الفاتيكان
23 تشرين الأول 2020, 05:55

رسميًا الفاتيكان جدّد اتّفاقيّته المؤقّتة مع الصّين، فما هي الأسباب؟

تيلي لوميار/ نورسات
أعلن الكرسيّ الرّسوليّ بالأمس رسميًّا تمديد الاتّفاق المؤقّت مع جمهوريّة الصّين الشّعبيّة بشأن تعيين الأساقفة "لمدّة سنتين آخرين"، وفق ما نقلت "فاتيكان نيوز" عن بيان لدار الصّحافة الفاتيكانيّة.

وجاء في نصّ البيان: "إنَّ الكرسيّ الرّسوليّ، وإذ يعتبر أنّ تنفيذ الاتّفاق المذكور أعلاه- ذات القيمة الكنسيّة والرّعويّة الأساسيّة- كان إيجابيًّا بفضل التّواصل الجيّد والتّعاون بين الطّرفين في هذه المسألة المتّفق عليها، يعتزم مواصلة الحوار المفتوح والبنَّاء من أجل تعزيز حياة الكنيسة الكاثوليكيّة وخير الشّعب الصّينيّ."  

وأُرفق البيان مع بمقال طويل لصحيفة الأوسيرفاتوريه رومانو، تمّ فيه شرح أسباب هذا الاختيار، وكُتب فيه: "قام الطّرفان بتقييم مختلف جوانب تطبيق هذا الاتّفاق، واتّفقا، من خلال التّبادل الرّسميّ للمحاضر، على تمديد صلاحيّته لمدّة عامين آخرين، حتّى الثّاني والعشرين من تشرين الأوّل أكتوبر عام 2022.

إنَّ الهدف الرّئيسيّ من الاتّفاق هو دعم وتعزيز إعلان الإنجيل في الصّين من خلال استعادة وحدة الكنيسة الكاملة والمرئيّة. إنّ مسألة تعيين الأساقفة ووحدة الأساقفة مع خليفة بطرس هي حيويّة لحياة الكنيسة محلّيًّا وعالميًّا. وهذا العنصر بالتّحديد قد ألهم المفاوضات وكان مرجعًا في صياغة نصّ الاتّفاق من أجل ضمان شيئًا فشيئًا وحدة الإيمان والشّركة بين الأساقفة والخدمة الكاملة للجماعة الكاثوليكيّة في الصّين. واليوم، ولأوّل مرّة منذ عدّة عقود، أصبح جميع الأساقفة في الصّين في شركة مع أسقف روما، وبفضل تنفيذ الاتّفاق، لن تكون هناك سيامات غير شرعيّة.

مع الاتّفاق لم تتمّ معالجة جميع المسائل المفتوحة أو المواقف الّتي لا تزال تثير قلق الكنيسة، وإنمّا موضوع التّعيينات الأسقفيّة حصريًّا. وإذ يذكّر بالمداخلة الأخيرة الّتي ألقاها أمين سرّ دولة حاضرة الفاتيكان الكاردينال بيترو بارولين في مؤتمر للمعهد الحبريّ للرّسالات الخارجيّة في ميلانو، يشير المقال إلى ظهور بعض سوء التّفاهم بشأن هذه المسألة. وقد نشأ العديد منها لأنّه نُسب إلى الاتّفاق أهداف لا يتضمّنها أو تمَّ ربطه بقضايا سياسيّة لا علاقة له بها.

إنَّ التّوقيع الّذي تمّ في بكين في أيلول سبتمبر عام 2018 يشكّل نقطة وصول لمسيرة طويلة ولكنّه أيضًا وقبل كلّ شيء نقطة انطلاق لاتّفاقيّات أوسع نطاقًا وبعيدة النّظر. والإتّفاق المؤقّت، الّذي بقي نصّه، نظرًا لطبيعته التّجريبيّة، طيّ الكتمان، هو نتيجة حوار منفتح وبنّاء. وموقف الحوار هذا الّذي يغذّيه الاحترام والصّداقة، هو أمر أراده وعزّزه قبل البابا فرنسيس، الّذي يدرك جيّدًا الجراح الّتي تعرّضت لها شركة الكنيسة في الماضي، وبعد سنوات من المفاوضات الطّويلة الّتي بدأها وسار بها أسلافه وفي استمراريّة لا ريب فيها للفكر معهم، أعاد تأسيس الشّركة الكاملة مع الأساقفة الصّينيّين الّذين مُنحوا السّيامة الأسقفيّة بدون تفويض بابويّ وأَذِنَ بتوقيع الاتّفاق حول تعيين الأساقفة، الّذي كان قد وافق عليه البابا بندكتس السّادس عشر.

ونقرأ في المقال أيضًا لقد حاولت بعض قطاعات السّياسة الدّوليّة تحليل عمل الكرسيّ الرّسوليّ بشكل أساسيّ وفقًا لتفسير جيوسياسيّ. أمّا في حالة نصّ الاتّفاق المؤقّت، فإنّ هذا الأمر بالنّسبة للكرسيّ الرّسوليّ هو مسألة كنسيّة عميقة. كذلك، هناك الوعي الكامل بأنّ هذا الحوار يعزّز بحثًا مثمرًا عن الخير العامّ لصالح المجتمع الدّولي بأسره. أمّا فيما يتعلّق بالنّتائج الّتي تحقّقت حتّى الآن، فقد تمّ تعيين أسقفين جديدين، بينما تدور عمليّات أخرى لتعيينات أسقفيّة جديدة. حتّى ولو، من النّاحية الإحصائيّة، قد لا تبدو هذه نتيجة عظيمة، إلّا أنّها تمثّل بداية جيّدة، على أمل الوصول التّدريجيّ إلى أهداف إيجابيّة أخرى. هذا أيضًا لأنّ حالة الطّوارئ الصّحّيّة الّتي سبّبها الوباء قد أثّرت على الاتّصالات بين الطّرفين وعلى تطبيق الاتّفاق. إنّ تطبيق الاتّفاق، بمشاركة فعّالة وأكثر نشاطًا من قبل أساقفة الصّين، يكتسب إذًا أهمّيّة كبيرة لحياة الكنيسة الكاثوليكيّة في الصّين، وبالتّالي بالنّسبة للكنيسة الجامعة. وفي هذا السّياق، نجد أيضًا الهدف الرّاعويّ للكرسيّ الرّسوليّ، وهو مساعدة الكاثوليك الصّينيّين، المنقسمين منذ زمن طويل، لكي يقدِّموا علامات مصالحة وتعاون ووحدة من أجل إعلان متجدّد وأكثر فعاليّة للإنجيل في الصّين.

يجب الاعتراف بأنّه لا يزال هناك العديد من حالات المعاناة الشّديدة. والكرسيّ الرّسوليّ يدرك ذلك بعمق، ويأخذه بعين الاعتبار جيّدًا ولا يتوانى عن جذب انتباه الحكومة الصّينيّة من أجل تعزيز ممارسة مثمرة للحرّيّة الدّينيّة. إنّ المسيرة لا تزال طويلة ولا تخلو من الصّعوبات. ولذلك يأمل الكرسيّ الرّسوليّ أن يساهم الاتّفاق المؤقّت والتّمديد في حلّ المسائل ذات الاهتمام المشترك الّتي لا تزال مفتوحة، مع الإشارة بشكل خاصّ إلى حياة الجماعات الكاثوليكيّة في الصّين، فضلاً عن تعزيز أفق دوليّ للسّلام، في مرحلة نشهد فيها على توتّرات عديدة في جميع أنحاء العالم."