لبنان
12 شباط 2024, 10:10

رسامة الأب يوسف شاهين ارشمندريتا ونائبا اسقفيا عاما على ابرشية بعلبك

تيلي لوميار/ نورسات
إحتفلت الرّهبانيّة الباسيليّة الشّويريّة بسيامة ابنها الأب يوسف ميشال شاهين ارشمندريتا وتعيينه نائبا اسقفيّا عامّا على أبرشيّة بعلبك وتوابعها للرّوم الملكيّين الكاثوليك، وذلك خلال قدّاس إلهيّ أقيم في كنيسة دير مار الياس الطّوق ترأّسه راعي أبرشيّة طرابلس وسائر الشّمال للرّوم الكاثوليك والمدبّر البطريركيّ على أبرشيّة بعلبك المطران ادوار جاورجيوس ضاهر بمشاركة رئيس عام الرّهبانيّة الأرشمندريت برنار توما والكهنة، وبحضور رئيس أساقفة الفرزل وزحلة والبقاع للرّوم الملكيّين الكاثوليك المطران ابراهيم مخايل ابراهيم، المندوب البابويّ على الرّهبانيّة المطران سيزار اسايان، راعي أبرشيّة صور وتوابعها للرّوم الكاثوليك المتروبوليت جورج اسكندر، الرّئيس العام السّابق للرّهبانيّة اللّبنانيّة المارونيّة الأباتي نعمةالله هاشم، الرّئيسة العامّة للرّاهبات الباسيليّات الشّويريّات الأم ندى طانيوس، الرّئيسة العامّة لجمعيّة راهبات سيّدة الخدمة الصّالحة الأم جوسلين جمعة، وعدد كبير من الكهنة والرّاهبات وعائلة الأرشمندريت الجديد والمؤمنين. بعد تلاوة الإنجيل المقدّس، كانت عظة للمطران ضاهر، قال فيها بحسب إعلام الأبرشيّة:

"بفرحٍ كبيرٍ، أحتفل اليوم، مع إخوتي أصحاب السّيادة ومعكم، اليوم بمنح رتبة أرشمندريت للأب يوسف شاهين، الرّاهب الشّويريّ، ابن هذه الرّعيّة العزيزة الرّاسية التّي أحببتها وخدمتها منذ أكثر من عشر سنوات، وابن مدينة زحلة مدينة الكنائس، والمروءة والرّجولة.

الرّهبانية الباسيليّة الشّويريّة، ومدينتك زحلة، تقدّمانك اليوم، أيّها الأب الحبيب يوسف، إلى خدمة أكبرٍ وأشملٍ لشعب الله في الكنيسة، وفي أبرشيّة بعلبك المحروسة من الله. وكلٍّ منهما، تحملك في صلواتها كي تكون كاهنًا متشبّها بالمسيح، على مثال الذين سبقوك، وتعيش بوفاءٍ، روحانيّة كهنوتك، وتلتزم بإخلاصٍ لما تتطلّبه خدمتك الكهنوتيّة.

يستوقفنا في هذا الإنجيل، ترداد السّيّد المسيح السّؤال نفسه ثلاث مرّات: " أتحبّني"، وكأنّه لا يصدّق " النّعم " التي سمعها من بطرس، حتّى إنّ هذا حزن من تشكيك الرّبّ، وأكّد بكثيرٍ من الاتّضاع: " إنّي أحبّك ".

لا شكّ أنّه تذكّر كيف جحد المسيح ثلاث مرّاتٍ، فلم يتجرّأ على المغالاة في إعلان محبّة الرّبّ، ولمّا تذكّر أنّه قد يضعف يومًا، خفت صوته وأكّد موقفه من جديدٍ، وبشكلٍ نهائيّ: " نعم يا ربّ، أنت تعرف كلّ شيء. أنت تعلم أنّي أحبّك". فكأنّه بقوله هذا، يرجو من السّيّد أن يحفظه من الضّعف المتلبّس به.

هذا الحوار بين يسوع وبطرس، هو حوار محوّل، فبعد أن كان بطرس معتدّا بقواه الشّخصيّة، ويميل للثّقة والإيمان بذاته، نراه في هذا اللّقاء يتذكّر نكرانه وندمه، ويعرف أنّ الحبّ هو كلّ شيء، وبعد أن كان مفضّلا حياته على محبّته، تحوّل، ليكون مثل معلّمه، فأحبّ إلى درجة الموت، معلّقا بالمقلوب على الصّليب. هذا يعني أنّ القيامة الحقيقيّة هي في الحبّ، الذي يجعلنا، نقدّم حياتنا في سبيل الآخرين."

