ثقافة ومجتمع
14 أيلول 2016, 12:30

رحلة بحريّة.. إستهتار وتهوّر

ريتا كرم
أرادوها نزهة سياحيّة في البحر المطلّ على قلعة صيدا، فتحوّلت إلى كارثة كادت تودي بحياتهم؛ إذ انقلب بالأمس زورق كان على متنه أكثر من عشرين شخصًا، بينهم أطفال ونساء، بعد أن ضربته أمواج عاتية. التّحقيقات أشارت إلى أنّ حمولة الزّورق تخطّت العدد المسموح به قانونيًّا، إلّا أنّ العناية الإلهيّة كانت أكبر من الاستهتار، فنجا الرّكّاب بعد انتشالهم من المياه غير أنّ حالة بعضهم حرجة.

 

هؤلاء تواجدوا على متن أحد تلك الزّوارق المنتشرة على طول الشّاطئ اللّبنانيّ من شماله إلى جنوبه، وشاءت الرّياح أن تجري بما لا تشتهيه، فهوت بهم في عرض البحر. هم لم يلبسوا سترة نجاة تحسّبًا لأيّة حادثة مفاجئة، لم يستلموها أصلاً، فلم يتوقّعوا أن تنقلب دقائق الاستجمام تلك في عطلة العيد إلى لحظات رعب وخوف! قائد الزّورق لم يدقّق حتّى في وجوهم ولا في هويّتهم ولا في عددهم، فغابت التّفاصيل عن باله وبال صاحب المركب الصّغير؛ فاجأتهم الأمواج فسقطوا في البحر وكأنّه مشهد من أحد أفلام التّشويق والدّراما، فهاج البحر بهم وبمن هبّوا إلى إنقاذهم من قوى تابعة للجيش اللّبنانيّ والصّليب الأحمر والدّفاع المدنيّ.

وأمام هذه الحادثة، مجموعة أسئلة تخطر على البال: هل يُسمح لكائن من كان أن يعرّض حياة الآخرين للخطر؟ هل يحقّ لشخص اختار مهنة فاحترفها منذ سنوات أن يهمل أقلّ الواجبات اللّوجيستيّة فلا يجهّز لها كما يجب؟ هل من الطّبيعيّ أن يختار أفراد مركباً للنّزهة فيُفاجأوا بمقاعده المهترئة وأرضيّته المصدّعة تصدر أصواتاً وكأنّه في حالة "موت رحيم" ينتظر طلقة "الرّحمة"؟ هل مسموح في بلد كثُرت فيه الأزمات أن تُضاف أزمة سببها تغاضي المسؤولين عن مراقبة أصحاب المهن الحرّة والتّدقيق في توفّر شروط السّلامة العامّة في آليّاتهم الّتي من المفروض أن تنقل الوجه السّياحيّ والحضاريّ للبلاد، وفي كيفيّة تنفيذهم وإدارتهم لعملهم؟ الأسئلة كثيرة والواقع الأليم حدّث ولا حرج، فإلى متى يبقى الإنسان في بلدنا ضحيّة "الفلتان" على أنواعه؟