الفاتيكان
31 أيار 2023, 09:30

رسالة البابا فرنسيس لإطلاق الميثاق الكاثوليكيّ العالميّ حول العائلة

تيلي لوميار/ نورسات
نُشرت أمس الثّلاثاء رسالة البابا فرنسيس لإطلاق الميثاق الكاثوليكيّ العالميّ حول العائلةFamily Global Compact، البرنامج المتقاسَم السّاعي إلى الحوار بين رعويّة العائلات ومراكز الدّراسات والأبحاث الخاصّة بالعائلات في الجامعات الكاثوليكيّة في العالم بأسره.

وبحسب "فاتيكان نيوز"، "قال الأب الأقدس في بداية الرّسالة إنّه يدعم هذه المبادرة للدّائرة الفاتيكانيّة للعلمانيّين والعائلة والحياة والجامعة الحبريّة للعلوم الاجتماعيّة، مبادرة انطلقت من دراسات وأبحاث حول الأهمّيّة الثّقافية والأنثروبولوجيّة للعائلة وحول التّحدّيات الّتي عليها مواجهتها. ويأتي دعم البابا هذا، وحسب ما ذكر، انطلاقًا من قناعته الّتي عبَّر عنها في الإرشاد الرّسوليّ "فرح الحبّ" حين شدّد على كون خير العائلة مصيريًّا بالنّسبة لمستقبل العالم والكنيسة.  

وفي حديثه عن هدف هذا الميثاق العالميّ أشار الأب الأقدس إلى التّعاون وإلى استفادة النّشاط الرّعويّ مع العائلات في الكنائس الخاصّة بشكل أكثر كفاءة من نتائج البحث والنّشاط التّعليميّ والتّربويّ للجامعات. وأضاف البابا أنّ بإمكان الجامعات الكاثوليكيّة والرّعويّات أن يعزّزا بشكل أفضل ثقافة العائلة والحياة لمساعدة الأجيال الشّابّة، في زمن عدم اليقين وقحط الرّجاء هذا، على تثمين الزّواج والحياة العائليّة بمواردها وتحدّياتها، وجمال ولادة وحماية الحياة البشريّة. هناك حاجة بالتّالي إلى جهد أكثر مسؤوليّة وسخاء يكمن في تقديم الأسباب والدّوافع لاختيار الزّواج والأسرة، بطريقة تجعل النّاس أكثر استعدادًا للإجابة على النّعمة الّتي يمنحها الله لهم.

وتابع البابا فرنسيس متوقّفًا عند مهمّة الجامعات الكاثوليكيّة الّتي أُوكل إليها القيام بتحليل عميق للزّواج والعائلة على الأصعدة اللّاهوتيّة والفلسفية، القانونيّة والاجتماعيّة والاقتصاديّة، وذلك لتعزيز أهمّيّتها الفعّالة داخل منظومات الفكر والعمل المعاصرة. وأشار الأب الأقدس في هذا السّياق إلى إبراز الدّراسات أزمة تجعل من الصّعب إنشاء عائلة بشكل هادئ بسبب غياب الدّعم المناسب من قِبل المجتمع. وأضاف أنّ لهذا السّبب أيضًا لا يختار الكثير من الشّباب الزّواج ويفضِّلون أشكال علاقات عاطفيّة غير مستقرّة وغير رسميّة. إلّا أنّ الدّراسات أظهرت في المقابل مواصلة العائلة كونها المصدر الأساسيّ للحياة الاجتماعيّة، وكشفت وجود ممارسات إيجابيّة جديرة بالتّقاسم والنّشر على المستوى العالميّ. وأضاف الأب الأقدس من هذا المنطلق أنّ العائلات يمكنها غالبًا، بل وعليها، أن تكون الشّهود والأطراف الرّائدة  في هذه المسيرة.

أوضح قداسة البابا بعد ذلك أنّ هذه المبادرة، Family Global Compact، ليس المقصود بها وضع برنامج ثابت لبلورة بعض الأفكار، بل أن تكون مسيرة تتألّف من أربع خطوات. وعدَّد البابا فرنسيس هذه الخطوات فتحدّث أوّلاً عن تفعيل مسيرة حوار وتعاون أكبر بين مراكز الدّراسة والبحث الجامعيّة المهتمّة بقضايا العائلة، وذلك لجعل نشاط هذه المراكز أكثر خصوبة، وبشكل خاصّ تأسيس أو إعادة إطلاق شبكات المعاهد الجامعيّة المستلهِمة من العقيدة الاجتماعيّة للكنيسة. الخطوة الثّانية، حسب ما واصل الأب الأقدس، تكمن في تأسيس تعاون أكبر على مستوى المضمون والأهداف بين الجماعات المسيحيّة والجامعات الكاثوليكيّة. تأتي بعد ذلك الخطوة الثّالثة ألا وهي تعزيز ثقافة العائلة والحياة في المجتمع، وذلك من أجل تحفيز اقتراحات وأهداف مفيدة للسّياسات العامّة. أمّا الخطوة الرّابعة فهي تحقيق تناغم ودعم لما يتمّ تحديده من مقترحات من أجل إثراء ودعم خدمة العائلة على الأصعدة الرّوحيّة والرّعويّة والثّقافيّة، القانونيّة والسّياسيّة والاقتصاديّة والاجتماعيّة.  

وفي ختام رسالته لإطلاق هذا الميثاق العالميّ للعائلة، Family Global Compact، أراد البابا فرنسيس التّشديد على أنّه في العائلة تحديدًا يتحقّق جزء كبير من أحلام الله للجماعة البشريّة. وتابع قداسته أنّ علينا تفادي الاستسلام لتردِّي العائلة بسبب عدم اليقين والفردانيّة والاستهلاكيّة والّتي ترسم آفاق مستقبل من أفراد يفكّرون في أنفسهم. كما ولا يمكننا أن نكون غير مبالين بمستقبل العائلة، جماعة الحياة والمحبّة، ذلك العهد الّذي لا يضارَع ولا ينحلّ بين الرّجل والمرأة، ذلك المكان الّذي تلقي فيه الأجيال، رجاء المجتمع. وشدّد البابا من جهة أخرى على ما للعائلة من تبعات إيجابيّة على الجميع لكونها مولدة للخير العامّ، وعلى أنّ العلاقات العائليّة الجيّدة تُشكّل إثراءً لا غنى عنه لا فقط للوالدين وللأبناء، بل للجماعة الكنسيّة والمدنيّة بكاملها."