لنسمعْ رّبنا وهو يقول لنا: "ألقوا الشّبكة". هذه الشّبكة التي تمثّل الانطلاق نحو الآخرين، لاجتذابهم إلى الرّبّ الذي يطلب طعامًا. ولندعْه يحوّلنا، فنصنع الحبّ، ونفضّله على الحياة التي نحن نريدها لأنفسنا، فما من حبٍّ أعظم من أن يبذل الإنسان نفسه عن أحبّائه، وبهذا تكون محبّتنا أقوى من الموت، فتتحقّق القيامة فينا.

إنّ الذين يتطلّعون إلى خدمة المؤمنين في الكهنوت، ذاك السّرّ العظيم، الذي خصّ به الرّبّ أحبّاءه، وجعلهم بنوعٍ خاصٍّ أمناء على رسالته الخلاصيّة، هؤلاء المؤمنين المفعمين بالغيرة، يساءل الرّبّ كلّا منهم مرارًا: "أتحبّني؟"، لينبّههم إلى أنّ الحبّ العظيم هو الشّرط الأساسيّ لاتّباع الرّبّ في الرّعاية الكهنوتيّة، ولا بديل عنه في رعاية المؤمنين. فلا عجب أن يسائل المسيح كلّ كاهنٍ، قائلا: " أتحبّني؟ " وهذا الحبّ سيتجسّد في الخدمة الأخويّة، والحياة الفاضلة، والصّبر على المشقّات والأتعاب والاضطهادات، والتّعرّض لكلام النّاس وبغضهم أحيانًا، الذين لا يفهمون من الملكوت إلّا جانبه الأرضيّ والزّمنيّ.

أيّها الابن الحبيب يوسف، اليوم سيقيمك السّيّد المسيح، معلّمًا سماويًّا، ينطق بلغة العنصرة، وسوف يحمّلك صليبًا كالذي حمله، ويكلّفك بحظيرةٍ من حظائر كنيسته الواسعة، وسترعى قطعانه في طرقٍ وعرةٍ. إنّه يحمّلك مسؤوليّة خطيرة، تكون أنت فيها واسطة حياةٍ أبديّةٍ للكثيرين. وفي حال تخاذلك أو إهمالك أو عدم اكتراثك، قد تتسبّب بالضّياع أو بالشّكّ أو الهلاك للكثيرين أيضًا. فهل فيك من محبّة المعلّم ما يجعلك تضحّي بكلّ شيءٍ في سبيل تحقيق مشيئته، وفداء من يرسلك إليهم؟ هل أنت تحبّه إلى الحدّ الذي يمكّنك من التّخلّي عن ذاتك، وعن كلّ ما لك؟ 

أهنّئك بهذه العلاقة الخاصّة التّي أنشأتها مع السّيّد المسيح، والتي قدّرك الرّوح القدس، من خلالها، على مدى العمر أن تجعل من كلّ فترةٍ من حياتك عربونا للمحبّة التّي أحبّناها الله، فتداوم على الإجابة كما في يوم رسامتك الكهنوتيّة: "نعم يا ربّ، أنت تعرف كلّ شيءٍ، أنت تعرف أنّني أحبّك، آمين "."

وإختتم ضاهر "باسمي، وباسم إخوتي المطارنة أصحاب السّيادة السّاميي الاحترام والوقار، وباسم جميع أخوتي الكهنة، الملتئمين حول هذا الهيكل المقدّس، وهذا الجمهور الحاضر، أهنّئك أيّها الأرشمندريت يوسف، ببدء مسيرتك الجديدة في النّيابة الأسقفيّة لأبرشيّة بعلبك، مسيرة القداسة والتّضحية وبذل الذّات، كما أهنّئ عائلتنا الكبيرة، الرّهبانية الباسيليّة الشّويريّة، وعلى رأسها المندوب البابويّ سيادة المطران سيزار أسيان الجزيل الاحترام، وقدس الأب العام الأرشمندريت برنار توما الكلّيّ الاحترام، والعمدة الرّهبانيّة، وجميع آباء وأبناء الرّهبانيّة العزيزة، كما أتقدّم بالتّهنئة من عائلتك الصّغيرة، وعنيت بها والديك الحبيبين ميشال وجانيت، وإخوتك العزيزين ميراي ومروان، وأقاربك وأصدقاءك، وعائلة شاهين الكرام، وعموم أهالي الرّاسية المحترمين، ومدينتك زحلة، هذه المدينة الشّاهدة على الإيمان والقيم الإنسانيّة، والعزّة والكرامة والمروءة. ولا تنسى أبدًا، أن تذكر في صلواتك وقدّاسك، أبناء وبنات أبرشيّة بعلبك، واعلم أنّك ستجد في قلب مطرانك وإخوتك الكهنة، محبّة كبيرة وعاطفة أبويّة. باركك الله وثبّت خطواتك في طريق القداسة والبّر، آمين."

