميذًا فليحمِلْ صَليبَهُ كلَّ يومٍ ويتبَعْني." طبعًا الصّليب الحقيقيّ هو بحياتنا اليوم، كلّ شخص بموقعه. عندها أيضًا ندرك ما قاله بولس الرّسول إلى أهل كولوسي 24:1: "أكمل في آلامي ما نقص من آلام المسيح لأجل جسده أيّ الكنيسة".

نُذكّر بأنّ الصّليب نضعه على جباهنا وفوق سريرنا وعلى مذابحنا ونرتّل بمزمور قراءات أحد الموتى المؤمنين: "ليل الموت يطويني، نوري في اللّيل الصّليب، في الأهوال يهديني وجه المرجوّ الحبيب." أيّ يسوع الذي علّمنا أنّ الموت هو بداية لا نهاية، وسمّى موت صديقه لعارز "رقاد"، وعلى مثاله سمعنا مار بولس الأحد الماضي في رسالته الأولى إلى أهل تسالونيكي يصف الموتى بـ"نائمين." كذلك نتذكّر رسالته الأولى إلى أهل كورونتوس 1 كور 15، مار بولس بيقول: "إنْ كُنَّا نَرْجُو المَسِيحَ في هذِهِ الحَيَاةِ وحَسْبُ، فَنَحْنُ أَشْقَى النَّاسِ أَجْمَعِين! وبيكمل: آخِرُ عَدُوٍّ يُبْطَلُ هُوَ المَوْت".

نصلّي أيضًا مع مار بولس في رسالة اليوم إلى أهل فيليبيّ: "كَي تَصِيرُوا بُسَطَاءَ لا لَومَ عَلَيْكُم، وأَبْنَاءً للهِ لا عَيْبَ فيكُم، تُضِيئُونَ فيهِ كالنَّيِّراتِ في العَالَم."

وإختتم سائلًا مصلّيًا: "مار اغسطينوس يسأل: "أيمكن أن نحبّه ونخشى مجيئه؟ هل نحبّه حقًّا، أم نحبّ أكثر خطايانا؟ فلنكره إذًا خطايانا، ولنحبّ ذاك الذي سوف يأتي". أخيرًا نذكر في آخر صلاة في الكتاب المقدّس من سفر الرّؤيا، وهي بالآراميّة السّريانيّة، لغة المسيح: "مارانا تا" تَعَالَ أَيُّهَا الرَّبُّ يَسُوعُ" نور العالم لك ولأبيك ولروحك الحيّ القدّوس كلّ الشّكر إلى أبد الآبدين. أمين".