لبنان
24 أيلول 2016, 06:11

خاصّ- سهرات شيطانيّة في لبنان القداسة؟.. "إغفر لهم يا أبتاه"

ماريلين صليبي
هو أرض القداسة، أرض شربل ورفقا والحرديني.. هو أرض الطّوبائيّة، أرض يعقوب الكبّوشي واسطفان نعمة.. هو أرض النِّعَم اللّامتناهية، أرض وطأها يسوع المسيح بخطًى خلاصيّة محرِّرة.. هو لبنان!

وليّ أمر الـ10452 كم2 يغمر ستّ محافظات بحنان عطف الأمّ وعنفوان حماية الأب، إلّا أنّ فساد الأيّام هذه سرق من حضنه الدّافئ ولدًا من بين أولاده السّتة، وقدّمه فريسة شهيّة للضّياع والتّشتّت والانحراف.
يترقّب لبنان حاليًّا فصل الشّتاء العاصف، إلّا أنّ الأخير قدّم موعد زيارته وحلّ بحلّة جديدة في محافظة كسروان العظيمة المقدّسة. حلّةٌ مشوّهة هي، أمطرت بغزارة شلّالًا من الانجرافات الفكريّة والدّينيّة والسّلوكيّة، شلّال سهرات ليليّة يتعرّض فيها القاصرون لتعاطي المخدّرات والكحول والممارسات الشّيطانيّة والجنسيّة الشّاذّة، شلّال دفّاق باندفاق المتهوّر يجرف معه الإيمان والأخلاق والاستقامة.
هذا الشّتاء اليائس إذًا زرع في تراب كسروان الطّيّبة والسّخيّة والخصبة لآلئ مزيّفة انهالت من الأديم الدّاكن، لآلئ شوّهت الأرض والبيوت التي شعّت عافية وكرمًا وإيمانًا وكلّلتها بهالة من الفساد و"الفلتان" والأسف والألم.
شتاء لبنان الذي حلّ ضيفًا مريرًا اقتلع ضحكة الصّبا وراحة الشّيبة وسكون اللّيل وهدوء النّهار، أتى رياحًا هوجاء ليقتلع الشّباب من أحضان أهاليهم وينتزع الإيمان والتّربية الصّالحة من قلوبهم الضّحيّة.
شتاء لبنان القداسة لم يفتك بكسروان فحسب، لا بل بعض الإخوة الخمسة الآخرون تبلّلوا أيضًا من أمطار الانحراف هذه، أمطار حمضيّة مبتذلة تنقر الضّمائر وتحرق الخضار وتُذبل الحياة، ليسير وليّ الأمر العظيم هذا في دروب التّصحّر القاضي إلى هاوية العدم.
لا! أحفاد لبنان، أي عواميد الرّكن الأساسيّة: الكنيسة الكاثوليكيّة والجمعيّات المدنيّة، أبوا أن تلمس أشواك الفساد أراضيهم وأسلافهم.
هذا الملفّ المفضوح اليوم إذًا، تتلقّى صفحاته صفعات قاضية تمزَّق شواذه وتحرق تداعياته.
المدافع الأوّل عن هذه القضيّة الإنسانيّة البحت كان ولا يزال جمعيّة "جاد"، وهي شبيبة تكافح ضدّ المخدّرات، شبيبة أكّد رئيسها الأستاذ جوزيف حوّاط في حديث خاصّ لموقع "نورنيوز" أنّ الموضوع انكشف نتيجة أصوات مندّدة هذه السّهرات علت من سكّان وأهالٍ اشتكوا من الموسيقى العالية والسّلوكيّات المنحرفة لشباب يسهرون طوال اللّيل مع رفيق دائم وهو الكحول وصديق لدود وهو المخدّر.
الجمعيّة في متابعة دائمة لهذا الموضوع، إلّا أنّ وتيرة هذه الانجرافات تزايدت بشكل كبير وملحوظ، إذ إنّ روّاد التّصرّفات الشّيطانيّة هذه لا يهابون الدّولة ولا النّاس ولا الجيران، انتقلوا من نطاق بسيط إلى سهرات عامرة في الهواء الطّلق، مدعومين من قبل سياسة  تمنع، بسلطتها المزيّفة، أي تدخّل قمعيّ للقوى الأمنيّة. فالأخيرة تحضر إلى حيث تتمّ هذه الانجرافات بصورة غير قضائيّة، تشبع نظرها من مشهد الشّباب السّكارى وتعود أدراجها غير مبالية.
جمعيّة "جاد" في مكافحة مباشرة للفساد الذي تشهده مناطقنا المسيحيّة العريقة، والاستخفاف الذي تبادله الدّولة المعنيّة مباشرة بهكذا تفلّت، دفع بالجمعيّة، وبحسب الأستاذ حوّاط، إلى استمرار عمليّة المراقبة والإبلاغ.
لذا تواصلت الجمعيّة مع الكنيسة مرارًا أحدثها مؤتمرعُقد في المركز الكاثوليكي للإعلام حول هذا الموضوع، مؤتمر حضره ممثّلون عن كلّ الطّوائف اللّبنانيّة، كلّف فيه البطريرك الرّاعي رئيس المجلس الكاثوليكي للإعلام الأب عبدو أبو كسم متابعة هذا الموضوع مع جمعيّة "جاد".
التّعاون الذي نسج خيطانه الثّنائيّ "جمعيّة "جاد" والمركز الكاثوليكي للإعلام" كان مادّة دسمة لأصحاب الضّمائر الرّاقدة والسّلطة القاضية ليرشقه بالاتّهامات والتّهديدات والانتقادات، إلّا أنّ ذلك لن يوقف الثّنائيّ من المكافحة، ألم يذكر الكتاب المقدّس أنّ "الشّجرة المثمرة ترشق بالحجارة لكي يقطفوا ثمرها"؟
ومن هنا، تواصل موقعنا مع رئيس المركز الكاثوليكي للإعلام الأب عبدو أبو كسم الذي أكّد أنّ دور الكنيسة يقتصر على التّوعية في المدارس والمعاهد والجامعات والتّعاون مع الأهل لصدّ المحاولات الشّاذّة هذه.
الكنيسة الكاثوليكيّة تتابع انتهاك حرمة الأديان هذا بجدّيّة تاركة الإجراءات على الأرض للدّولة والقوى الأمنيّة والقضاء، فرق المكافحة التّابعة للكنيسة هي في الإرشاد والنّصح والتّنبيه والملاحقة الكلاميّة الإبلاغيّة لهذه الجمعيّات الشّاذّة.
لبنان القداسة لن يسقط في دوّامة الفساد الملحوظ، أولاده السّتّة في أمان ربّانيّ لا مثيل له، أحفاده النّاشطون تحميهم الملائكة الحارسة، فلمن يحاول إسقاط راية القداسة والرّجاء والأمل والإيمان نقول: "إغفر لهم يا أبتاه لأنّهم لا يدرون ماذا يفعلون..."