في ختام القداس كانت كلمة شكر للأرشمندريت يوسف شاهين قال فيها :

"إنّي لواثق بأنّ الشّكر وعلى الرّغم من أهميّته في التّعبير عن مشاعر الامتنان وعرفان الجميل، لا يفي المحبّة حقها. وإن بحثت في معجم الكلمات للتّعبير عمّا يختلج في قلبي، فإنّي عاجز عن الوصول إلى ما أصبو إليه، ففي عقلي تتصارع الأفكار، وفي فمي تتلعثم الكلمات.

لذا سألت الله أن يرشدني إلى ما أعبّر فيه عن مكنونات روحي، وصلّيت لكي اهتدي إلى ضالّتي فأدركت ماذا فعل: لو آثرت الشّكر فقط، لما تمكّنت من ايفائكم، لكنّني اذا ما أهديتكم صلاتي، فإنّي بذلك أترك الله أن يجزيكم عنّي، بخيراته ونعمه الغزيرة وهو الذي لديه كنز العطايا الذي لا يفرغ، لذا اسمحوا لي أن أستبدل كلمة الشّكر بفعل صلاة من القلب وأقول: صلاتي إلى صاحب الغبطة، أبينا البطريرك يوسف الكلّي الطّوبى، والسّادة الأساقفة أعضاء السّينودس الدّائم الذين باركوا تعييني كنائب عام للأبرشيّة، فإنّهم بذلك قد أولوني ثقتهم وأرجو أن أكون على قدر هذه الثّقة.

صلاتي إلى صاحب السّيادة المطران ادوار جاورجيوس ضاهر، الذي يشاركني يوميًّا تقدمتي الإفخارستيّة، فأرفعه عند رفع الحمل لأنّه على مثاله يبذل في المحبّة ويوزّع في التّضحية، وهو الذي لم ولن تجفّ صلاتي من أجله ومن أجل أن يعضده الله ليبقى مفصّلا بإحكام كلمته الحقّة.

صلاتي إلى اصحاب السيادة الجزيلي الوقار: جاورجيوس حداد، ايلي حداد، ابراهيم ابراهيم، جورج اسكندر وسيادة المندوب البابويّ على الرّهبانيّة المطران سيزار اسايان الذين لبّوا دعوتي البنويّة ليشاركوني هذا اليوم ببركتهم، وإنّي يا أصحاب السّيادة أكنّ لكلّ منكم كلّ التّقدير والاحترام، وأسألكم أن تشملوني دومًا بصلواتكم وتضرّعاتكم أمام الحضرة الإلهيّة.

صلاتي وأدعيتي إلى أمّي الرّهبانيّة الباسيليّة الشّويريّة، بشخص رئيسها العام الأرشمندريت برنار توما ومجلسها التّدبيريّ، التي احتضنتني شابًّا وصقلت شخصيّتي الرّهبانيّة والكهنوتيّة، وها هي اليوم ترسلني لخدمة جديدة في كنيستنا. أمّي الرّهبانيّة، إنّي أحبّها لأنّها وطن وجودي الرّوحيّ، وإنّي أضاعف عشقي لها كعشقي لوالدتي البشريّة، التي ولو بدّلت الشّيخوخة بهاء ملامح وجهها لكنّها تبقى أمي، وانا باقٍ على حبّها.

صلاتي إلى الأخوات الرّاهبات الباسيليّات الشّويريّات والأخوات راهبات سيّدة الخدمة الصّالحة، رافعًا أكفّ الضّراعة من أجل هاتين الجمعيّتين المباركتين، فمن معين الأولى ارتشفت العلم والتّقوى وعرفت المسيح، وبشّرت به بفرح مع راهباتها، من أجل خدمة رسوليّة صالحة.

