دينيّة
14 حزيران 2020, 07:00

خاصّ– الرّوح يعلّم، فماذا ننتظر؟

غلوريا بو خليل
تبحر الكنيسة المارونيّة في الأحد الثّالث من زمن العنصرة بإنجيل القدّيس يوحنّا (14/21 -27)، لتصل بنا إلى برّ كشف يسوع عن سرّ الله بقوة الرّوح القدس، بطلب من المسيح نفسه. إنطلاقًا من هنا، ولفهم الإنجيل بأبعاده، كان لموقعنا حديث مع الأب ميشال عبود الكرمليّ الذي سار بنا إلى عمق معاني هذا النّصّ.


"في كلّ كلمة من هذا الإنجيل، نقدر أن نتأمّل ساعات، ولكن سنتوقّف عند كلام يسوع: "من أحبّني حفظ وصاياي وأحبّه أبي، وإليه نأتي ونجعل لنا عنده مقامًا"". بهذه الكلمات استهلّ الأب عبود تأمّله، ليتابع شارحًا "الله يأتي إلينا ويسكن فينا لأنّنا نسمع كلامه. إذا عدنا إلى بدايات الكتاب المقدّس، نرى أنّه من بدء الخليقة، تشرّد الإنسان عن الله، عندما عصى الإنسان كلمة الله، وبدأ الله يرسل الأنبياء، ليأتي الإنسان إليه والإنسان يرفض، وفي آخر الأزمنة تجسّد الله في ذاته وأتى إلينا، تجسّد الله وأتى إلينا ولم يجد له مكانًا في أيّ بيت ولا في فندق، فوُلد في مذود. تجرّد الله بين يديّ مريم ويوسف وعاش مشرّدًا في مصر. ومن ثمّ عندما بدأ يسوع رسالته كان ينتقل من بيت إلى بيت ومن قرية إلى قرية، وعندما يدخل إلى بيت مثل بيت مريم ومرتا لم يمكث طويلاً، لقد كان دائمًا ضيفًا، كأن الله مشرّد يبحث عن مسكن يسكن فيه، وليس له مسكن سوى قلب الإنسان".

وعن أهميّة الوصايا وحفظها وتطبيقها استطرد الأب الكرمليّ قائلًا: "ليستقبل الإنسان الله، عليه أن يحفظ وصاياه: "من أحبّني حفظ وصاياي"، ووصيّة الله موجودة في الكتاب المقدّس، لا أقدر أن أقول إنّني أنا مسيحيّ وليس لي صداقة مع الكتاب المقدّس. كلمة الله ثقيلة ودسمة، إنّها مثل حبّة الدّواء، لا أحد يرغب أن يأخذ دواءً من تلقاء ذاته، وإنّما يأخذ الدّواء ويشعر بأنّ هذا الدّواء دسم وإنّما مفيد. وكلمة الله مفيدة، وإن كانت قاسية أحيانًا على أذهاننا، فإنّها مفيدة للحياة الأبديّة، ونجد لنا عنده مقامًا. الله يسكن فينا، وعندما يعرف الإنسان أنّه هو هيكل الله، ألا يعيش رهبة هذا الحضور؟ ألا يعرف قيمته بأنّه هو مسكن لله؟ لكي نتأمّل بكلمة الله في العمق علينا أن نعرف شيئًا، أن نطلب إلهام الرّوح القدس وهذا ما وعدنا به الرّبّ يسوع، نصلّي بأنّ الرّوح القدس الّذي ألْهَمَ الكتّاب الرّوحيّين لكي يكتبوا كلمة الله التي وصلت إلينا، هو يلهمنا أن نفهم هذه الكلمة ونعيشها في حياتنا."

وإختتم الأب عبود حديثه بكلمة توعويّة فقال: "عندما نقرأ كلمة الله فهي محادثة بيننا وبين الله، الله يكلّمنا ونحن نكلّمه، ويقول لنا القدّيس بولس: "نحن لا نعرف أن نصلّي وإنّما الرّوح القدس يصلّي فينا بأنّات لا توصف". وعدنا يسوع بالرّوح القدس وهذا الرّوح حاضر دائمًا أبدًا في قلوبنا ولكن ما علينا إلّا أن نطلب معونته ونطلب إلهاماته لأن الله لا يتدخّل في حياتنا إلّا بطلب منه لأنّه يحترم حرّيّة الإنسان. الرّوح القدس حاضر يعمل في الكنيسة، يعمل من خلالنا ونعيش دائمًا في عنصرة جديدة."