لبنان
03 أيار 2023, 11:50

خيرالله في اليوبيل الفضّيّ للتّوأمة بين أبرشيّتي البترون وسان إتيان الفرنسيّة: اليوبيل علامة رجاء في ظروف استثنائيّة

تيلي لوميار/ نورسات
خلال قدّاس احتفاليّ في كاتدرائيّة مار إسطفان- البترون، احتفلت أبرشيّة البترون المارونيّة وراعيها المطران منير خيرالله وكهنتها ولجنة التّوأمة باليوبيل الفضّيّ للتّوأمة بين أبرشيّة البترون وسان إتيان الفرنسيّة، بمشاركة راعي أبرشية سان إتيان الفرنسيّة المطران سيلفان باتاي، النّائب العامّ في أبرشيّة البترون المونسنيور بيار طانيوس، خادم رعيّة البترون الخوري بيار صعب ورئيس لجنة التّوأمة الخوري سامي نعمه ولفيف من الكهنة، وبحضور مطران طرابلس وتوابعها للرّوم الملكيّين الكاثوليك المطران إدوار ضاهر ورئيس أساقفة أبرشيّة طرابلس المارونيّة المطران يوسف سويف، إضافة إلى راهبات وفعاليّات المنطقة ورؤساء جمعيّات ومؤسّسات وحشد من المؤمنين.

وبعد تلاوة الإنجيل المقدّس، ألقى المطران خيرالله عظة قال فيها: "نحتفل اليوم باليوبيل الفضّيّ للتّوأمة الجامعة بين أبرشيّتي البترون وسان إتيان ونرنّم مع العذراء مريم قائلين: "تعظّم نفسي الرّبّ وتبتهج روحي بالله مخلّصي". (لوقا 1/46).

إنّه نشيد الشّكر نتقدّم به مع مريم إلى الله "أبو ربّنا يسوع المسيح الّذي باركنا كلّ بركة روحيّة في السّماوات في المسيح، بأنّه اختارنا فيه قبل إنشاء العالم لنكون في نظره قدّيسين بلا عيبٍ في المحبّة، وأطلَعَنا على سرّ الفداء بدم ابنه ليسير بالأزمنة إلى تمامها فيجمع تحت رأسٍ واحد، هو المسيح، كلَّ شيء في السّماوات وفي الأرض"، كما يقول بولس الرّسول (أفسس 1/1-10).  

واليوبيل، كما يحدّده الرّبّ في كلامه لموسى، هو فرصة للعودة إلى الله وللتّوبة والغفران والتّجدّد (أحبار 25/8-10). هذا يعني أنّ الله ثابت في التّاريخ ويسير بالأزمنة إلى تمامها أيّ تحقيق التّدبير الخلاصيّ بابنه يسوع المسيح، وأنّه حاضر في شعبه ويدعوه إلى الثّبات في إيمانه وإلى السّير على طريق القداسة.  

نحن اليوم أيضًا يدعونا الله، وقد اختارنا من قبل إنشاء العالم، إلى أن نكون قدّيسين. وبفعل سرّ المعموديّة الّذي اقتبلناه، نحن مدعوّون لتلبية الدّعوة إلى القداسة، وبخاصّة في أبرشيّتينا سان إتيان والبترون، في تنوّع مواهبنا وأوضاعنا ومواقع خدمتنا في الكنيسة وفي المجتمع. والمؤمن المعمّد يعرف أنّ الخدمة الكهنوتيّة والخدمة الاجتماعيّة والخدمة السّياسيّة هي وسائل لتقديس الذّات عندما تكون خدمةً للخير العامّ وخدمةً للإنسان في سبيل خلاصه. بفعل معموديّتنا، نحن ملتزمون المشاركة في خدمات المسيح الثّلاثة: الخدمة النّبويّة في الشّهادة للحقّ، والخدمة الكهنوتيّة في تقديس الذّات والآخرين، والخدمة الملوكيّة في الدّفاع عن حقوق الإنسان والعدالة.  

لقد تعوّدنا أن نسأل: ماذا قدّمت لنا الكنيسة؟ وماذا قدّم لنا المجتمع والوطن؟  

والأجدى أنّه كان من المفترض أن يسأل كلُّ واحد منّا نفسه: ماذا قدّمتُ أنا للكنيسة وللمجتمع وللوطن في خدمة الخير العامّ والإنسان؟  

إنّ اليوبيل هو علامة رجاء في ظروف استثنائيّة. واليوبيل الفضّيّ للتّوأمة الّذي نحتفل به في ظروفنا الكارثيّة هو علامة رجاء جديد يدعونا للثّبات في إيماننا بالله وفي علاقة المحبّة والأخوّة الرّوحيّة والتّضامن في ما بيننا نحن أبناء وبنات الأبرشيّتين.

إنطلقت مسيرة التّوأمة بيننا مع الأيّام العالميّة للشّبيبة الّتي دعا إليها القدّيس البابا يوحنّا بولس الثّاني في آب 1997 في فرنسا حيث استقبلت أبرشيّة سان إتيان أكثر من خمسين شابًّا وشابّة من أبرشيّة البترون.  

وتكرّست التّوأمة في البترون مع المثلّث الرّحمة المطران بولس آميل سعاده في 14 آب 1998، وفي سان إتيان مع المثلّث الرّحمة المطران بيار جواتون في 27 آب سنة 2000.  

ومنذ العام 1998، ثمّة شبيبة وعائلات وكهنة ومطارنة من الأبرشيّتين نسجوا روابط أخويّة فيما بينهم. وكانت زيارات حجّ ولقاءات روحيّة وثقافيّة بين أبناء الأبرشيّتين، كان محورها الشّباب مع التزام عائلات وحركات رسوليّة، من مثل رابطة الأخويّات وفرسان العذراء والحركة الرّسوليّة المريميّة وكشّافة لبنان وفرق السّيّدة، ورجال دين وثقافة وسياسة ونوّاب.  

