دينيّة
07 أيار 2023, 07:00

خاصّ- الخوري حلّاق: "... المطلوب واحد، الحبّ"

نورسات
"بتلك العذوبة والحبّ أوصى يسوع بطرس، رأس كنيسته، فكما دعاه منذ البدء وأوكل له قيادة الرّعيّة، ها هو ربّ الكون يجدّد دعوته لبطرس، يشدّده ويقوّيه". بهذه المقدّمة استهلّ الخوري معاون في كنيسة مار عبدا وفوقا بعبدا الأب كريستيان حلّاق تأمّله لموقعنا حول إنجيل الأحد الخامس من زمن القيامة للقدّيس يوحنّا (21/ 15 – 19) تحت عنوان " يسوع يسلّم الرّعاية لبطرس".

وأكمل: "بعد اللّقاء اليوميّ مع الحقيقة، أيّ المسيح، اكتشف بطرس حقيقته. أوّلًا، علم بطرس أنّ اندفاعه وتسرّعه يعرّضانه إلى أخذ قرارات سريعة لا تتوافق مع مشروع الله. هو الذي قال ليسوع: "حاشا لك أن تتألّم وتموت" وكان الرّدّ مؤدّبًا عندما أجابه المعلّم: "سر خلفي يا شيطان لأنّ أفكارك ليست أفكار الله". ثانيًا، من جهة مهارته كصيّاد، لم يستطع بطرس ومن معه أن يصطادوا شيئًا بعد أن تعبوا اللّيل كلّه. مع الوقت، تعرّف بطرس على ذاته الحقيقيّة، فوجد نفسه متهوّرًا، ضعيفًا، لا يملك المعرفة المطلقة، ورويدًا رويدًا اكتشف حاجته لمخلّص. كلّ هذا جعل بطرس يشعر بالأسى أمام حقيقة ذاته. ولكن أكثر ما آلم بطرس باحتكاكه مع صغره هو رؤية نفسه "خائنًا" ينكر من أحبّه، فبكى بكاءً مرًّا.

إستسلم بطرس فعاد سمعان إلى صيد السّمك، لأنّه وجد نفسه لا يصلح أن يكون صيّادًا لا للبشر ولا حتّى للسّمك أحيانًا.

هناك، أمام هذا الواقع المؤلم، في هذا اللّيل المظلم، أتى يسوع ليشدّد بطرس ويقول له بأنّه ليس بحاجة إلى مهاراته، ولا لعلمه ولكن المطلوب واحد، الحبّ. لذلك لم يسأله سوى أمرًا واحدًا: "أتحبّني؟" وتابع يسوع مسيرته مع بطرس بأن يترجم محبّته بعمل فقال له يسوع: "إرع خرافي".

فرسالته إذًا هي أن يجتهد بوضع كلّ مهاراته وعلمه واندفاعه في سبيل الحبّ، حتّى بذل الذّات، فعندما نحبّ لا نجري حسابًا. فكما بذلت المحبّة نفسها على الصّليب من أجل الجميع، كذلك خادمها الذي استلم رعاية القطيع عليه أن يتماهى مع المحبّة إلى النّهاية ويمشي في خطاها لأنّها الطّريق والحقّ والحياة.

ما أجمل أن يخصّص يسوع حبّه واهتمامه لراعي القطيع، فمشى معه مسيرة تتلمذ طويلة، فيها اللّحظات الجميلة التّي لم تخلو من دروس كلّفت ذاك التّلميذ عناءً جميلًا وصبرًا، سهرًا وكدًّا، انتهت به باتّحاد كلّيّ مع راعي الرّعاة، فكان المكافئة والنّصيب الأفضل."

وإختتم الخوري حلّاق تأمّله مستخلصًا: "غير أنّ المميّز أيضًا كيف أنّ الله صنع كلّ هذا "من أجلي". نعم، لأنّ يسوع مشى كلّ هذا الدّرب مع الرّاعي ليس من أجله فقط، بل بالأحرى من أجل كلّ نعجة، كلّ خروف، وكلّ حمل. من أجلي أنا الحمل الصّغير، فهو قال لنا: "لا تخف أيّها القطيع الصّغير" لأنّه يعتني بنا، بكلّ تفاصيل حياتنا ويعلم حاجاتنا. لذلك نتغنّى منشدين في صلواتنا: "الرّبّ راعيّ فلا يعوزني شيء... عصاك وعكّازك هما يعزّيانني" (مز 23/ 1-4)".