دينيّة
02 أيلول 2018, 07:00

خاصّ- "يوم صلاتك ما بتغيرك.. غيّر صلاتك"

غلوريا بو خليل
في كلّ مرّة نصلّي من أجل أخينا الإنسان إن أخطأ بحقّنا نكون مؤمنين صالحين، ونستحقّ أن نُدعى مسيحيّين مؤمنين. والصّلاة بخشوع واتّضاع هي تواصل من القلب مع الرّبّ، فأمامه ننحني ونصلّي ونفتح قلوبنا على محبّته ورحمته. وللغوص في أهميّة الصّلاة بعمق وتواضع انطلاقًا من إنجيل الأحد السّادس عشر من زمن العنصرة للقدّيس لوقا (18 / 9 - 14)، كان لموقع "نورنيوز" الإخباريّ حديث مع الرّاهب الكرمليّ الأب ميشال عبّود الّذي أطلعنا على المغزى من مثل الفرّيسيّ والعشّار فقال:

 

"في قراءتنا لهذا المثل، نجد هدفه في بدايته، ألا وهو أنّ الرّبّ يسوع أعطاه لأناس "كانوا متيقّنين أنّهم أبرار، ويحتقرون سائر النّاس"."

وأعقب الأب عبّود ساردًا: "الإثنان، الفرّيسيّ والعشّار، صعدا ليصلّيا، والعشّار وحده هو الذي عاد مبرورًا، لأنّ الصّلاة لا تقوم على إقامتها، أو بتحريك الشّفتين بترداد كلمات من الممكن أن نكون حفظناها غيبًا، بل على تحرّك القلب وتغيير النّوايا في العمق، كي لا تنطبق علينا كلمات الكتاب المقدّس: "هذا الشّعب يتقرّب إليّ بفمه ويكرّمني بشفتيه وقلبه بعيد منّي" (أشعيا 29: 13)؛ وأذكر هنا حكمة عامّيّة تقول: "يوم صلاتك ما بتغيّرك.. غيّر صلاتك"."

وأضاف الأب الكرمليّ قائلًا: "في صلاة الفرّيسيّ، تكرار لما يقوم به من أعمال جيّدة، فهو ربّما لا يكذب بما يقول ويعدّد، ولكنّ خطأه يكمن بإعلاء نفسه على العشّار، واحتقاره وانتقاده حتّى في الصّلاة: "لست كسائر النّاس السّرّاقين الظّالمين الفاسقين، ولا مثل هذا العشّار". وبتعداده للأعمال جعل منها هي وحدها مصدر الخلاص والتّوب، والعيش مع الله. ولكنّ الصّحيح، هو أنّ الحياة الرّوحيّة، لا تقوم على كثرة الأعمال وضخامتها، بل على الحبّ الكبير وثماره، فالأعمال هي ثمار صلاتنا. نحن لا نعمل الأعمال كي يحبّنا الرّبّ، ولكن عندما نكتشف حبّ الله لنا، نقوم بأعمال كبيرة."

وأكمل الأب عبّود: "بينما في صلاة العشّار، يظهر التّواضع، حيث يُظهر أنّ الصّلاة، هي استنجاد الله، والاعتراف بعظمته ورحمته أمام ضعفنا وخطايانا: "الّلهمّ ارحمني أنا الخاطىء". كلمات العشّار هي كلمات أنشدها داود النّبي في المزمور 51 عندما اكتشف أنّه انسان ضعيف، يقع بسهولة في الخطئية فينشد قائلاً: "ارحمني يا الله بحسب رحمتك وبكثرة رأفتك امح معاصيّ...أحجب وجهك عن خطاياي، وامح جميع آثامي. قلبًا طاهرًا أخلق فيّ يا الله...".

وشدّد الأب عبّود على التّواضع فقال: "التّواضع يجلب النِعَم، كالبستان الذي يقع في الأسفل، فيستقطب الماء أكثر من غيره، مستعينًا بقول القدّيس أغسطينس: "التّواضع ليس أن تكون أقلّ ممّا أنت، بل أن تكون ما أنت"."

وفي الختام، استخلص الأب عبّود المثل مزوّدًا إيّانا بعبرة للأسبوع وللحياة قائلًا: "في هذا المثل، انتقد يسوع المتكبّرين والذين يعدّون أنفسهم أبرارًا. ونحن، في وقت الخطيئة علينا أن نذهب إلى الرّبّ، وألّا نخاف ونخجل منه، فمَن غَيره يغفر خطايانا؟ لو اقترفت خطايا العالم أجمع، فرحمة الله أكبر من كلّ خطيئة. عندما أعترف بخطاياي أمام الكاهن وآخذ الحلّة عنها، أعود إلى نضارة معموديّتي. فهل الذّهب يفقد قيمته إذا تغطّى بالغبار؟ بالطّبع لا، كذلك نحن لا نفقد صفة البنوّة الإلهيّة في وقوعنا في الخطيئة."