صلاتي إلى أخوتي الآباء الكهنة، الحاضرين ههنا، أو الذين لم يتمكّنوا من الحضور، من أخوتي آباء الرّهبانيّة الشّويريّة، إلى الكهنة الذين نخدم معًا في المحكمة، مرورًا بالآباء الذين جمعتني بهم الحياة والرّسالات، وصولًا إلى آباء أبرشيّة بعلبك، لأنّهم لي سندًا وملجأ، ولكلّ منهم مكانته في قلبي. آبائي، كما أنّكم لم تبخلوا عليّ بمحبّتكم وصداقتكم، أسألكم اليوم بالذّات، ألّا تبخلوا عليّ بصلواتكم.

وفي قلب هذه الصّلاة الخاشعة للكهنة، تشدّني خلجات القلب إلى آباء الرّهبانيّة المشهود لهم بروح الإيمان والتّقوى، والفضيلة والعلم، والعمل لخير النّفوس، الذين غادرونا إلى ديار الرّبّ، وكانوا لي مثالًا نيّرًا ونبراسًا يحتذى به.

كما تشدّني ومضات الرّوح إلى الأب الذي يرشدني بنصحه، ويرافقني بمحبّته الأبويّة، لأبقى ثابت العزم والعزيمة، إنّه قدس الأباتي نعمة الله الهاشم، الذي له منّي العهد بمواصلة الصّلاة، لكي تكمل رادة الله فيه. والصّلاة موصولة أيضًا لقدس الأب ميشال عبّود، رئيس رابطة كاريتاس لبنان، الذي عملنا معًا في هذه المؤسّسة الكنسيّة الزّاهرة، والتي أرجو لها في عهده الميمون كلّ التّقدّم والإزدهار، في خدمة الإنسان لمجد الله.

صلاتي إلى والديّ الحنونين، وشقيقتي ميراي وعائلتها، وشقيقي مروان، الذين منهم تعلّمت الصّلاة الحقّة، التي تتخطى الخوف، وتفرح بالسّلام وتخدم الوداعة وتنشر طول الأناة. لكم أقول لست أصلّي من أجلكم فقط، لا بل أنتم صلاتي ومذبح تقدمتي الإفخارستيا وبخور تضرّعاتي إلى الله.

صلاتي أيضًا لكم جميعًا أيّها الأهل والأقارب والمعارف والأصدقاء، الذين أتيتم من قريب أو من بعيد لتشاركوني هذا اليوم البهيج، وأنتم بحقّ، أخوة لي، فلكم برهنت الأحداث والمواقف التي تشاركناها معًا، أنّكم في جوهر الأخوة المجبولة بالمحبّة الصّادقة."

وإختتم شاهين " وختامًا صلاتي إلى كلّ الذين شاركوا، كي يكون هذا اليوم على ما هو عليه من تنظيم وترتيب، وإنّهم كثر، ولهم منّي كلّ التّقدير، وأخصّ منهم رئيس هذا الدّير العامر وخادم هذه الرّعيّة المباركة، وجمهور إخوتي الرّهبان الذين خدموا في الجوقة، مع كلّ الذين تعبوا وحضّروا، عسى أن يكافأكم الله صحّة وعافية، مع الخير والبركة.

أخيرًا اسمحوا لي أن اقتدي ببولس الرّسول، فأصلّي معكم، ومن أجلكم: "إنّي أجثو على ركبتي ساجدًا للآب، وأتوسّل إليه أن يقوّي بروحه على مقدار غنى مجده، الإنسان الباطن فيكم، وأن يسكن المسيح في قلوبكم بالإيمان، حتّى اذا تأصّلتم ورسختم في المحبّة، أمكنكم أن تدركوا مع جميع القدّيسين ما هو العرض والطّول، والعلوّ والعمق، وتعرفوا محبّة المسيح التي تفوق كلّ معرفة، فتفيضوا فيها لمجد الله" (افسس 3: 14-19).

هذه صلاتي، هذه رغبة قلبي لكلّ منكم، وألتمس أن تبادلوني الصّلاة، وتواصلوا الابتهال من أجلي في خدمتي الجديدة، لكيما يعضدني الرّوح القدس، ويثبّت خطواتي للعمل بمشيئة الله، بشفاعة والد الإله، وجميع القدّيسين. آمين."