وأراد مطرانا الأبرشيّتين، سعاده وجواتون، أن تكون هذه التّوأمة روحيّة أوّلاً، وتهدف إلى:  

- توطيد العلاقة الرّوحيّة بين الأبرشيّتين وفتح الأبواب أمام علاقات أخويّة.

- التّعرّف إلى هويّة وتراث كلٍّ من الكنيستين واحترام التّنوّع بينهما في الوحدة بالإيمان وبالعلاقة مع كنيسة روما وأسقفها خليفة بطرس.

- الشّهادة للمسيح وعيش إنجيله في مجتمعاتنا وثقافاتنا وحضاراتنا المتنوّعة.

أمّا الوسائل لتطبيق هذه الأهداف، فتحدّدت كما يلي:  

- الصّلاة: الصّلاة الجماعيّة والفرديّة، وهي في صميم هذه التّوأمة لأنّها حجر الزّاوية للشّركة الرّوحيّة؛ فهي تتغذّى من كلمة الله في الكتاب المقدّس ومن معرفة التّاريخ الرّوحيّ لكلتا الكنيستين، وتستمرّ في تمتين الوحدة متخطيّة كلّ الحواجز والمسافات.

- المشاركة: توطيد العلاقات الأخويّة بين الأشخاص والعائلات والجماعات الكنسيّة بتبادل الرّسائل والزّيارات واستضافة الوفود، وتنظيم زيارات حجّ هادفة إلى اكتشاف الأمكنة المقدّسة والتّعرّف إلى قدّيسي كلّ من البلدين والأبرشيّتين؛ وتشجيع المبادرات للتّبادل الثّقافيّ."

خمسٌ وعشرون سنة! يا لها من مسيرة غنيّة قادنا فيها الرّوح القدس لتتميم إرادة الله الآب فينا لنشهد لابنه يسوع المسيح المائت والقائم من الموت ولإنجيل المحبّة والخلاص.

مسيرة روحيّة سمحت لنا بأن نبني علاقات أخويّة، وأن نغتني بمواهب وعطايا كلِّ واحد منّا، وأن نعيش التّضامن في شركة تامّة بين كنيستينا في البترون وسان إتيان اللّتين تحقّقان الوحدة والشّركة مع كنيسة روما والكنيسة الجامعة.  

مئات من الشّباب والأولاد والبالغين والعائلات والكهنة، مع المطارنة، سلكوا طريق الحجّ من البترون وسان إتيان وإليهما. والميثاق الّذي ختمناه في ما بيننا كان وسيبقى الأيقونة الّتي نتبادلها عبر خبراتنا الرّوحيّة والكنسيّة والإنسانيّة والاجتماعيّة والثّقافيّة. ونعبّر عنه اليوم بتوقيع شرعة التّوأمة".  

وتوجّه خيرالله إلى المطران سيلفان باتاي ومن خلاله أبناء أبرشيّة سان إتيان، قائلاً لهم: "نرفع الشّكر معًا إلى الله على التّوأمة الّتي تجمعنا، وعلى الأخوّة الرّوحيّة الّتي تربطنا في الإيمان والرّجاء والمحبّة في المسيح يسوع، وعلى الوحدة الكنسيّة الّتي نعيشها بعمق التزامها، وعلى الصّلاة الّتي لا تزالون ترفعونها إلى الله الآب، وبخاصّة في الرّابع من كلّ شهر بعد عمليّة تفجير مرفأ بيروت، من أجل خلاص لبنان، ومن أجل أن نبقى نحن اللّبنانيّين ثابتين في صمودنا إلى أن يسمح الله بقيامة لبنان، الوطن الرّسالة في الحرّيّة والكرامة والعيش معًا في احترام التّعدّديّة.  

كنتم بقربنا في كلّ هذه السّنوات الّتي كنّا فيها ولا زلنا نعاني من وِزر الأزمات المتعدّدة والمتراكمة، وشاركتمونا أفراحنا وأحزاننا.  

تأكّدوا أنّ روابط الأخوّة الرّوحيّة ستستمرّ بيننا في الوحدة في يسوع المسيح، بشفاعة أمّنا العذراء مريم وجميع قدّيسينا، وبفضل شبابنا الّذين كانوا في أصل التّوأمة وسيستمرّون بحمل لوائها برجاءٍ وطيد لا تُحبطه المِحَن وأمواج بحر هذا العالم الهائج، باسم الآب والابن والرّوح القدس."

وفي ختام القدّاس، وقّع المطرانان خيرالله وباتاي شرعة التّوأمة بين الأبرشيّتين.  

لقاء  

وسبق القداس لقاء في الدير الأم الراهبات العائلة المقدّسة المارونيّات في عبرين ضم المطرانين خيرالله وباتاي وكهنة من الابرشيتين في حضور الرئيسة العام الأم ماري أنطوانيت سعاده الراهبات.  

وتمحور اللقاء على أهمية التوأمة وحياة المكرم البطريرك الياس الحويك والقديس مارسلان شمبانياه.  

وبعد القداس أقيم لقاء فرح وشهادة على مسرح ثانوية راهبات القلبين الأقدسين تخلله عرض فيديو وحفل فني وموسيقي أحيته جوقة "بيت الفن" بإدارة الفنان فادي جبرايل فشريط مصور عن نشاطات برنامج التوأمة بين ابرشيتي البترون وسان إتيان الفرنسية.

واختتم اللقاء بمأدبة طعام المحبة شارك فيها الجميع.