ثقافة ومجتمع
21 حزيران 2024, 11:00

ذكَرًا وَأُنْثَى خَلَقَهُمَا الله

تيلي لوميار/ نورسات
بقلم الأب بسّام ناصيف، المتقدّم في الكهنة، كاهن رعيّة دوما

 

يشير الواقع العلميّ إلى أنّ جنس الإنسان محدَّد بحسب الكروموزوم. فإذا كان المولود ذا صبغيّات جنسيّة XX، يكون أنثى، أمّا إذا كان المولود ذا صبغيّات جنسيّة XY ، فيكون بذلك ذكرًا. الرجل الذي بُترت أعضاؤه التناسليّة ليس امرأة، بل رجل تعرَّض لتشوُّه. تمامًا كما لو قُطعت قائمتان من حيوان رباعيّ القوائم، فهو لا يصير  طائرًا، وإذا قُطعت القوائم الأربع لا يصير ثعبانًا. وهذا تؤكّده الخليّة الأخيرة من أخمص قدَم الإنسان، بحّد ذاتها، فهي تشهد إلى أيّ من الجنسَين ينتمي: ذكرًا أم أنثى. لذلك، حتّى لو قام أحد بفحص حذائك (من دون أن يكون رآك أبدًا شخصيًّا) فبوسعه أن يعرف إلى أي جنس تنتمي: ذكرًا أم أنثى، من الخلايا التي تتركها على حذائك. سيرسل لنا المختبر البيولوجيّ الذي يفحص حذاءك إحدى إجابتَين (ذكرًا أو أنثى). لا يمكنك تغيير هذا، بغضّ النظر عمّا تفعله جراحيًّا في تغيير جنسك. وبعد ألف سنة من الآن، أي في عام ٣٠٢٤، بمجرّد أن يعايِن هيكلَك العظميّ عالمُ آثار (وليس بالضرورة طبيب)، سيُدرك بلحظة واحدة نوع جنسك الذي خُلقتَ عليه، فيقول: «كان هذا رجلًا» أو «هذه كانت امرأة». فلا سبيل له ليقول «هنا لدينا شخص ينتمي إلى جنس سابع»، لأنْ لا يوجد أكثر من جنسَين. لا يمكن تزييف الواقع العلميّ. إلّا أنّ هذا الواقع لا يجب أن يقودنا إلى أن نَستخدم ضدّ أحد الإدانة أو التمييز الجنسيّ، على المستوى القانونيّ أو الاجتماعيّ أو الدينيّ.  

المسيحيّة تعلّمنا احترام كلّ شخص كإنسان خلقه الله معطي الحياة.

يختبر البعض ألمًا لشعورهم بالانتماء الى جنسٍ ما، ما يؤدّي إلى محاولة تغيير جنسهم (التحوّل الجنسيّ) من خلال التأثير الهرمونيّ والعمليّات الجراحيّة. وهذا أوصل، في حالات كثيرة، ليس إلى حلّ مشاكل نفسيّة، بل إلى أزمة داخليّة عميقة. لا توافق الكنيسة على التحوّل الجنسيّ. وقد صرّحت الكنيسة الروسيّة بأنْ «إذا حدث تغيير الجنس في شخص ما قبل معموديّته أو معموديّتها، فيمكن أن يُقبل في هذا السرّ كأيّ خاطئ آخر، لكنّ الكنيسة تُعمّده على أنّه ينتمي إلى جنسه بالولادة. أمّا سيامة مثل هذا الشخص وزواجه أو زواجها في الكنيسة فغير مقبول» (سنة ٢٠٠٠؛ ٩، ١٢). وقد أكّدت بطريركيّة أنطاكية للروم الأرثوذكس، عبر وثيقة «العائلة: فرح الحياة» أنْ، «ولَئِن أصدرَت الدُّول قوانين تقبل فيها الزواج المثليّ، فهذا لا يُثبت شرعيَّته من الناحية الكنسيّة. هذا عدا عن الظواهر المعاصرة غير المألوفة التي تتناول مسألة «الجندرة (تغيير الجنس)»، وما يَشيع في مجتمعات اليوم من ظواهر تحويل الجنس أو التلاعب بالجينات.  

تؤمِن الكنيسة بأنّ الجهاد النُسكيّ يقود إلى تحويل الرغبة التي عند الرجل والرغبة التي عند المرأة إلى حبّ يلاقي المسيح، وإلى اتّحاد الإنسان بالله، فيغدو ملاكًا أرضيًّا وإنسانًا سماويًّا. ويُمكننا أن نرى ذلك ظاهرًا هنا والآن، في حياة العديد من القدّيسين، بحسب كلمات القدّيس بولس الرسول «أحيا لا أنا، بل المسيحُ يحيا فيَّ» (غلاطية ٢: ٢٠